اشتعلت حرب الأفيشات من جديد بين نجوم السينما المصرية ابطال أفلام نصف العام وأصبح الأفيش هو الاختبار الحقيقي لعلاقات الفنانين بعضهم البعض وتزداد هذه الحرب سخونة خاصة بين وكالات الإعلان المالكة للافتات بعضها بعضا، وبينها وبين شركات الإنتاج ومصممي الأفيش، الذين يرونه ليس مجرد وسيلة لإعلانات دعائية للأفلام فحسب، بل لوحات فنية تتصارع في جذب عين المشاهد، في طريقة تلخيص أحداث الفيلم في لقطة فنية مكثفة، وكذلك طريقة وضع أسماء أبطال الفيلم، وأحجام صورهم، كما تختلف أحجام الأفيشات، وأماكنها وطرق عرضها. ويعد ترتيب أسماء الممثلين من أكثر المشاكل التي تثيرها الأفيشات، فالمنتج هو الذي يتحكم في طريقة وضع أسماء وصور وحجم بنط أبطال الفيلم، وقد يلجأ مصمم الأفيش إلى التلاعب بأسماء الممثلين عبر تعليتها أو تغيير البنط، وأحيانا يلجأ إلى وضع صورهم فقط دون وضع أسماء. وأحدث تلك الخلافات وقعت بين الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي والمخرج خالد يوسف حول أفيش فيلم دكان شحاتة حيث تحفظت هيفاء على شكل أفيش الفيلم الذي بدأ يظهر في شوارع القاهرة، والذي تقوم الشركة بتصميمه حاليا، حيث يركز الأفيش على اسم خالد يوسف، ووضع جميع أبطال الفيلم في الحجم نفسه وفي ذات المساحة، وهو العرف الذي أعتاد عليه المخرج خالد يوسف في جميع أفلامه، حتى إذا كان يشارك فيها نجوم سوبر ستار . وهو ما لم ترض عنه هيفاء. وداخل كواليس فيلم يوم ما اتقابلنا اشتعلت ازمة بين الفنان محمود حميدة بطل العمل ومخرجه اسماعيل حيث اعترض حميدة على الشكل العصري للأفيش وطالب المخرج بوضع صور فوتوغرافية لابطال العمل وأمام تصميم البطل وفشل كل المحاولات الودية قرر منتج الفيلم ومخرجه ارسال انذار لمحمود حميدة يلزمه فيه بضرورة حضوره لتصوير أفيش الفيلم. ومن المنتظر أن يثير أفيش الفيلم الجديد خلال الايام القادمة أزمة شرف للفنانة غادة عبدالرازق توترا بين غادة وبقية أبطال الفيلم وذلك بسبب ظهورها بمفردها على الأفيش وهي مستلقية على الأرض وعليها آثار دماء والفيلم بطولة أحمد فهمي وطارق لطفي وأحمد سعيد عبدالغني ومنة فضالي ومن تأليف طارق بركات واخراج وليد التابعي. كما أندلعت بين سمية الخشاب ومي عز الدين خلافات حادة حول الأسبقية في وضع الاسم على أفيش فيلم خيانة مشروعة وتبادلت النجمتان الاتهامات وأصرت كل منهما على أحقيتها بوضع اسمها اولا باعتبارها نجمة شباك وفي النهاية حسمت المعركة لصالح سمية الخشاب الامر الذي أغضب بشدة مي التي قررت عدم التعاون مرة اخرى مع الشركة المنتجة خيانة مشروعة تأليف وإخراج خالد يوسف وبطولة هشام سليم وهاني سلامة ومي عز الدين وسمية الخشاب ويدور حول الخيانة الزوجية وهو من انتاج قناة روتانا. كما وقع خلاف بين المطربة اللبنانية مايا نصري والفنان الشاب مصطفى شعبان في فيلم كود 36 بسبب الأفيش حيث أبدت مايا نصري استياءها الشديد من وضع اسمها في تصميم أفيش الفيلم بشكل غير لائق لا يتناسب مع اسمها الفني لدرجة دفعتها الى اللجوء للمخرج أحمد سمير فرج الذي اخبرها ان الأمر بيد مصطفى شعبان لأن شركة الإنتاج أعطته الحق في وضع اسمه بالشكل الذي يعجبه.