وزير قطاع الأعمال: الصحافة الوطنية شريك أصيل في مسيرة التنمية وبناء الوعي    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    الإسكان: التقنين على رأس أولويات المرحلة الحالية لحماية أراضي الدولة    رئيسة المفوضية الأوروبية: نرحب بجهود تحقيق السلام فيما يخص النزاع الأوكراني    فرنسا ترحب باتفاق وقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا    نيجيريا تتفوق على تونس بهدف في الشوط الأول    الشباب والرياضة بالدقهلية تطلق أولى فعاليات "ها أنا أحقق ذاتي" لدعم الأيتام    إصابة 10 أشخاص فى انقلاب سيارة بطريق العلاقى بأسوان    تفاصيل لحظة وفاة داوود عبد السيد.. موعد جنازته والعزاء    مواجهة قرآنية تبهر لجنة التحكيم في «دولة التلاوة» بين محمد كامل وخالد عطية    أشرف زكي بعد واقعة ريهام عبد الغفور: نحن في بلد قانون.. والقضية لن تنتهي عند المصور    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    فتح المطارات للاستثمار |شراكة تشغيلية مع القطاع الخاص دون المساس بالسيادة    النصر يحطم أرقام دوري روشن بانطلاقة تاريخية بعد ثلاثية الأخدود    الأهلي يفوز على الكويت الكويتي ويتوج بالبطولة العربية لكرة الماء    بشير عبدالفتاح: إسرائيل تسعى إلى تموضع عسكرى فى صومالى لاند    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على «إعلام وراثة» | رمضان 2026    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    نيجيريا ضد تونس .. نسور قرطاج بالقوة الضاربة فى كأس أمم أفريقيا    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    وزير الصحة يكرم الزميل عاطف السيد تقديرًا لدوره في تغطية ملف الشئون الصحية    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    النائب أحمد سيد: السياحة قضية أمن قومي وصناعة استراتيجية تقود الاقتصاد الوطني    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    إقبال كثيف للناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان بقرى مركز سوهاج    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    جولة في غرفة ملابس الأهلي قبل مواجهة المصرية للاتصالات بكأس مصر    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‏(‏العرف‏)..‏ تشريع يحتاج تغيير‏!‏
نشر في أخبار مصر يوم 17 - 10 - 2008

قوي النفوذ‏.‏ عظيم التأثير‏..‏ شديد الرهبة والتقدير‏..‏ الخروج عليه‏(‏ جريمة‏),‏ والاستهزاء به‏(‏ مهانة‏),‏ وتوارثه جيلا بعد جيل‏(‏ أمانة‏) إنه العرف‏..‏ ذلك الساحر الذي يعصب العيون‏,‏ ويطمس علي العقول والقلوب‏,‏ فلا تستطيع له إلا سمعا وطاعة‏.‏
سلطانه أقوي من الدين‏..‏ نتذكر هذا جيدا كلما مرت بنا جريمة ثأر‏,‏ أو تكررت وقائع‏(‏ ختان‏),‏ أو تعرض ميراث فتاة أو إمرأة للنقصان‏,‏ أو ذاقت مطلقة وأرملة عذاب الحرمان‏.‏ فشروره كثيرة‏..‏ باقية وقوية صعبة وعنيدة‏,‏ ولكنها ليست مستعصية علي الاختفاء والنسيان فقد آن الآوان ان نفعل كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام‏,‏ وان ننظر لحال مجتمع عرف الاسلام منذ قرون ولازال مستسلما لأعراف خاطئة تفرض سطوتها علي الأذهان‏.‏ تحقيق اليوم دعوة لبدء أول خطوة علي طريق التغيير فقط لما يصادم ديننا ويعارض شريعتنا فسطورنا تحرض كل مسلم علي التمرد وعدم الانصياع لأعراف تضيع الحقوق‏,‏ وتظلم الأبرياء‏,‏ أو تؤذي الضعفاء‏.‏
