أجري الحوار في واشنطن: عاصم عبد الخالق اللوبي اليهودي أو جماعات الضغط الأمريكية المؤيدة لإسرائيل اكبر كثيرا من منظمة' ايباك' الشهيرة. هناك أيضا عشرات الجماعات القوية والمؤثرة غيرها. هذه حقيقة مهمة تتواري خلف أضواء الشهرة المسلطة دائما علي ايباك وحدها. الحقيقة الثانية المهمة أيضا هي أن هذا اللوبي القوي والفعال والنافذ ليس مؤيدا علي طول الخط للسياسات والحكومات الإسرائيلية. هذه المفاجأة التي يعتبرها العرب سارة ظهرت بوضوح خلال الأسابيع الماضية بعد الانتخابات الإسرائيلية والإعلان عن تشكيل الحكومة اليمينية الحالية. كان لافتا للنظر انتقاد العديد من تلك المنظمات اليهودية لتوجهات هذه الحكومة وآراء ومواقف قادتها خاصة رئيسها بنيامين نتانياهو ووزير خارجيته المتطرف افيجدور ليبرمان. منظمة' أمريكيون من أجل السلام الآن' اليهودية هي واحدة من المنظمات التي تجسد الحقيقتين السابقتين. فهي إحدي أقوي الجماعات اليهودية التي لا تقل نشاطا وتنظيما وتمويلا وقدرة علي الاتصال بالإدارة والكونجرس والإعلام من زميلتها ايباك. وهي من ناحية أخري تحمل لواء المعارضة العلنية لتوجهات اليمين الإسرائيلي المتشدد. وهي الامتداد الأمريكي لشقيقتها الإسرائيلية الشهيرة' السلام الآن'. وخلال المؤتمر الذي عقدته ايباك الأسبوع الماضي أصدرت' السلام الآن الأمريكية' بيانا قويا انتقدت فيه كلمة نتانياهو إلي المؤتمر لفشله في تأكيد الالتزام بحل الدولتين ومراوغته في التعهد بوقف الاستيطان مما جعل إخلاصه في الالتزام بالسلام موضعا للتشكك. وقد تأسست المنظمة عام1981 وهي تعلن رسميا أنها جماعة يهودية مؤيدة لإسرائيل وان هدفها هو مساعدتها في التوصل إلي سلام شامل لأنه الحل الأفضل لأمنها وبقائها كدولة يهودية. وللمنظمة مواقف كثيرة تعكس توجهاتها المعتدلة فهي تؤيد إقامة الدولة الفلسطينية وتعارض الاستيطان وتدعو إلي الحل الشامل علي كل المسارات, وتؤيد حكومة وحدة وطنية فلسطينية بل تدعو واشنطن لان تكون علاقتها بهذه الحكومة علي أساس الالتزام بالسلام وليس علي أساس مشاركة أو عدم مشاركة حماس فيها. وتؤيد أيضا الحوار الأمريكي مع إيران وسوريا. وتبدي تعاطفا كبيرا مع الفلسطينيين حتي أن أحدث الندوات التي نظمتها في واشنطن استضافت فيها الطبيب الفلسطيني عز الدين أبو العيش الذي قتلت القوات الإسرائيلية3 من بناته خلال عدوانها علي غزة, وهو داعية سلام ومرشح لجائزة نوبل. للمنظمة أيضا مواقف ايجابية للغاية من مصر وتعارض ربط المساعدات الأمريكية بوقف التهريب إلي غزة. وتدافع عن المساعدات إلي مصر وإسرائيل والأردن والفلسطينيين لتعزيز السلام. وتقول في بيان رسمي لها: إن مصلحة أمريكا الإستراتيجية الحيوية هي في بقاء مصر قوية والحفاظ علي علاقات متينة معها. أما موقفها من ليبرمان فيعطي إحساسا لمن يطالعه بأنه صادر عن جهة عربية أو فلسطينية لحدة انتقاداتها له. وهي المنظمة اليهودية الوحيدة في أمريكا التي عارضت علنا ضمه إلي ائتلاف اولمرت عام2006 وتهاجم ما تصفه بالتصريحات المتعصبة والعنصرية له وتندد بدعوته لطرد عرب48 كما نددت بقوة بتصريحاته ضد مصر الشريك الرئيسي في صنع السلام وفقا لبيانها المعلن. السطور التالية تلقي مزيدا من الضوء علي حقيقة تلك المنظمة اليهودية ورؤيتها للأحداث الجارية من خلال حوار مع رئيستها ومديرتها التنفيذية ديبرا ديلي. وهي سياسية أمريكية مخضرمة من مواليد شيكاغو1948 وعضوة نشطة في الحزب الديمقراطي وتولت رئاسة لجنته الوطنية بين عامي1993 و1995. قلق من نتانياهو هل تعتقدين أن الحكومة الحالية في إسرائيل يمكن أن تتسبب في تعطيل عملية السلام أو جعلها أكثر تعقيدا علي ضوء مواقفها المعروفة ورفض نتانياهو حل الدولتين وكيف ترين تأثيرها المحتمل علي مجمل الأوضاع في المنطقة؟ بصرف النظر عن تشكيلة هذه الحكومة نحن نشعر بالقلق من السياسات المحتملة لها. ونشعر بقلق أيضا من أن تلك الحكومة قد لا تستفيد من الميزة التي توفرها لها حسن النوايا الذي تبديه أدارة الرئيس اوباما إزاء عملية السلام في الشرق الأوسط ورغبتها في المساعدة علي تقدم هذه العملية. ونحن نحث رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته علي المشاركة مع قيادة الشعب الفلسطيني وأصدقاء إسرائيل في واشنطن لتحقيق أهداف الأمن القومي المشتركة بين إسرائيل والولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط وهي الاستقرار والأمن والسلام. سبق أن وجهت منظمتكم وأنت شخصيا انتقادات حادة إلي ليبرمان بسبب تصريحاته المعادية للسلام. هل تعتقدين أن وجوده في الحكومة انتكاسة لمحاولات مد الجسور بين إسرائيل والعرب خاصة مع مصر؟ نحن نشعر بقلق بالغ حول التأييد الذي حصل عليه ليبرمان من الإسرائيليين( في الانتخابات) ونشعر أيضا بقلق من التأثير المحتمل الذي يمكن أن تخلفه وجهات نظره علي علاقات إسرائيل مع جيرانها ومع الفلسطينيين أو فيما يتعلق بالعلاقات بين اليهود والعرب داخل إسرائيل نفسها. وتصريحاته البغيضة بخصوص مصر هي موضع قلق خاص بالنسبة لنا. نحن نري مصر كحليف إقليمي. وكل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل تؤيدان بقوة الجهد المصري لدفع السلام والاستقرار في المنطقة. قلقكم علي مسيرة السلام بسبب وجود تلك الحكومة اليمينية المتشددة في إسرائيل يبدو غريبا فقد سبقتها حكومة من ائتلاف يمين الوسط واليسار بقيادة كاديما وكانت أكثر اعتدالا ومع ذلك لم تفعل أي شيء لتحقيق السلام. أليس كذلك؟ نحن نريد حكومة إسرائيلية تدفع مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه تتخذ إجراءات علي الأرض لإيجاد البيئة المناسبة للسلام. نحن محبطون بالفعل من تراخي الحكومة السابقة إزاء مسائل مهمة مثل بناء المستوطنات وتحسين حرية الحركة للفلسطينيين في الضفة الغربية. ونأمل أن تتخذ الحكومة الحالية إجراءات علي هذين الصعيدين. وندعو الإدارة الأمريكية لدفع هذه الحكومة للقيام بهذا. هذا يدعونا للتساؤل حول توقعاتكم بما يمكن أن تقوم به هذه الإدارة لتحقيق السلام؟ لدينا أمل كبير في أن إدارة اوباما ستواصل العمل علي تنفيذ تعهداتها بأن تكون عملية السلام علي رأس أولوياتها. وما قامت به منذ البداية كان مبشرا. فتعيين السناتور جورج ميتشيل مبعوثا خاصا للسلام أمر ايجابي علي نحو خاص. لان ميتشيل لديه الحنكة والخبرة لقيادة وتوجيه الجهود إلي الاتجاه الصحيح. وهو يتولي منصبه كمبعوث خاص للرئيس اوباما مع تفويض وتوجه محددين. ومع ذلك ومع أننا نعتبر أن تعيينه أمر ايجابي للغاية فلابد من تدعيم جهوده من خلال مشاركة اوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. قضايا الوضع النهائي انتم جماعة يهودية معتدلة ما هو دوركم في تقديم المعلومات الصحيحة إلي الرأي العام الأمريكي حول ما يجري في الشرق الأوسط. وما هو طبيعة التنسيق بينكم وبين الجماعات اليهودية والعربية الأخري في الولاياتالمتحدة؟ نعتقد أن لدينا دورا رئيسيا في تثقيف الرأي العام الأمريكي بشأن الصراع العربي الإسرائيلي وأيضا بخصوص أفاق السلام في المنطقة. ونحن نرتبط بصورة وثيقة جدا مع المنظمة الإسرائيلية الشقيقة لنا السلام الآن. وهي اكبر حركات السلام الإسرائيلية التي تلتزم بنفس المهمة التثقيفية في إسرائيل. كما أننا نتعاون بصورة وثيقة مع الجماعات العربية والفلسطينية الأمريكية. ما هو موقفكم من قضايا الوضع النهائي أي الانسحاب من الأراضي المحتلةوالقدس واللاجئين والمستوطنات؟ موقفنا من كل تلك القضايا معلن بكل التفاصيل وننشره علي موقعنا علي الانترنت ويمكن للجميع مراجعته في أي وقت. وعموما يمكنني أن أقول باختصار ما يلي: نحن ندعم تسوية تاريخية بين الإسرائيليين والفلسطينيين تسفر عن إقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة تعيش في سلام وأمن مع إسرائيل. ونؤمن بان مثل هذه التسوية يجب أن تتضمن مسائل القدس والمستوطنات واللاجئين وكلها لابد أن تشملها اتفاقية الوضع النهائي بين إسرائيل والفلسطينيين. ما هو دور الجماعات اليهودية في أمريكا عموما.. هل هو الدفاع الدائم عن إسرائيل؟ نحن مؤيدون بقوة لإسرائيل وأمنها. ونحن نؤمن بأن المفتاح لتحقيق أمن إسرائيل علي المدي البعيد طويل المدي هو اتفاقيات السلام مع جيرانها العرب. نحن أيضا وفي المقابل ننتقد السياسات والتصرفات الإسرائيلية التي لا تخدم ولا تدفع قضية السلام مثل بناء المستوطنات في الضفة الغربية.