بيان من الأعلى للجامعات حول أعداد المقبولين ب الجامعات التكنولوجية وكليات التمريض    محافظ الدقهلية يضبط تلاعبا في وزن الرغيف أثناء جولة على المخابز    أسعار الفراخ اليوم السبت 31- 5-2025 بأسواق مطروح.. البلدى ب 140 جنيها    أسعار النفط تتراجع مع توقعات بزيادة إنتاج أوبك+    وزير الزراعة: 3.14 مليون فدان مزروعة بالقمح هذا العام    وزير الرى: الانتهاء من تنفيذ 81% من مشروع قناطر ديروط    اليوم الأخير لإيلون ماسك.. ماذا حقق في البيت الأبيض؟    وزير الخارجية يؤكد استمرار مشاركة مصر في جهود وقف إطلاق النار بغزة    الرئيس السوري يزور الكويت غدًا الأحد    نهائي دوري السلة.. الموعد والقناة الناقلة وفرص الأهلي والاتحاد في التتويج    بعد معلول.. نجم الأهلي يبلغ لاعبي الفريق بالرحيل رسميا (تفاصيل)    قرار قضائي عاجل بشأن قضية "حادث إنفجار خط غاز أكتوبر"    لعدم تركيب الملصق.. سحب 700 رخصة قيادة في 24 ساعة    بصحبة النجوم..ريهام عبدالغفور تستعرض إطلالتها بزفاف أمينة خليل والجمهور يعلق (صور)    وزير الصحة يتفقد مستشفى وادي النطرون.. وتوجيه بشأن مصابي الحوادث    الباحث أحمد إبراهيم يحصل على الماجستير عن دراسة أثر أبعاد الحوكمة في الأداء المالي للجامعات    طلب إحاطة حول أسباب غياب تحذيرات الأرصاد بشأن عاصفة الإسكندرية    ماذا يأكل الحجاج؟ بعثات الحج السياحية تشارك في جلسة «تذوّق الوجبات»    تأجيل محاكمة أنوسة كوتة إلى جلسة 14 يونيو    المدير التنفيذي للهلال الأحمر: استنفار كامل في الإسكندرية لمواجهة السيول    «السكوت عن سرقتها خيانة».. بهاء حسني يرد على بيان جمعية المؤلفين والملحنين بعد أزمته مع حسين الجسمي    وزير التعليم يبحث مع «يونيسف» تدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمركز أجا ويصدر 7 توجيهات    القاصد وأبو ليمون يستقبلان وزير التعليم العالي خلال زيارته للمنوفية    الكنيسة تشارك في حملة صكوك الأضاحي بدمياط    إصابة طالب ومراقب ب تشنج عصبي وإعياء أثناء امتحانات الشهادة الإعدادية في المنيا    بمجسم للكعبة وتلوين أضحية العيد.. أطفال مكتبة مصر الجديدة للطفل يتعرفون على عيد الأضحى وسبب الاحتفال به    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    وزارة الدفاع الروسية تعلن استيلاء قواتها على بلدة "نوفوبيل" في منطقة "دونيتسك" شرقي أوكرانيا    حماس تحث دول العالم على تفعيل مقاطعة الاحتلال وعزله    تكريم شيري عادل في ختام مهرجان القاهرة للسينما الفرانكوفونية    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50%    انطلاق التسجيل في الدورة الثانية لمهرجان VS-FILM للأفلام القصيرة جدًا    شريف مدكور يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان    القنوات الناقلة ل مباراة الأهلي والاتحاد مباشر في دوري سوبر السلة والموعد    قطارات مخصوصة خلال عطلة عيد الأضحى وطرح التذاكر يوم السفر    لازاريني: المجاعة في غزة يمكن وقفها إذا توفرت الإرادة السياسية    وفد من جامعة بدر يزور منشآت الرعاية الصحية بالإسماعيلية (صور)    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لعيادة التأمين الصحي بجديلة    طفل المرور بعد 5 سنوات.. يحطم رأس صديقه ب«عصا البيسبول»    تعرف على سر عدم إبلاغ الدكتورة نوال الدجوى حتى الآن بوفاة حفيدها    اليوم.. "الصحفيين" تستضيف نواب لمناقشة تعديل المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    ثروت سويلم: بحب الأهلي ومنظومته.. وبتمنى الأندية تمشي على نفس النهج    «المشروع X».. العمق أم الإبهار؟    