إتجه عمالقة صناعة السيارات إلى تعزيز مبيعاتهم في دول الخليج العربية والصين بحثا عن الملاذ الآمن بعد أن "تحالفت" الازمة المالية وأسعار الوقود على مبيعاتهم في الاسواق الاوروبية والامريكية. وتشهد دول الخليج- التي حصدت أموالا طائلة جراء غلاء اسعار النفط- فترة انتعاش ورواج لسوق السيارات، فالزائر لمراكز التسوق الخليجية يشاهد السيارات من طراز رولرز رويس وهمر ومازيراتي تصطف حول المراكز خاصة بعد أن غذت غنائم طفرة اسعار النفط فضلا عن اتاحة الوقود باسعار مدعمة شراء محموما للسيارات. ويتوقع صناع السيارات نموا هائلا لطلبيات السيارات والشاحنات الخفيفة في السعودية والبحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر والامارات العربية المتحدة نحو عشرة في المائة الى 102 مليون سيارة خلال عام 2008، وسط توقعات بتراجع مبيعات السيارات العالمية فبجانب الازمة المالية هناك تشبع الاسواق في اوروبا وانكماش سوق السيارات في اليابان. وفي المقابل تفتقر المنطقة الى صناعة سيارات محلية ولا تفرض قيودا تنظيمية على الاستيراد الذي لاتتجاوز رسومه 5% من قيمة السيارة، مما يفتح الباب أمام صناع السيارات لشحن انتاجهم للمنطقة دون قلق. ويتمتع الخليج كذلك بارتفاع الطلب على سوق استبدال السيارات نظرا للظروف المناخية بالمنطقة التي تتميز بارتفاع درجات الحرارة والعواصف الرميلة فضلا عن القيادة الخشنة مما يقلل من عمر السيارة الافتراضي. وتتميز السيارات اليابانية من طراز تويوتا ونيسان وميتسوبيشي بميزة تنافسية في السوق الخليجية حيث يلجأ اليها الخليجيون كنوع من التقاليد العائلية مما يعرقل الي حد ما سرعة انتشار نظيراتها الامريكية والاوروبية. وارتفعت صادرات السيارات اليابانية الي الشرق الاوسط للعام السابع على التوالي بنحو 38% خلال عام 2007 لتصل الى 823 ألف سيارة. وبعد دول مجلس التعاون الخليجي تأتي السوق الصينية -التي تتميز بطفرة في الطلب - حيث سجلت زيادة في واراتها من السيارات بنسبة 35% في الشهور الثمانية الأولى من 2008 مقابل الفترة المماثلة قبل عام. وفي رد فعل آخر لركود اسواق السيارات الكبرى يرى القائمون على شركات صيانة وتطوير السيارات في الاتجاه الى تحويل الانتاج صوب النظام الهجيني حلا لإنعاش المبيعات على المدى المتوسط والبعيد خاصة مع تزايد أعداد سائقي تلك السيارات التي تعمل جزئيا بالبنزين، والراغبين بتحويل سياراتهم بالكامل للنظام الكهربائي. وفي المقابل، يظهر وجه آخر لمبيعات السيارات في السوق الامريكية- التي تستأثر بنحو 40% من سوق السيارات حول العالم- ركودا كبيرا وفقا للمحلل الاقتصادي لشركة "اريك ميركل" المتخصصة في التسويق، فيما شبهه مستشار المبيعات لدى شركة فورد جورج بيباس بالكارثة الطبيعية. ونال التراجع من مبيعات السيارات بكافة مستويات اسعارها بدأ من الرخيصة ووصولا الى الفارهة، واجمالا خسرت مبيعات الولاياتالمتحدة من السيارات 26% خلال شهر سبتمبر/ ايلول 2008 مقارنة بالشهر نفسه قبل عام. وتفصيلا، كان نصيب الاسد من التراجعات لشركة "بورشة" التي خسرت أكثر من 45% من مبيعاتها، ثم "نيسان" التي خسرت 37%، فمبيعات "فورد" بتراجع 34%، و"كرايسلر" فاقدة 33%، ثم "تويوتا" بنسبة 32%، ثم "وبي ام دبليو" بنسبة 30%، ثم "هوندا" بنسبة 24%، وشركة "دايملر" المنتجة لسيارات "مرسيدس" لتفقد 16%، واخيرا "جنرال موتورز" بنسبة 14% من مبيعاتها. وإمتدت خسائر صناع السيارات لتنال كذلك من مبيعاتهم من الشاحنات، حيث كشفت عملاقتي السيارات "فورد" و"تويوتا" النقاب عن خسارة بهذا الصدد قدرتها فورد بنحو 39%، في حين تركزت خسائر تويوتا على السيارات الضخمة SUV بنحو 17%، في قطاع الشاحنات الصغير قدرت خسائرها بقرابة 12%. وقدرت مؤسسة "أوتو داتا" المتخصصة في متابعة مبيعات السيارات خسائر صناعة السيارات على الصعيد العالمي بنحو 15.5% خلال 2008. وأكد عدد من خبراء صناعة السيارات ان تراجع متوسط دخل المواطن الامريكي نتيجة أزمة الائتمان كان له اثر سلبي يفوق غلاء اسعار الوقود على سوق السيارت، فبالرغم من تراجع اسعار النفط الخام خلال اغسطس/ اب 2008 الا ان مبيعات السيارات بالسوق الامريكية شهدت اكبر تراجع لها في 10 سنوات خلال الشهر ذاته. ودفع تراجع المبيعات شركات السيارات لإتخاذ حزمة من الاجراءات للحد من خسائرها تباينت بين تقليص الانتاج والتركيز على اسواق أكثر رواجا مثل دول الخليج العربية والصين، فقد أعلنت كبرى قلاع الانتاج بيانات بين الاتجاه لخفض الانتاج وتوقعات قاتمة حول مستقبل مبيعاتها، خاصة في اعقاب تصريحات الان مولالي الرئيس التنفيذي لشركة فورد موتور الامريكية التي قال فيها انه يتوقع ألا تشهد سوق السيارات العالمية انتعاشا قبل عام 2010 وحث الحكومات والبنوك المركزية على العمل معا من أجل اعادة الاستقرار للاسواق المالية. وقال ان مشاكل الرهن العقاري والازمة الائتمانية منتشرة في مختلف أنحاء العالم وان من المهم أن تتعاون الدول في ضبط السياسات المالية والنقدية للعودة الى تحقيق الاستقرار للنظام المالي لأن هذا هو الاساس في تغيير المسار الاقتصادي ككل.