يذكر أن مصطفى سبق له أن أثار أزمتين متشابهتين مع منة شلبي ومنى زكي اللتين أعلنتا رفضهما التعاون معه في تجارب جديدة. وقضية ترتيب الاسماء على التترات قضية قديمة ، فهناك العديد من الحكايات التي ارتبطت بالنجوم والنجمات وأدت إلى اعتزال بعضهم حفاظا على مكانة قديمة رفضوا التنازل عنها مثل النجمة هند رستم التي كانت قد رشحت للاشتراك في بطولة فيلم الكرنك عام 1975 فاشترطت ان يأتي اسمها سابقا على اسم سعاد حسني بطلة الفيلم، ولكن كان من الصعب تحقيق ذلك الشرط رغم مكانة هند رستم لأن سعاد هي البطلة وكانت قد حققت نجومية كبيرة وقتها ومثلت الكرنك وهي في عز تألقها ونجوميتها كما انها كانت صاحبة أعلى أجر في ذلك الوقت وكان 30 ألف جنيه. واذا كان ترتيب الاسماء قد أجبر هند رستم على الاعتزال، فهناك فنانون لا يبدون أي اهتمام بتلك القضية مثل الفنانة مريم فخر الدين التي لا تدقق كثيرا أو قليلا في اسلوب كتابة اسمها على الأفيش، وقد غضب الفنان الراحل عادل أدهم من فيفي عبده عندما جاء اسمها سابقا له على أفيشات فيلمي نور العيون و الراية حمراء ، ولجأ للقضاء واتهم منتجي الفيلمين بأنهما أهانا تاريخه الفني من أجل فيفي عبده التي كانت تنفق على الدعاية من مالها الخاص. وقد ضاعت فرص عديدة على نجوم كانوا في بداية المشوار بسبب ترتيب الاسماء كما حدث مع المخرج داود عبدالسيد عندما رشح ممدوح عبدالعليم لكي يشارك محمود عبدالعزيز بطولة فيلم الكيت كات عام 1991، ووافق ممدوح على كل شيء باستثناء انه طلب ان يكتب اسمه تاليا لمحمود عبدالعزيز ولكن بنفس البنط وان يتقاسم معه الأفيش والتترات. ولم يستطع مخرج الفيلم داود عبدالسيد تنفيذ هذا الشرط وأسند الدور إلى شريف منير، وكان افضل ادوار شريف، وضاع دور مهم على ممدوح بسبب اسمه على الأفيش. ولكن اسم النجم ليس هو المحدد الرئيسي في ترتيبه على الأفيش، فهناك ايضا رؤية المخرج مثل يوسف شاهين عندما اسند بطولة فيلم المهاجر إلى خالد النبوي ووضع اسمه في مركز البؤرة على الأفيش سابقا لمحمود حميدة ويسرا، لأن هذه هي رؤيته. ومعروف عن شاهين انه لا يسمح لأحد في ان يناقشه في الأفيش حيث يعتبره جزءاً من ابداع الفيلم وبداية التعارف بين الجمهور والعمل الفني، ولهذا ضاعت الفرصة على يحيى الفخراني في اللقاء مع يوسف شاهين في فيلم المصير حيث طلب الفخراني ان يعرف اسلوب كتابة اسمه في الفيلم وان يتضمن ذلك في التعاقد مع يوسف شاهين ليصبح شرطا ملزما. ولكن يوسف شاهين لم يقبل مجرد المناقشة وأسند دور ابن رشد قاضي قضاة الاندلس إلى نور الشريف. ويعد ترتيب الاسماء على الأفيش قضية يعتبرها اغلب النجوم حقاً يجب عدم التنازل عنه. البعض يترك هذا الامر جانبا وينتظر ان يقوم المشاهد في نهاية العرض باعادة ترتيب الاسماء وفقا لما يراه، وفي كل الاحوال فإن كتابة أسماء النجوم والنجمات تعد من أكثر المعارك التي يشهدها الوسط الفني في مصر بل في العالم كله وان كان في هوليوود وجدوا حلا سحريا لمشكلة ترتيب الاسماء حيث انهم يعتمدون على ترتيب أسماء الممثلين على حسب اجورهم، فالأجر أصدق دلالة على شعبية الممثل. كما يعتمد صناع السينما في هوليوود على الاستفتاءات التي تعلن عن اسماء أكثر النجوم شعبية بين الجمهور، وفي العادة يلتزم الجميع بما تسفر عنه هذه الدراسات. سارة عبدالمنعم مصممة أفيشات وتملك وكالة إعلانية حصلت على عدد من الجوائز على الأفيشات التي صممتها، وكانت بدايتها مع السينما الشبابية، مع فيلمي صعيدي في الجامعة الأمريكية ، و همام في أمستردام من حوالي عشر سنوات، وأصبحت صاحبة أكبر عدد من الأفيشات في السوق المصري: تقول سارة ان الأفيش يحكي ملخص قصة الفيلم وعادة ما يتحكم منتج الفيلم في طريقة تصميم الأفيش سواء من حيث وضع صور النجور واسمائهم وحجم