المصرى اليوم 18/ 4/ 2009 فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، سئل السيد حسن نصرالله، عن رأيه فى الهجمات التى شنها تنظيم القاعدة، على الأهداف الأمريكية فى نيويورك وواشنطن، فقال: ليس من شأنى أن أبدى رأياً فيما يفعله غيرى، ولكننا فى حزب الله نحارب عدونا الذى يحتل أرضنا، على الأرض التى يحتلها من بلادنا.. وليس من أى جهة أخرى. أيامها، كتبت أقول إن السيد حسن نصرالله، أثبت أن العمامة - على غير العادة - يمكن أن تعلو رأساً يفهم فى السياسة، ويقدر ضروراتها، ويستوعب المنهج الصحيح لحركات التحرر الوطنى، كما انتهت إليها خبرة هذه الحركات على امتداد التاريخ وفى كل أنحاء المعمورة، وخلاصته أن تحرير أى أرض محتلة، هو مهمة شعبها فى الأساس، وليس مهمة أى شعب - أو بلد - آخر، وأن ممارسة الشعب الخاضع للاحتلال للعنف تكتسب مشروعيتها - السياسية والإنسانية حتى الدينية - طالما هى تمارس على أرضه المحتلة، وضد المحتلين الذين يمارسون العنف ضده. وفى الأسبوع الماضى، قال السيد حسن نصرالله، فى سياق تبريره للأنشطة التى كانت تقوم بها مجموعة من حزب الله فى مصر، ضمت - كمال قال - عشرة من أعضاء الحزب، ضبط أحدهم ولايزال البحث يجرى عن الآخرين، إن هؤلاء كانوا مجرد «عتالين» يقومون بنقل الأسلحة إلى غزة، لمساعدة أهلها على مقاومة إسرائيل.. دون القيام بعمل يمس أمن مصر، لأن حزب الله - كما عاد ليؤكد - يحارب إسرائيل داخل الأرض التى تحتلها من لبنان، وأنه - على العكس من تنظيم القاعدة - لا يحارب إسرائيل - بالسلاح - فى غير هذا الميدان، فهو حزب وطنى لبنانى لا يتدخل فى الشؤون الداخلية للبلاد الأخرى، ويحرص على ألا يقوم بأى عمل يسبب الحرج للحكومة اللبنانية أو للدولة اللبنانية. وعلى نحو ما، بدا لى ما قاله سماحة السيد ينطوى على تناقض يجعله عصياً على التصديق، فالمتهم الذى قبض عليه - كما قال سماحته - هو عضو، فى مكتب مصر، بحزب الله، وبهذه الصفة. كما قال المتهم فى اعترافاته، كلفه المسؤول عن دول الطوق بالحزب، بالمهمة التى كان يقوم بها فى مصر، وهو كلام لا معنى له، إلا أن الهيكل التنظيمى لحزب الله، يضم مستوى يحمل اسم «أمانة - أو لجنة أو قيادة - دول الطوق» تتبعه مكاتب فى ثلاث دول عربية أخرى هى مصر والأردن وسوريا، وهى - مع لبنان - الدول المحيطة بإسرائيل، مما يتنافى مع المنهج المعلن للحزب، بأن جهده مقصور على مقاومة إسرائيل على الأرض التى تحتلها من لبنان دون سواها. ويؤكد أن الحزب قرر توسيع مواجهته مع إسرائيل، لتشمل دولاً عربية - وربما عواصم عالمية - أخرى، لتكون بذلك طبقة أخرى من تنظيم القاعدة الذى لا تجلب استراتيجيته الخاطئة على العرب والمسلمين، إلا الدمار، وخراب الديار، ولم يستفد منها أحد، إلا أعداؤهم. ولعلى - كغيرى من المصريين الذين يقدرون حزب الله ويقدرون سماحة السيد - كنت أتمنى أن تكون المهمة التى كلف بها مسؤول دول الطوق بحزب الله، هذه