كنا نقرأ ونعرف ونشعر بأن جو مصر "حار جاف صيفا.. دافيء ممطر شتاء.. "ولأن دوام الحال من المحال« فقد اختلف الأمر.. فالصيف يأتي شديد الرطوبة«.. كثير الموجات الحارة الساخنة.. والشتاء يهل علينا بقسوة البرد وقلة المطر . ليس هذا فقط، فتغيير مفاتيح الخريطة الجوية يشير إلي تداخل فصول السنة مع بعضها البعض.. لدرجة انك يمكن ان تشعر بالصيف والخريف والشتاء، والربيع في يوم واحد خبراء الارصاد يرون ان الامر "عادي" وانه لايوجد تطرف في الحالة الجوية.. بينما يدق خبراء المناخ ناقوس الخطر بسبب ارتفاع حرارة الارض ويحذرون من ظاهرة "الصيف الطويل". قد يكون رأي "الارصاد الجوية" مختلفا عن رأي خبراء المناخ بسبب طبيعة العمل والمهام.. بسبب التركيز علي رصد الحالة الجوية.. وربما يرجع الاختلاف إلي دور الارصاد في التنبؤ- لفترات محددة- بنتائج الحاضر والمستقبل القريب لخريطة الجو. فبينما يؤكد د. حمدي عباس رئيس هيئة الارصاد الجوية ان ما نلمسه من تغيرات في الجو امر طبيعي ويحدث عادة في مثل هذا التوقيت.. نجد ان خبراء المناخ لهم رأي آخر وتفسيرات مختلفة.. فماذا قالوا؟ الصيف الطويل نحن نعيش الآن ظاهرة جوية يطلق عليها "الصيف الطويل".. بذلك وصف الدكتور مسلم شلتوت- نائب رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك- الاختلاف في درجات الحرارة من آن إلي آخر دون تناسب للفصل الجوي السائد ويوضح ان هذه الظاهرة كانت تحدث من قبل خاصة في الفترات التي تعقب العصور الجليدية الصغيرة بسبب نشاط البراكين مما يؤدي إلي حدوث تغيرات مناخية لاتتناسب مع طبيعة الوقت- فعلي سبيل المثال- تجد درجات الحراراة مرتفعه جدا في منتصف فصل الشتاء.. واذا كنا حاليا نعيش اجواء فصل الربيع ومن قبله فصل الشتاء، ولاحظنا إرتفاعا في درجات الحرارة معظم ايام الفصل، بالرغم من إندثار ظاهرة حدوث البراكين علي وجه الارض أو إختفائها إلي حد ما في العقود الماضية، فماذا الارتفاع الساند في درجات الحرارة حاليا؟.. لعل السبب الرئيسي- والكلام للدكتور شلتوت- يتمثل في ظاهرة الصيف الطويل التي نعيشها حاليا والتي ترجع إلي ان تدخل الانسان الطبيعة من خلال استخدام "الطاقات الاحفورية" المتكونة من الطاقة غير المتجمدة كالبترول والغاز الطبيعي والفحم والوقود الحفري داخل المدن الصناعية الكبري مما تسبب في إرتفاع نسبة غاز ثاني اكسيد الكربون عن معدلاته الطبيعية في طبقات الجو، والذي من المفترض ان تصل نسبته إلي 001جزء في المليون الا ان النسبة الحالية وصلت إلي 003 جزء في المليون. المخاطر والتحديات ولأننا في مصر إعتدنا علي المناخ الحار الجاف صيفا والدافيء الممطر شتاء فقد شعر المواطنون بالتغيرات المناخية الجارية حيث شهد فصل الشتاء الماضي ارتفاعا في درجات الحرارة معظم ايام الفصل مع السقوط القليل للامطار.. وذلك يتنافي مع طبيعة فصل الشتاء التي تعودنا عليها، ويضيف د. شلتوت ان ما يحدث حاليا هو التفسير الصحيح لظاهرة »الصيف الطويل« فزيادة ثاني اكسيد الكربون يؤدي إلي احتباس حراري