شروط اعتماده شرعا
اعتبر الفقهاء علي اختلاف مذاهبهم‏(‏ العرف‏),‏ وجعلوه أصلا يبنون عليه شطرا عظيما من أحكام الفقه فهل هناك دليل شرعي علي اعتبار العرف ؟‏,‏ وما هي ضمانات الاستخدام السليم له ؟‏!‏ اسئلة يجيب عنها فضيلة الشيخ عبد الحميد الاطرش رئيس لجنة الفتوي بالازهر الشريف قائلا‏:‏ اشتمل القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة علي أدلة لاعتبار العرف‏.‏
ففي القران الكريم جاء قوله تعالي‏:‏ خذ العفو وأمر بالعرف والمراد بالعرف في الآية الكريمة عادات الناس‏,‏ وما جري تعاملهم به‏,‏ وهذا خطاب من الله لنبيه يدل علي شرعية العرف‏,‏ وفي السنة جاء قوله صلي الله عليه وسلم‏ (‏ما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن‏)‏ وفيه إشارة الي اجماع المسلمين‏,‏ والاجماع حجة لا يكون إلا عن دليل‏.‏
أما الضمانات فتتحقق من خلال الالتزام بالشروط الاتية‏:‏

*‏ ألا يتعارض القول بالعرف او العمل به مع نص قطعي في القرآن الكريم أو السنة النبوية‏.‏
*‏أن يكون العرف شائعا وعاما بين جمهور الناس‏.‏
*‏ ان يكون العرف موجودا عند الحكم به‏,‏ فلا عبرة للعرف القديم الذي تم هجره‏,‏ او بالعرف الطاريء بعد الواقعة‏.‏
* ان يكون العرف‏(‏ مطردا‏)‏ اي يدرج الناس علي الاعتياد عليه‏,‏ حتي ينشأ اعتقاد بينهم انهم لن يستطيعوا التخلي عنه لذا قال العلماء‏:(‏ العادة المطردة في ناحية تنزل منزلة الشرط‏),‏ وان يكون العرف مشتهرا في أرجاء المنطقة محل الواقعة‏.‏
*‏ ألا يتعارض العرف مع شيء اتفق عليه وجاء علي خلاف العرف السائد‏,‏ فالاتفاق أولي بالتطبيق‏.‏
ويشير الشيخ الأطرش لوجود فوارق بين العرف والإجماع‏,‏ فالعرف يتحقق بتوافق الناس جميعا أو أغلبهم‏,‏ أما الاجماع فلا يتحقق إلا باتفاق جميع المجتهدين في عصر من العصور ولا يصدر إلا من المجتهدين‏,‏ عكس العرف فقد يصدر من المجتهدين ومن عامة الناس‏ وأخيرا فالحكم بالعرف غير ثابت ويتغير بتغير أعراف الناس من وقت لآخر‏,‏ ومن بلد لآخر‏,‏ أما الحكم بالاجماع فلا يتغير بتغير الازمنة‏ ويضيف انه يتم تقسيم العرف الي نوعين‏:‏ قولي اي الألفاظ المتعارف عليها‏,‏ وعملي‏:‏ كل ما اعتاده الناس وألفوه من عمل وهو بدوره قسمان‏:‏ عام‏:‏ يخص الناس جميعا‏,‏ وخاص يخص بلدة معينة‏,‏ او حرفة بعينها‏.‏
الإسلام تصالح معه
بمنتهي التفاهم ورحابة الصدر‏,‏ تعاملت الشريعة الإسلامية مع‏(‏ طابور‏)‏ من الأعراف التي سكنت حياة العرب واستقرت في وجدانهم أجيالا بعد أجيال‏,‏ فلم يحدث التصادم بين الطرفين‏..‏ بل تحقق الانسجام الكامل بينهما‏.‏
مزيد من التفاصيل يوضحها الدكتور محمد الأحمدي أبو النور عضو مجمع البحوث الإسلامية بأن الاسلام اهتم كثيرا بمراعاة العرف الصالح فيما يشرع من الأحكام حتي يسهل علي الناس قبولها‏,‏ فكان للعرف الصحيح أثر بالغ في القانون الإسلامي‏,‏ وتم اعتباره‏(‏ دين‏)‏ فيه مصالح العباد‏,‏ لا مجرد‏(‏ عرف‏)‏ يستقر زمنا وقد يزول آخر‏.‏ فوجد الاسلام لدي العرب أعرافا طيبة تناسب مبادئ هذا الدين كنصرة المظلوم‏,‏ والوفاء بالوعد‏,‏ وإكرام الضيف‏..‏
