في ظل الاستعداد لإصدار قانون جديد ينظم موضوع الرؤية لغير الحاضن بعد أن تجاوز عمره ثمانين عاما لم يتم خلالها الاقتراب من بنوده في سابقة لم تحدث في القانون.. وبعد أن تجاوزت أيضا قضايا الرؤية ال40% من نسبة قضايا محكمة الأسرة.. فقد بدأ العد التنازلي استعدادا لإصدار قانون جديد ينظم موضوع الرؤية, أحد عذابات الطلاق التي يعاني ويلاتها في المقام الأول ملايين الأطفال ويتخذها الكثير من الأزواج المنفصلين ساحة مكائد وعناد لتصفية الحسابات وتحقيق انتصارات وهمية علي أشلاء أطفال أبرياء يعانون ويستغيثون. وفي ظل هذا الاستعداد, برز موضوع الاستضافة لغير الحاضن.. والذي يتحمس له كثيرون, إلا أن هناك من يري أنها تهدد سلامة وأمن الصغير المحضون.. وقبل أن ننحاز لأحد الطرفين, نتعرف علي ماهية الاستضافة.. وما المقصود بها؟.. وهل يكفل هذا القانون حق الأجداد في الاستضافة أيضا؟.. وما أهم قواعد الاستضافة؟.. وماذا عن التزامات كل من الحاضنة وغير الحاضن؟.. وهل هناك عقوبات علي المخالفين؟.. وما أهم الضمانات التي تحتاجها الأم الحاضنة؟.. وما إمكانية استضافة الحاضنة لغير الحاضن؟.. وماذا عن سفر الأبناء المحضونين؟.. حملنا تساؤلاتنا هذه وذهبنا إلي المستشار عبدالله الباجا, رئيس محكمة استئناف أسرة القاهرة, بحثا عن الإجابة باعتباره أحد المعايشين لهموم الرؤية ومشاكلها من خلال محكمة الأسرة, وباعتباره صاحب رأي في هذا الموضوع, حيث قدم مشروعا لقانون الرؤية الجديد إلي جهات عديدة علي رأسها وزارة العدل والمجلس القومي للمرأة.. والمشروع في طريقه أيضا للعرض علي مجمع البحوث الإسلامية, مستندا إلي الفتوي رقم2071 التي صدرت من دار الإفتاء بتاريخ2008/12/17 بضرورة الاستضافة وعدم تعارضها مع الشريعة, وطلبت الفتوي من القاضي أن يحكم بروح القانون والسماح بالاستضافة. * في البداية يذكرنا المستشار الباجا أن حضانة الصغار تستمر حتي سن15 سنة, بعدها يخير القاضي الأبناء هل يستمرون مع أمهاتهم الحاضنات أو ينتقلون إلي الآباء غير الحاضنين؟.. والملاحظ هنا كما يقول في معظم الأحوال أنهم يفضلون البقاء مع الأم الحاضنة لعدم وجود تواصل بين الأب وأولاده بعد الانفصال إلا من خلال رؤية فاشلة لمدة ثلاث ساعات يشوبها مهاترات ونكد وخوف ولا تؤدي الغرض منها.. ومن هنا يري أن الاستضافة هي التي تحقق الرعاية التي نص عليها قانون الطفل من الأب لأولاده بعد الانفصال, وذلك بأن يستضيف غير الحاضنين الأولاد المحضونين فترات معينة خلال العام في المسكن المتفق عليه أو الذي يحدده القاضي, ولمدة محددة يقدرها أيضا القاضي, علي ألا تزيد علي يومين في الأسبوع, ويوم واحد من إجازة الأعياد الدينية إذا كانت أكثر من يومين, وبالنسبة لإجازة آخر العام, ونصف العام الدراسي فتكون مدتها نصف الإجازة. *.. وعن أهم قواعد هذه الاستضافة, يقول إن المستضيف غير الحاضن عليه التزامات محددة هي: أن يكون ملتزما بسداد جميع المصاريف والنفقات المقررة عليه, وألا يكون قد صدر ضده حكم بالحبس لعدم سداد النفقة. أن يوفر مناخا ومكانا آمنا للطفل المحتضن في أثناء الاستضافة ويحسن معاملته