وزير الصحة يتوجه لمحافظتي البحيرة ومطروح لتفقد عددا من المنشآت الصحية    رحيل نجم جديد عن الأهلي    دعاء المطر والرعد كما ورد عن النبي (ردده الآن)    عاجل- أمطار غزيرة متواصلة.. محافظة الإسكندرية تتأهب لتداعيات حالة الطقس الجديدة    لويس إنريكي: أريد صناعة التاريخ مع سان جيرمان    "ليس جمهور الأهلي".. إمام عاشور يعلق على لقطة إلقاء الزجاجات على كولر    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. ردده الآن للزوج والأبناء وللمتوفي ولزيادة الرزق    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    تغييرات مفاجئة تعكر صفو توازنك.. حظ برج الدلو اليوم 31 مايو    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة للرزق وتيسير الأمور.. ردده الآن    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم السبت 31 مايو 2025    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب: سنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غدا.. إحباط هجوم إرهابى فى روسيا.. وصول مليون و330 ألف حاج للسعودية.. سقوط قتلى فى فيضانات تضرب نيجيريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر التي في «57357»
نشر في أخبار مصر يوم 13 - 10 - 2008


المصري اليوم: 13/10/2008
لم تعرف «وديان» شيئاً عن حقيقة مرضها، كل ما قالته لها والدتها التي يمرح الشقاء سعيداً في ملامح وجهها إنها «عيانة»، حتي عندما فقدت نظرها وهي لم تتجاوز بعد التاسعة من العمر، وباتت مضطرة إلي تخيل شكل الأشياء والتمييز فيما بينها بالصوت، قالوا لها إنها «عيانة»، ولأنها أدركت من خلال تجاربها مع المرض طوال سنواتها التسع أن «العيان بياخد دوا ويخف»، تعيش متمسكة بأمل، لا تعتقد أبداً أنه مستحيل.
فجأة فقدت البصر، ونقلها أبوها، الذي يعمل سائقاً ب«اليومية»، من مدرستها المحببة في «تلا» بالمنوفية إلي مدرسة للمكفوفين في شبين الكوم، فجأة أيضاً فقدت صورة الأصدقاء وصوتهم، باعدت إعاقة بصرها بينها وبين «صاحباتها» في مدرسة تلا.
لم تنل أمها قسطاً وافراً من التعليم ربما تفك الخط بالكاد لكنها قاومت أحزانها، وحاولت أن تعلم فتاتها الصغيرة أن تعيش الحياة دون عينين، أن تسمع الأشياء ولا تبصرها، أن تسمع التليفزيون.. وتسمع المسلسل، وتتولي بخيالها رسم الصور كما تشاء.
لم يكف أبوها عن نضاله في الحياة، ربما منحته ظروف طفلته دافعاً أشد قوة لمواصلة النضال ومضاعفته، قرر أن يكون سند نفسه، وأن يستقوي في وجه المحنة، حتي تجد صغيرته ظهراً صلباً تستند إليه في حياتها القاسية، لكن البصر كما ضاع فجأة.. جاء السرطان فجأة.
سقطت الطفلة في شبين الكوم، وهناك عرف الأب السبب، وعرف أن ظهره وحده لم يعد يكفي لتستند إليه الصغيرة، وأن استقواءه علي المحن تحول إلي معركة بلا أمل مع طواحين الهواء.
لكن الأقدار.. بينما كانت تعطي للسرطان ضوءاً أخضر للمرور في جسد الطفلة الصغيرة، كانت تجهز الظهر والسند للطفلة، وترسم خيوط أمل أمام حالة الاختبار، التي وضعت فيها والديها المحزونين، كان السرطان يضع أول موطئ قدم في الجسد الصغير، وكان مستشفي «57357» يفتح أول باب لاستقبال الأطفال المرضي بالسرطان.
