في خان قديم بقلب العاصمة السورية دمشق، يتحدى معرض فني نادر للفن العربي والايطالي المحاذير بشأن إبراز الأثر الاوروبي على نهضة الفن العربي في القرن العشرين. ويعرض المعرض المقام في خان أسعد باشا الذي يرجع للقرن الثامن عشر أعمال لفنانين عرب إلى جانب أعمال الفنانين الايطاليين الذين علموهم أو كانوا مصدر الهام لهم. والنتيجة هي معرض قوي يظهر كيف تبنى الفنانون العرب المعاصرون الأساليب الاوروبية وحولوها لتبرز الاضطرابات السياسية في بلدانهم. وقالت الباحثة مارتينا كورنياتي "نحن نعيش أوقاتا صعبة ومن المهم أن يقاوم الفن الحروب الثقافية. يمكن للمرء أن يرى كيف أثرت المدارس الايطالية على الفنانين العرب الرواد." وسافر الكثير من الرسامين والنحاتين العرب إلى أوروبا وتحديدا إلى ايطاليا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية في الوقت الذي عزز فيه حكام قبضتهم على السلطة في أنحاء الشرق الاوسط. ومن عاد منهم من المنفى جلب معه أساليب القرن العشرين الاوروبية التي حددت معالم الفن العربي المعاصر الذي بدأ يكتسب تقديرا وشعبية من جديد. وقالت كورنياتي "تبنوا نهج المدرسة الايطالية بأسلوبهم الخاص."وأمضت كورنياتي عامين تجمع أعمال فنانين مصريين ولبنانيين وسوريين إلى جانب أعمال معلميهم الايطاليين من أجل المعرض الذي افتتح في العاصمة السورية الشهر الماضي والذي سيسافر أيضا إلى بيروتوالقاهرة. وتكمن الفكرة في عرض الأعمال في شكل "ثنائيات" ليرى الباحثون ومحبو الفن والجماهير أوجه الشبه بين الاثنين. ويأتي المعرض الذي تم تنظيمه في إطار سلسلة من الأحداث للاحتفال بحصول دمشق على لقب عاصمة الثقافة العربية هذا العام في توقيت مناسب للاستفادة ماديا من الاقبال الهائل على الفن العربي المعاصر. ويستثمر مشترون خليجيون بكثافة في الفن من جميع أنحاء العالم وهم على استعداد لدفع مبالغ طائلة من الأموال من أجل الحصول على أعمال أصلية لفنانين عرب. فعلى سبيل المثال، بيع عمل للفنان السوري الراحل فاتح المدرس بمبلغ 26 ألف جنيه استرليني (52 ألف دولار) في دار سوثبي للمزادات في لندن في أكتوبر تشرين الاول الماضي وهو ما يعادل مثلي القيمة التي كانت مقدرة له. والمعرض يهدف إلى إبراز كيف كان الأثر الفني بين العرب والاوروبيين على جانبي البحر المتوسط متبادلا وكيف ساهم في اثراء الجانبين. فعلى سبيل المثال، يقول النحات مصطفى علي انه تأثر بفن الاتروسك (شعب ايطاليا في العصور الوسطى) وانه اكتشف في وقت لاحق أن فن الاتروسك تأثر بالفينقيين. وأضاف "سوريا أنجبت أباطرة وبابوات رومان. لسنا منفصلين ثقافيا إلى هذا الحد عن الغرب وتكمن قوة المعرض في ابراز كيف تأثر الفنانون العرب لدى عودتهم من المنفى في اوروبا بالثقافة التي وجدوا أنفسهم فيها. وفي الوقت الذي واجهوا فيه حكومات قمعية فرضت قيودا على النقد العلني، لجأ الفنانون إلى المذهب التعبيري لتصوير الأفكار التي كان الناس يخشون المجاهرة بها. ووفقا لخبراء في الفن، فقد تسبب قمع النقد العلني في تحول الفن بشكل عميق إلى التجريدية الأمر الذي خلق نهضة قوية في فن الرسم العربي أثبتت اختلافها عن الاساليب الاوروبية التي الهمتها. وسينتقل المعرض الذي يحمل اسم "الفنانون العرب بين ايطاليا والمتوسط" والذي تدعمه وزارة الثقافة الايطالية والجامعة العربية إلى بيروت في أبريل نيسان ثم القاهرة في مايو أيار.