يحدق علماء يضعون نظارات الرؤية ثلاثية الابعاد في سحب افتراضية قرنفلية وزرقاء وارجوانية تتجمع في الفضاء الالكتروني بمعمل للابحاث في مدينة ديلفت الهولندية. ويأمل هؤلاء من خلال رصد كيفية تحرك الجزيئات في وحول سحب تمت محاكاتها بالكمبيوتر القاء الضوء على واحد من الامور المجهولة في مجال التنبؤ بالمناخ وهو كيف تؤثر هذه الكتل من قطرات الماء وبللورات الثلج على درجات الحرارة المتغيرة. وبدأ هذا البحث بجامعة ديلفت للتكنولوجيا بسبب حاجة العلماء التي تزداد الحاحا لتحسين سبل التكهن بالتغير المناخي. والى جانب عمل العلماء الهولنديين يطلق مشروع تموّله وكالة الفضاء الاوروبية ووكالة الفضاء اليابانية بعدة ملايين من اليورو قمرا صناعيا قريبا للمساعدة في ازالة الغموض عن السحب التي هي ايضا مصدر الهام لآلاف من هواة رصد السحب الذين ينشرون تعليقاتهم والصور التي يلتقطونها على الانترنت. ويشرح الباحث ثيجس هيوس الطالب السابق بالمعمل أنه استخدم تقنية المحاكاة لوضع رسوم بيانية لبيانات مثل سرعة ودرجة حرارة وعمر السحب. وقال "نقوم بترقيم السحب ورصدها وعبر دورة حياتها بالكامل، بامكاننا ايضا أن نعطيها لونا لنرى ان كانت جزيئات التراب تتحرك الى اعلى او الى اسفل داخل وحول السحب" موضحا أساليب مراقبة السحب بمزيد من التفصيل عبر تكبير صورها الافتراضية على الشاشة. ويأمل العلماء في ديلفت أن يحصلوا على صورة اكثر دقة حول كيفية تفاعل السحب مع التغير المناخي باستخدام تكنولوجيا قوية وبيانات عبر الاقمار الصناعية. ويقول هارم يونكر الاستاذ المساعد بالجامعة "هناك عدم تيقّن هائل بشأن ما ستفعله السحب وكيف ستستجيب لمناخ متغير وهذا عائق كبير امام التنبؤ بالمناخ." وأشارت لجنة المناخ التابعة للامم المتحدة في تقريرها لتقييم المناخ عام 2007 الى تفاوت التوقعات حول مدى ارتفاع درجة حرارة الارض في القرن القادم من 1ر1 الى 4ر6 درجات مئوية لتظل السحب أحد مصادر التشكك الرئيسية. وقال يونكر انه ليس واضحا على سبيل المثال ما اذا كان سيصبح هناك 1كم اقل او اكثر من السحب المنخفضة مثل السحب الركامية في الظروف الاكثر دفئا وهو ما سيؤثر على معدل الاحتباس الحراري لدورها في عكس ضوء الشمس بعيدا عن الارض. وأضاف يونكر "في مناخ اكثر دفئا اذا كان هناك مزيد من البخر يمكن أن يؤدي هذا الى مزيد من السحب المنخفضة التي يمكن أن تقلل من اثار الاحتباس الحراري المناخي." وتابع أن الهواء الساخن يستطيع الاحتفاظ ب 1 كم من بخار الماء اكبر من الهواء البارد قبل أن يشكل سحبا وبالتالي قد يكون هناك 1 كم أقل من السحب المنخفضة مع ارتفاع درجة حرارة الارض وهو ما سيسرع من الاحتباس الحراري. وتوقعت لجنة المناخ التابعة للامم المتحدة أن ارتفاع مناسيب البحار وازدياد خطرالجفاف والفيضانات وانقراض الانواع ستكون بعض الاثار المرجحة لارتفاع حرارة الارض الذي يحدث في الاساس بسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من حرق الوقود الاحفوري. وحول علماء فضاء اوروبيون ويابانيون اهتمامهم الى السحب بسبب الحاجة الماسة الى البحث. ويهدف مشروع قمر صناعي تكلفته 350 مليون يورو من المقرر اطلاقه عام 2014 الى تحسين فهم الدور الذي تلعبه السحب في ضبط المناخ. وتقوم وحدة استريوم من مجموعة ايدس الاوروبية للفضاء والطيران بتجميع المشروع المعروف باسم "ايرثكير" ويجمع بين تكنولوجيا الاقمار الصناعية الخاصة بمراقبة السحب الموجودة بالفعل وأدوات جديدة من أجل صورة اكثر دقة. وقال ستيفن بريجز رئيس قسم علوم ومراقبة وتطبيقات وتقنيات الارض المستقبلية بوكالة الفضاء الاوروبية "انه اكثر تعقيدا من اي شيء يطير في الوقت الحالي." واضاف "صعوبة السحب هي أننا لا نستطيع الرؤية من خلالها وبالتالي علينا العثور على سبل للنظر عبر هيكلها ثلاثي الابعاد مثل ما يحدث باستخدام انظمة رادار." ويقوم عشاق السحب الذين يقضون اوقات فراغهم في البحث عن تنويعات غير معتادة ودراسة تأثيرها على الكوكب بمتابعة التقدم في الابحاث عن كثب. وتقول جمعية تقدير السحب في موقعها على الانترنت حيث تنشر بانتظام صورة (سحابة الشهر) "نعتقد أن السحب مفترى عليها بشكل جائر وأن الحياة ستكون اكثر بؤسا بدرجة لا حد لها بدونها." ويلتقط الاف الاشخاص صورا غير عادية او مذهلة للسحب بالكاميرات ويتشاركونها على الانترنت. ويحرص المهتمون بالاعتراض على المواقف السلبية من السحب التي أدت الى ظهور عبارات مثل "سحابة قاتمة في الافق"وحتى اكثر السحب قتامة لها اطار فضي. ويقول جافين بريتور بيني مؤلف كتاب (دليل راصد السحب) "فكرت أن الوقت قد حان ليدافع أحد عن السحب لان كثيرا جدا من الناس يشتكون منها." وأضاف "انها اشياء فوضوية يصعب التنبؤ بها ويصعب فهمها فهما تاما، لكن الحقائق بدأت تظهر لتشير الى أنها تلعب دورا حاسما وجوهريا في ضبط درجات الحرارة وتأثيرها على الكوكب." (رويترز)