كما وجد أعرافا سيئة مثل وأد البنات وحرمانهن من الميراث‏,‏ والزواج من زوجة الأب بعد موته‏,‏ والجمع بين الأختين في عقد واحد عند بعض القبائل‏,‏ وأنواع من النكاح‏:‏ المتعة‏,‏ والشغار‏,‏ والبغايا‏,‏ فأقر الاسلام الحسن منها وعمل علي محاربة السيئ‏,‏ ومما يؤيد ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم في حلف الفضول‏(‏ وهو حلف كان يقوم علي نصرة المظلوم‏,‏ والتأسي في المعاش أي‏:‏ أن يعين الغني الفقير‏,‏ إذ قال‏:‏ لو دعيت إلي مثله في الاسلام لأجبت ويضيف د‏.‏ الأحمدي أن الأعراف التي بدأ الاسلام في التعامل معها كانت موزعة علي مجالات متعددة‏:‏ معاملات مالية‏,‏ وأحوال شخصية‏,‏ وعقوبات‏,‏ وشعائر‏..‏ وبالنسبة للمعاملات‏,‏
كان للعرب بيوع ورهون وشركات ومضاربات وإجارات‏,‏ وأقرها الإسلام‏,‏ وإن كان قد نهي منها عما فيه أكل أموال الناس بالباطل‏,‏ وما يقضي إلي المنازعة كربا النسيئة والفضل‏,‏ وبيوع‏(‏ الغرر‏),‏ والمخاطرة كبيع الحمل واللبن في الضرع وقد نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الإنسان وفي مجال الأحوال الشخصية كان العرب يقدرون مبدأ الكفاءة بين الزوجين ويعتزون بالأنساب‏,‏ كما كانوا يؤثرون الحرائر علي السبايا حرصا علي شرف أولادهم‏,‏ وقد رغب القرآن الكريم في الاقتراب من الحرائر إلا عند الحاجة‏:‏
ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات‏..,‏ كما كان الطلاق يبد الرجل‏,‏ إلا أنه كان حقا كذلك لنساء يمتزن بشرف قومهن فكن يشترطن أن تكون الفرقة بأيديهن‏,‏ وقد أوجب الشرع الانفاق علي الزوجات والأولاد وجعل‏(‏ العرف‏)‏ معيارا لتجديد النفقة كما قال تعالي‏:‏ وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف
في حين رفض التشريع القرآني العرف السائد لديهم بأن الرجل يأخذ صداق ابنته له عندما يزوجها فقال تعالي‏:‏ وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ورفض كذلك إطلاق حق الرجل في طلاق امرأته ومراجعتها دون حد أقصي‏,‏ وذهبت امرأة تشتكي لرسول الله صلي الله عليه وسلم تهديد زوجها لها بأن يظل يفعل ذلك طول عمرها‏(‏ يطلقها ويراجعها‏)‏ فسكت حتي نزل القرآن‏:‏ الطلاق مرتان وعارض الاسلام حرمان النساء والأطفال من الميراث‏,‏ ورفض النبي وما جعل أدعياءكم أبناءكم
وأما العقوبات فقد كان القصاص عندهم عقوبة القتل العمد وكان مأثورا لديهم‏:(‏ القتل أنفي للقتل‏,‏ والدية عقوبة الخطأ‏),‏ وقد جاء بذلك القرآن الكريم وبالنسبة للشعائر يكمل الدكتور الأحمدي أبو النور‏,‏ فإن العرب تلقت عن الأديان السابقة شيئا من الشعائر خلطوا بعضها بالوثنية‏,‏ والشرك وظل البعض الآخر نقيا‏,‏ فأبقي الاسلام علي ما رآه صالحا مثل حج البيت الكريم والاعتمار‏,‏ ولكنه طهر هذه العبادة من مظاهر الشرك كتلطيخ الكعبة بدماء القرابين‏,‏ وفي المدينة المنورة وجد رسول الله صلي الله عليه وسلم اليهود تصوم يوم عاشوراء‏,‏ فقال‏:‏ ما هذا ؟ قالوا‏:‏ هذا يوم صالح نجي الله تعالي فيه موسي عليه السلام وبني إسرائيل من عدوهم فصامه‏,‏ فقال صلي الله عليه وسلم‏:‏
أنا أحق بموسي منكم فصامه وأمر بصيامه‏.‏ وكان الاعتكاف من القربات المعروفة عندهم‏,‏ فأقرها الاسلام‏,‏ ومما يذكر أن سيدنا عمر سأل النبي صلي الله عليه وسلم قائلا‏:‏ كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام‏,‏ قال‏:(‏ أوف بنذرك‏).‏
خير‏..‏ أوشر
