تأتي أعياد الكريسماس هذا العام.. وجيوب الأميركيين خاوية الى درجة أن البعض يعلق على سبيل الدعابة قائلا، إنه حتى بابا نويل الذي يدخل البهجة على الأطفال كل عام مفلس بسبب الأزمة المالية. وتأهبت المتاجر الآن لاسوأ مبيعات في موسم الاعياد منذ عقدين. التقرير الأخير الذي نشرته وكالة رويتر، كشف عن فداحة الأزمة بالنسبة للأسرة الأميركية، اذ أشار الى أن العائلات الاميركية تترنح تحت وطأة جبل من الديون حجمه 14 تريليون دولار. يقول التقرير إن سبل الاقتراض انسدت أمام المستهلكين الاميركيين الذين اعتادوا شراء كل شيء من الوحدات السكنية الى البقالة بأموال مقترضة وسيكلف سداد الفواتير أكبر اقتصاد في العالم وشركائه التجاريين ثمنا غاليا. فقد كشف انهيار سوق الاسكان عن مدى اعتماد الاميركيين على ارتفاع قيم العقارات السكنية في تمويل الانفاق وتعويض مدخراتهم التقليدية التي أنفقوها. فخلال فترة الازدهار العقاري التي استمرت خمس سنوات وانتهت في أواخر عام 2006 نمت ثروات الاسر وزادت مبيعات تجارة التجزئة بسرعة أكبر من نمو الدخل وفي الوقت نفسه تناقصت المدخرات. لكن مع اتجاه البنوك لتقليص امكانية الحصول على الرهون العقارية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان، بدأ المستهلكون يغيرون عاداتهم في الانفاق بسرعة لاتستطيع الشركات أن تكيف أوضاعها وفقا لها بالسرعة الكافية. فالبنوك التي كانت تقدم لعملائها بطاقات الائتمان بكل ترحاب خلال فترة الرخاء بدأت تتجه لخفض سقوف الائتمان بل وتخصص مليارات الدولارات لتغطية الخسائر بعد أن بدأ عملاؤها يتخلفون عن السداد. وأطلقت شركات السيارات الاميركية التحذيرات من حالة أشبه بانهيار الطلب لأن المشترين أصبحوا عاجزين عن الحصول على قروض أو غير راغبين فيها. وخلال السنوات العشر الأخيرة بلغت قيمة الديون على الأميركيين ثمانية تريليونات دولار بزيادة 137 في المئة أي مثلي الزيادة التي طرأت على حجم الاقتصاد. وبلغ الحجم الاجمالي للديون 14 تريليون دولار ليصبح مساويا تقريبا لإجمالي الناتج السنوي للاقتصاد. ورغم تنامي عبء الدين ضخ المستثمرون من مختلف أنحاء العالم أموالا في الأوراق المالية المدعومة برهون عقارية ومتحصلات بطاقات الائتمان طوال معظم سنوات العقد الحالي الامر الذي كان عاملا في بقاء تكاليف الاقتراض منخفضة. وبفضل الائتمان السهل ظل المستهلكون الأميركيون يزيدون إنفاقهم طوال فترة الازدهار العقاري بل وتجاوزوا بكل سهولة نمو الاجور. وفتحت متاجر التجزئة مئات من المتاجر الجديدة لشغل مراكز التسوق الجديدة التي بنيت خصيصا للاستفادة من الطفرة الاقتصادية. وزادت الواردات الامر الذي أدى الى ارتفاع احتياطيات الدول المصدرة مثل الصين. وانكمشت مدخرات الاسر الاميركية لتقترب من الصفر.