أشرقت شمس يوم8 ابريل الماضي علي ولاية مينيسوتا في شمال الولاياتالمتحدة لتشهد حدثا غريبا فقد انطلقت قوات كثيفة من مكتب التحقيقات الفيدرالي نحو اهداف محددة مسبقا بمدينة مينيابوليس التي تعد من اكبر مدن الولاية وكان الهدف هو البحث عن..اموال القراصنة الصوماليين في قلب الولاياتالمتحدة! كما اوردت جريدة الاهرام المصرية وخلال ساعات قليلة من بداية الحملة الامنية تمكنت اجهزة الامن الامريكية من مداهمة عدد من مكاتب شركات نقل تحويلات الاموال من الولاياتالمتحدة الي الصومال واريتريا وكينيا والسودان وعدد من الدول الافريقية. لم يكن ما شهدته مينيسوتا الا جزء من توجه عام نحو اكتشاف منابع تمويل قراصنة الصومال الذين يحصدون الملايين من عملياتهم ويملكون ثروات طائلة وتسليح حديث واجهزة معقدة تمثل عنصر جذب للمزيد من الشباب الفقير في الصومال وماحولها. خطة هيلاري : في يوم15 ابريل2009 اكدت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية ان بلادها ستتعامل مع القراصنة بشكل حاسم انطلاقا من كونهم مجرمين كونوا عصابات مسلحة تجوب البحر. واشارت هلاري الي ان وزارة الخارجية الامريكية ستتخذ اربع خطوات فورية في اطار الاستعدادات لوضع استراتيجية ضخمة لمكافحة القرصنة. اما الخطوات الاربعة التي حددتها هيلاري فكانت: * أولا: دفع الصوماليين الي التعاون مع الامريكيين فيما يتعلق بضرب قواعد القراصنة وتقليل المزايا( المال) التي تدفع شباب الصوماليين للانضمام لنشاط القرصنة. والتأكيد علي ان النجاح في القضاء علي نشاط القرصنة قبالة السواحل الصومالية يشمل زيادة قدرات الصوماليين علي فرض الإنضباط الأمني في اراضيهم. * ثانيا: وجهت هيلاري دعوة الي شركاء الولاياتالمتحدة في مجموعة الاتصال الدولية المتعلقة بالقرصنة لتحقيق قدر اكبر من التنسيق والمساهمة في تحرير كافة السفن التي يحتفظ بها القراصنة في قبضتهم حتي الان والقيام بالتعاون في مجال رصد وتجميد اموال واصول القراصنة. * ثالثا: اكدت هيلاري انها شكلت فريقا دبلوماسيا للإتصال بالمسئولين في الحكومة الصومالية الإنتقالية بالاضافة الي زعماء منطقة بونت لاند وستكون مهمة الفريق الدبلوماسي هي الضغط من اجل دفع المسئولين الصوماليين الي اتخاذ اجراءات ضد القراصنة العاملين في مناطقهم. * رابعا: وتعد تلك الخطوة ذات طابع اقتصادي تمويلي حيث اعلنت هيلاري ان مسئولية مكافحة القرصنة لاتقع علي عاتق الحكومات وحدها بل هي عبء مشترك يجب ان تتحمله الشركات العاملة في مجال السفن والنقل البحري الي جانب الحكومات. وهكذا كما اظهرت خطة هيلاري ان التركيز بات اكثر من اي وقت مضي علي تتبع ورصد وحصار مصادر التمويل الخاصة بعمليات القرصنة والبحث عن الرؤوس الحقيقية التي تحرك وتمول القراصنة وعملياتهم من وراء الستار. ومضة في الظلام : وفيما يمكن وصفه بأنه ومضة في ظلام الغموض المحيط بالرؤوس الحقيقية التي تمول وتوجه القراصنة امام سواحل الصومال وفي خليج عدن قامت مجموعة من ابرز شركات التأمين المتعاملة مع لويدز للتأمين بالاستعانة بخدمات شركة ايدارات ماريتايمالمتخصصة في مجال الحماية الأمنية البحرية بهدف البحث عن مصادر تمويل القراصنة وسبل حماية السفن التي تقوم بالتأمين لدي تلك الشركات. ولكن اذا كانت الردود قد جاءت من الامارات العربية فإن باقي الدول والجهات التي اشارت اليها التحريات لم يصدر عنها اي احتجاجات تذكر. وجاءت ومضات ضوء جديدة من كينيا هذه المرة حيث اشارت تقارير امنية امريكية الي ان النظام المالي بكينيا يشهد غسل اموال تقدر ب100 مليون دولار سنويا نتيجة لوجود العديد من الثغرات في النظام. وتم توجيه الانظار الي نظام تحويلات الأموال غير الرسمي المعروف بالحوالة والذي يطبق في كينيا ويساعد علي غسل الاموال لما به من ثغرات واشار العاملون في شركات النقل البحري بكينيا الي ان هذا النظام ينتشر في العديد من مناطق العالم بما فيها اوروبا والولاياتالمتحدة. وقد تمكن فريق تحريات من صحيفة صنداي نيشن الكينية من رصد شبكات لغسل الأموال في عدد المناطق بكينيا مثل:الشطر القديم من مدينة مومباسا وفي احدي ضواحي العاصمة نيروبي وفي العاصمة الأوغندية كمبالا وفي جوبا والعاصمة التنزانية دار السلام. ومن خلال هذه الشبكات يتمكن القراصنة من غسل اموال الفدي التي يحصلون عليها قبل ان تعود في شكل مكافآت مجهولة المصدر الي القراصنة العاملين في البحر وفي شكل اجهزة ومعدات اليكترونية متطورة وتسليح كثيف. وعلي الرغم من المعلومات التي توصلت اليها التحريات المعلنة حتي الان فإن الغموض والظلام مازال محيطا بالشبكات التي تدير عمليات القرصنة من وراء الستار.