يومها لم يصدق أبوها حين أخبره طبيب طفلته في شبين الكوم بأمر المستشفي، أنه يمكن أن يجد لصغيرته فيه مكاناً دون «توصية أو واسطة».. لم يصدق أنه لن يدفع مليماً، ولن يضطر ل«رشوة» الممرضات وأفراد الأمن، ولن يكون مجبراً علي زيارة الطبيب في عيادته الخاصة، حتي يساعده في دخول المستشفي ويهتم بطفلته.
يومها، ذهب والتوجس يسيطر عليه، لذلك استجدي جارته أن تسمح له «بقبض الجمعية» قبل موعده، حتي يذهب إلي المستشفي متسلحاً ب«قرشين»، وأوصي ابن خاله، الذي يعمل في شركة عضو مجلس شعب، أن يحضر له «كارت توصية» من سيادة النائب إلي مدير المستشفي.
الآن، ترقد «وديان» في سريرها بالمستشفي، وتغلق عليها وأمها باب غرفتهما المستقلة، لم يستخدم الأب «كارت التوصية» ولا «فلوس الجمعية» طوال 13 شهراً، هي مدة علاج طفلته في المستشفي حتي الآن، والأهم أنه يأتي لزيارة ابنته التي ترافقها أمها مرة كل يومين، مطمئناً إلي أنهما «في أيد أمينة» ترعاهما إدارة مستشفي، لا تسمح لمريض أن يحتاج شيئاً، ولا تترك شيئاً للمصادفة.
بينما ترقد «وديان» في سريرها، تتابع دراستها في فصول أعدت خصيصاً، حتي لا ينقطع الأطفال عن دراستهم، وتذاكر دروسها بمعاونة المتطوعين، وتختار طعامها وألعابها، ويشرف علي علاجها فريق متكامل، مكون من استشاري ونائب بدرجة مدرس مساعد وصيدلي وممرضة، لا تسمح إدارة المستشفي لنفسها أن تمن علي أحد بما تفعل..
هي تعلم أنها تدير مؤسسة تتنفس وتعيش علي دعم الناس وتبرعاتهم، بما يجعل لكل مريض نصيباً فيها، لذلك لا تتعجب حين تجد أم «وديان» تهبط إلي الدور الأرضي، لتضع تبرعاً كان قد جاءها من أحد الزوار في صندوق المستشفي، وحين تسألها ترد: «كنت محتاجة الفلوس علشان أصرف علي علاج بنتي .. والمستشفي مش مخليانا محتاجين حاجة تبقي هيا أولي.. علشان بنتي وغيرها».
هناك في مستشفي «57357»، عثر والد «وديان» أخيراً علي مكان في مصر، الناس فيه سواسية، وأدرك أن ما يسمعه عن نصوص الدستور التي تؤكد المساواة بين المصريين دون تفرقة بسبب لون أو جنس أو عقيدة، ودون تمييز بسبب النفوذ أو حسابات البنوك يمكن أن تكون لها ترجمة حقيقية علي أرض الواقع، وأنها ليست نصوصاً من خيال، تعرف علي الطبيب «الإنسان»، الذي كان يشاهده في الأفلام القديمة، طبيب لا يكف عن التعلم، ولا يمل من خدمة الناس، في الوقت الذي تعصمه المؤسسة إلي حد ما من الخضوع ل«آليات السوق».
في مستشفي «57357» ترقد «وديان» يداعبها أمل بالشفاء، «العمي» بالنسبة لها مرض «زي السخونية».. والسرطان «وجع بيوقع الشعر» ولا يفارقها إيمان بريء بأنها «بكرة تخف وترجع تشوف من تاني».. لكن اليوم الذي تنتظره «وديان» من الممكن أن يكون حلماً مستحيلاً، لو تدهور المستشفي أو توقف.. فلا تسمحوا للغد الذي تنتظره «وديان» ألا يجيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.