وحمايته, أن يلتزم بتسليم الصغير للحاضنة فور انتهاء فترة الاستضافة. وفي حالة مخالفة هذه الالتزامات تكون الجزاءات كالتالي: إذا تخلف عن تنفيذ حكم الاستضافة أكثر من ثلاث مرات بدون عذر مقبول, يسقط حقه في الاستضافة لمدة يحددها القاضي بناء علي أمر علي عريضة من رئيس محكمة الأسرة المختصة غير قابل للطعن عليها. بعد انتهاء الاستضافة, إذا امتنع عن إعادة الطفل إلي الأم الحاضنة يعاقب بالمادة(96) من قانون الطفل, وهي الحبس والغرامة, علي أن يخلي سبيله إذا قام بتسليم الطفل مع مراعاة وجود عقوبة أخري في قانون العقوبات المادة(292) وتطبيق الأشد. وبالنسبة لالتزامات الأم الحاضنة, فهي لابد أن تلتزم بتسليم الصغار لغير الحاضن أوقات الاستضافة المتفق عليها أو المحكوم بها.. وفي حالة عدم التزامها بتنفيذ ذلك يقترح المستشار الباجا التالي: إذا أخلت الحاضنة بالالتزام بتنفيذ الاستضافة أكثر من ثلاث مرات بدون عذر مقبول, يتم انتقال الحضانة إلي غير الحاضن مباشرة فترة مؤقتة لمدة يقررها القاضي, علي أن يكون ذلك بعريضة من رئيس محكمة الأسرة المختص, وغير قابل للطعن عليه. وإذا تكرر منها عدم الالتزام بتنفيذ الاستضافة بعد عودة الحضانة إليها مرة أخري, أكثر من ثلاث مرات بدون عذر مقبول.. توقع عليها العقوبة المنصوص عليها في المادة96 من قانون الطفل الجديد, ويسقط حقها في الحضانة مؤقتا طبقا للفقرة السابقة. * وبالنسبة لإمكانية سفر الأبناء المحضونين, فيقترح التالي: عدم السماح للصغار بالسفر إلا بموافقة الطرفين: الحاضنة وغير الحاضن موافقة مسجلة في الشهر العقاري, وتكون هذه الموافقة الموثقة للسفر لمرة واحدة فقط وتجدد عند كل سفر جديد. ** كيف تضمن الحاضنة سلامة صغارها فترة استضافة الأب غير الحاضن أو الجد الذي يكفل القانون له حق الاستضافة؟ بمراقبة ومتابعة تنفيذ المستضيف التزاماته التي توفر المصلحة الفضلي للصغير, وذلك بالاستعانة بالخبراء والاخصائيين النفسيين والاجتماعيين المعينين في محكمة الأسرة.. إلي جانب ما يكفله قانون الطفل الجديد من حماية وتأمين سلامته, فقد وضع معايير للأفعال التي تعتبر جريمة في حق الطفل, ولتأسيس الإدارات القضائية الخاصة بسلامة الطفل وتنفيذ أحكام قانون الطفل. ويري المستشار الباجا أن ما يقترحه البعض من إمكان استضافة الأم الحاضنة للأب غير الحاضن أمر غير مقبول, لأن عواقبه وخيمة وتسبب أضرارا تفوق الفائدة من الرؤية.. فالمشاكل تباعد بينهما, فكيف نجمع بينهما خاصة أنها أصبحت أجنبية عنه؟ ثم يؤكد إنه قد آن الأوان بالفعل لإيجاد تشريع موحد للأحوال الشخصية ويتساءل: هل يصدق أحد أن هناك13 قانونا يحكم الأحوال الشخصية في مصر الآن؟.. بل منها أحكام في القانون المدني وهي المواد من12 إلي17 من القانون المدني الآن. الحقيقة أن قوانين الأحوال الشخصية السارية في وقتنا الحالي الآن ثوب بال مليء بالثقوب, كلما أكثرنا ترقيعه بالتعديلات زادت عيوبه.. ولابد من استبدال هذا الثوب الذي ظل علي حاله ثمانين عاما بثوب جديد يستمد نسيجه من أحكام الشريعة الإسلامية ولا يخرج عن القيم والأعراف المتعارف عليها في مصر.