ليس خيرا دائما‏,‏ أو شرا خالصا‏..‏ هكذا حال‏(‏ العرف‏)‏ السائد في مجتمعاتنا فمن قواعده مايجعل الحياة أكثر يسرا وسهولة‏,‏ ومنها مايجعلها أكثر تعقيدا وفسادا‏.‏
والأمثلة من الواقع يذكرها الدكتور محمود عبد الجواد مدرس الفقه بجامعة الأزهر بادئا بالأعراف السيئة وعلي رأسها‏(‏ الأخذ بالثأر‏),‏ وفيه يتم إزهاق روح‏(‏ بريء‏)‏ كل ذنبه أنه ابن القاتل أو شقيقه أو ينتمي الي عائلته‏,‏ وفي بعض الأحيان يتحقق‏(‏ الثأر‏)‏ بقتل أكثر من شخص واحد تأديبا للقاتل وعائلته‏,‏ في حين أن الدين الإسلامي لا يعرف‏(‏ الثأر‏)‏ ولكن يعرف القصاص الذي يتم استيفاؤه من خلال أولي الأمر حفظا للدماء‏,‏ وتجنبا للاسراف في القتل‏,‏ كما أنه قصاص يقتصر علي معاقبة مرتكب جريمة القتل وحده دون غيره من أقرب الناس إليه‏.‏
ومن النماذج المرفوضة عقلا وشرعا للأعراف مايقضي منها بحرمان المرأة نصيبها من الميراث‏,‏ أو عدم الاعتداد بموافقتها في الزواج‏.‏
ومما يظلم المرأة كذلك العرف السائد بعدم إقبال الشباب علي الزواج من سيدة مطلقة أو أرملة والنظر إليها بشك وارتياب قد يطولان أخلاقها والتزامها‏..‏ ونجد الجميع يبتعد عنها ويحذر منها‏,‏ في حين أن النبي صلي الله عليه وسلم وكثيرا من الصحابة الأجلاء كانوا لا يجدون حرجا في المسارعة بالزواج من المطلقات والأرامل لاعفافهن‏,‏ وكفالتهن هن وأبنائهن‏,‏ ولم يجد هذا الزواج اعتراضا من الأهل أو استنكارا من المجتمع كما يحدث الآن خاصة إذا كان الرجل لم يسبق له الزواج‏.‏

(‏عرف‏)‏ آخر أشد خطورة جعل النظرة الي‏(‏ الخاطب‏)‏ أي الذي يخطب فتاة بنية الزواج‏,‏ علي أنه شخص له خصوصية يستحقها في علاقته بالمخطوبة‏,‏ فهما يخرجان معا الي المطاعم والمتنزهات‏,‏ وأمر عادي أن يمسك بيدها‏,‏ في حين أنه لايزال أجنبيا بالنسبة لها وكل مايحدث من أمور نتيجة عرف خاطيء هي أيضا خاطئة ومخالفة تماما للشرع الذي لا يبيح خلوة‏,‏ ولا خروجا منفردا‏,‏ ولا لمس أي شيء بين الخطيبين‏..‏ والتهاون في هذه الأمور تكون عواقبه وخيمة خاصة إذا فشل مشروع الزواج‏,‏ وتبين أنه كانت هناك تنازلات‏.‏
وقد يستمد عرف خاطيء قوة تجعل المخالف له شاذا عن المألوف فذلك مايحدث علي الشواطيء وفي حمامات السباحة فمن لا ترتدي‏(‏ لباس البحر‏)‏ توصف بأنها رجعية ومتخلفة‏..‏ بل يصل الأمر لمنع المحتشمات من ارتياد هذه الأماكن والسماح للعرايا فقط‏.‏
أما الأعراف الأخري التي تيسر علي الناس أحوالهم‏,‏ فلم يتردد الفقهاء في إقرارها‏,‏ حتي لو لم يكن لها أصل شرعي طالما أنها لا تتصادم مع الشرع أو تخالفه‏,‏ فنجد أمورا مثل طريقة تأثيث بيت الزوجية‏,‏ وهل يكون مناصفة بين الزوجين‏,‏ أم يكون مهمة خالصة للزوج‏,‏ أو من اختصاص الزوجة كما في بعض المجتمعات‏,‏ كذلك تقسيم المهر الي مقدم ومؤخر‏,‏ أو اعتبار الشبكة جزءا من المهر أو مجرد هدية‏,‏ أو كتابة‏(‏ قائمة‏)‏ بالجهاز‏,‏ ومنها أيضا مشاركة الزوجة التي تعمل في نفقات البيت‏.‏ وتتضح قوة‏(‏ العرف‏)‏ وشدة تأثيره بالنسبة للحقوق التي تترتب علي عقد الزواج‏,‏ فرغم أن الشرع يبيح المعاشرة بعد العقد مباشرة‏,‏ إلا أن العرف يمنعها ولا يسمح بها إلا بعد الزفاف‏..‏ ولأن هذا العرف يراعي كرامة الفتاة وحقوقها‏,‏ ويراعي كذلك خراب الذمم والضمائر‏,‏ إذ يمكن للزوج أن ينكر الدخول بها‏..‏ فقد أقره الشرع ووافق عليه‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.