البنط ايضا. وتشير إلى إنها تحدد فكرة تصميم الأفيش في البداية عن طريق قراءة ملخص للفيلم ثم تضع تصوراً مبدئياً للأفيش وتتنوع الافكار وفقا لبعض العناصر منها موضوع الفيلم وبطل الفيلم وفكرته. لافتة إلى ان الأفيش احد عوامل النجاح مثل عوامل أخرى موجودة في الفيلم، لكنه ليس هو سبب نجاح فيلم وفشل آخر. وعن التغييرات التي طرأت على الأفيش في الوقت الحالي تقول أصبح مصممو الأفيشات يعتمدون على الاجهزة الحديثة في تصميم الأفيشات ففي حين كان في الماضي من الممكن أن يكون الأفيش عبارة عن رسم كاريكاتوري أو صورة من الفيلم أو لوحة بالزيت أصبحت الآن معظم الأفيشات بالجرافيك. ويعرف الناقد السينمائي محمود قاسم الأفيش بأنه لوحة تستخدم للدعاية للفيلم وتحتوي على موجز لكل ما في الفيلم من فكرته وأبطاله، ومخرجه ومؤلفه وتتعدد أماكن وضع الأفيشات فهي تنتشر في الشوارع وفي السينمات وفوق الجسور وفي الصحف والمجلات والتلفزيون ووسائل النقل وتنقسم الأفيشات إلى ثلاثة أنواع، رسوم توضيحية أو رسوم كاريكاتيرية أو صور ويوجد الكثير من الجمعيات السينمائية التي تمنح جوائز لأفيشات الأفلام المتميزة.. مشيرا إلى أن صناعة الأفيش نشأت مع صناعة السينما وسارت معها خطوة بخطوة تحكي اخفاقاتها ونجاحاتها، ويقدم الأفيش ما يدور في الفيلم ويقول قاسم: إن الملصقات عادة نوعان من حيث الحجم؛ الأول يتم نشره في لوحات كبيرة موحدة القياس غالبا ما تكون 300 في 240 سم وهو قطعة واحدة غالبا، أو يتكون من 24 قطعة، لكنه الآن أصبح قطعة واحدة مع دخول الكمبيوتر في الطباعة، أما النوع الثاني فهو يتكون من 60 في 90 سم، ويعلق على أبواب السينما وفي الشوارع وفي الغالب يختلف الأفيش الكبير عن الصغير بغرض الاختلاف، وفي كثير من الأحيان يتم عمل أكثر من أفيش. ويرى قاسم أن الأفيشات في الوقت الحالي باتت تفتقر إلى الابداع بعدما تتدخلت التنكولوجيا في تنفيذ الملصقات، وأصبحت صورة النجم هي عنوان الأفيش بينما في الماضي كان المنتجون يلجأون إلى فنانين يرسمون النجم كما كان يوضع اسم الفنان على الملصق أما الآن فيوضع اسم الشركة المنفذة. لافتا إلى مشكلة ترتيب أسماء أبطال الفيلم على الأفيش وهي الأزمة التي أدت في النهاية إلى أن مصممي الأفيشات أصبحوا لا يكتبون أسماء أي من أبطال الفيلم ويكتفون بوضع صورهم، وهو الأمر الذي يثير أزمة أخرى بسبب حجم صورة كل ممثل مثلما حدث مع أبطال فيلم الريس عمر حرب ، مشيرا إلى أن بعض شركات الإنتاج أصبحت تضع كل أبطال أفلامها على الأفيش لتتلاشى المشاكل بينهم أو لتضمن جذب أكبر عدد من الجمهور مثلما حدث في أفلام عمارة يعقوبيان و ليلة البيبي دول و كباريه . ويرى المخرج خالد الحجر أن الأفيش إذا كان على قدر من الابهار فانه يمكنه جذب شريحة كبيرة من المشاهدين خاصة من يبحثون عن الجاذبية والجمال في العمل الفني مؤكدا أن شكل الأفيشات الجديد اصبح اكثر جذبا للجمهور مثل التركيز علي صور الممثلين بدون كتابة اسمائهم فكرة جيدة مشيرا إلى انه استخدم في أفيش فيلمه الاخير قبلات مسروقة مشهداً من الفيلم. وحسب رؤية المنتج محمد فوزي فإن من حق الشركة الانتاجية أن تضع تصميم الأفيش من وجهة نظرها بشكل كامل بنسبة مائة في المائة، كما أنه يملك حق الموافقة عليه أو رفضه وبالتشاور مع بطل الفيلم إذا كان نجما له اسمه وأفلامه تحقق ايرادات كبيرة. مشيرا إلى ان الابداع السينمائي لا بد أن يتضمن جميع خطوات العمل الفني، ومن أهمها خطوة تصميم الأفيشات.