المجموعة من النشطاء فى مكتب مصر بالحزب، مقصورة على القيام بعملية «العتالة» - أى نقل الأسلحة للمقاومين فى غزة، ولو أنها اقتصرت على ذلك فلا أظن أن الإدارة المصرية، كانت ستتعامل معه بالطريقة الحادة التى تتعامل بها مع الموضوع، الآن، لولا أن اعترافات المتهم تقول إن هذه المجموعة بدأت نشاطها فى مصر منذ خمس سنوات، أى فى الوقت الذى كانت فيه الأوضاع فى غزة هادئة لا تتطلب «عتالة» أو «شيالة». وتقول إن المجموعة نشطت لرصد أماكن تجمع السياح الإسرائيليين ولرصد السفن المارة فى قناة السويس، تمهيداً لتوجيه ضربة لإسرائيل انتقاماً منها لقيامها باغتيال «عماد مغنية».. وهو كلام لا معنى له، إلا أن مسألة «العتالة» إلى غزة، هى مجرد ذريعة ربما تكون قد انتحلت لإضفاء مشروعية على نشاط المجموعة، أمام الرأى العام المصرى واللبنانى والعربى، حتى لا تنفضح الحقيقة التى تقول إن حزب الله عجز عن أن يرد على اغتيال عماد مغنية عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية حتى لا يحرج بلده، ولا يخالف القرار 1701 الذى صدر عن مجلس الأمن عقب حرب 2006 على لبنان، أو أن يرد عليها عبر الحدود بين سوريا - التى اغتال الموساد على أرضها عماد مغنية - حتى لا يحرج حلفاءه لأنهم يخرقون الهدنة التى وقعوها مع إسرائيل منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وقرر أن يرد عليها من مصر، باعتبارها «الحيطة الواطية». فكيف فات على ذكاء السيد حسن نصرالله، أن يتنبه إلى أن تفجير سفينة إسرائيلية فى قناة السويس، أو اغتيال سياح إسرائيليين فى سيناء، هو عمل لا يقتصر ضرره على إسرائيل، بل هو يضرب مصالح الشعب المصرى - وليس الحكومة وحدها - فى الصميم، ويؤدى إلى وقف الملاحة فى القناة، وإلى وقف السياحة، فى وقت يعانى فيه العالم كله من الركود الاقتصادى الزاحف.. وتتراجع فيه إيرادات القناة ومدخول السياحة فى مصر.. التى فيها ما يكفيها! وكيف فات على ذكاء السيد حسن نصرالله، أنه هو الذى أساء إلى موقف حزب الله الانتخابى، حين اعترف فى خطابه بأن الحزب يضم أمانة باسم «أمانة دول الطوق» تحتفظ بمكاتب فى مصر وسوريا والأردن، لابد أنها تنشط فى هذه البلدان بالطريقة نفسها التى نشط بها مكتب مصر، وهو ما يعنى بالنسبة للناخب اللبنانى، أن الحزب يمكن أن يورط لبنان فى مشاكل مع دول أخرى، كالمشاكل التى سببها «أسامة بن لادن» لإمارة «طالبان»! وكيف فات على ذكاء السيد «حسن نصرالله» أن يدرك أن الشعب المصرى مهما كانت التباينات فى مواقف تياراته السياسية، لا يقبل أن يتعامل أحد مع بلده، باعتباره «الحيطة الواطية» والشقيقة الكبرى التى يجوز لأطفال العائلة المهذبين المؤمنين المناضلين أن يستبيحوا كرامتها، وأن يشتموها، وأن يشعلوا النيران فى ملابسها، وأن يهدموا البيت على رأسها، دون أن يكون من حقها أن تفتح فمها بكلمة لتحتج أو تعترض، أو حتى تقول: بس يا حبيبى.. بلاش حماقة.. وقلة أدب!