نتيجة إمتصاص الاشعة الحمراء القادمة من الشمس وعدم إرجاعها مرة اخري إلي الفضاء الخارجي فيؤدي إلي إرتفاع درجات الحرارة 1 درجة مئوية علي مستوي الكرة الارضية. وعن تأثير هذه الظاهرة علي سطح الارض، يقول د. شلتوت انه توجد العديد من المخاطر المترتبة علي هذا الارتفاع في درجات الحرارة، ويأتي في مقدمة هذه المخاطر زيادة منسوب سطح البحر بمقدار 1 متر في نهاية هذا القرن، وهو ما يهدد الشواطيء والمدن الساحلية والمحافظات التي تطل علي الدلتا بسبب إمكانية تعرضها لفيضانات وزيادة الامواج بما يؤدي إلي غرق هذه المدن والشواطيء، اما ثاني هذه المخاطر فيتعلق بانتقال احزمة الامطار وهو ما قد ينتج عنه إمتناع سقوط الامطار علي دول جنوب البحر المتوسط الذي ينتمي إليه الساحل الشمالي في مصر لتنتقل هذه الامطار إلي دول شمال البحر المتوسط الذي تطل عليه بعض الدول الاوروبية. وبالطبع سيصاحب ذلك العديد من الامراض مثل الكرليرا والملاريا والتي بدأت في الانتشار داخل بعض الدول الافريقية القريبة من مصر، خاصة وان هذه الامراض تنتشر في المناطق الحارة. النوة.. هي السبب وعن تفسيره للتذبذب في حالة الجو يقول الدكتور محمد محمود عيسي- وكيل وزارة الطيران المدني لبحوث الارصاد الجوية ان مصر شهدت مؤخرا العديد من النوات المصاحبة للرمال والاتربة ما ترتب عليه عدم استقرار الاحوال الجوية معظم فترات الشتاء الماضي مشيرا ان البلاد تتعرض سنويا إلي 52 نوة تختلف في شدتها من عام إلي آخر، وقد زادت نوات فصل الشتاء الماضي، فنتج عن ذلك الاحساس الدائم بارتفاع درجات الحرارة عن المعتاد. ويطالب. عيسوي بالالتزام باتفاقية "كيوتو" التي تحتم علي الدول الصناعية الكبري الالتزام بالكود العالمي في تخفيض الانبعاثات التي يتم إطلاقها من المصانع المختلفة، حيث تبث هذه المصانع نسبا كبيرة من غاز ثاني اكسيد الكربون في الجو بما يتسبب في إرتفاع حرارة الارض، وبالتالي تتأثر حركة الامطار من خلال تغيير اتجاهاتها، والتأثير ايضا علي ارتفاع منسوب البحر. مؤثرات خارجية يؤكد د. أنس محمد ابراهيم- استاذ متفرغ بالمعهد القومي للبحوث الفلكية- ان التغيرات التي شهدها حاليا الجو كتداخل فصول السنة الاربعة وإرتفاع درجات الحرارة عن المعتاد خاصة في فصل الشتاء ترجع إلي وجود بعض المؤثرات الخارجية المتسببة في ذلك، يأتي في مقدمتها انقراض الغابات، والذي تسبب في إنخفاض نسبة الاكسجين علي سطح الارض وازدياد ثاني اكسيد الكربون وبالتالي يوجد عدم توازن في نسبة الغازات التي تحتوي عليها طبقات الغلاف الجوي، وهو ما انعكس علي درجة حرارة الجو بالارتفاع. ويضيف د. انس: اضافة إلي انقراض الغابات، تأتي ايضا ظاهرة الاحتباس الحراري والتصحر بسبب زيادة انشطة النهضة الصناعية وما يصاحبها من احتراق الوقود في الهواء مما كان له الآثر الاكبر، في حدوث خلخلة في غازات الغلاف الجوي، من ثم تداخلت فصول السنة الاربعة ، واصبح الانسان العادي يشعر بحدوث اختلافات في درجات الحرارة خلال اليوم الواحد داخل الفصل الواحد