محافظ شمال سيناء يتفقد أعمال تطوير بوابة العريش وبفتتح مقراة الصالحين لتحفيظ القران الكريم (صور)    وزارة العمل: 50 فرصة عمل لسائقين بمرتبات 10 آلاف جنيه    مقتل 3 ضباط شرطة وإصابة اثنين آخرين في إطلاق نار بجنوب بنسلفانيا    احتفاءً ب توقيع اتفاقية الدفاع المشترك.. أبراج السعودية تُضئ بعلمي المملكة وباكستان (صور)    غزل المحلة يرفض خوض إى مباراة تحت إدارة الحكم محمود بسيونى مرة أخرى    القبض على المتهمين بالتنقيب عن الآثار أسفل مستوصف طبى بقنا    وزير التربية والتعليم يعتمد نظامًا جديدًا للدراسة والتقييم في الثانوية العامة يبدأ من العام الدراسي 2025/2026    تصدرت التريند بعد أنباء زواجها بشاب، ماذا قالت إيناس الدغيدي عن الطلاق (فيديو)    مصفاة "دانجوت" النيجيرية تصدر أول شحنة بنزين إلى الولايات المتحدة    90.2 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    صراع شرس لحسم المرشحين والتحالفات| الأحزاب على خط النار استعدادًا ل«سباق البرلمان»    قبل أيام من انطلاق المدارس.. تحويلات الطلاب مهمة مستحيلة!    محمد صلاح يتجاوز ميسي ومبابي ويكتب فصلًا جديدًا في تاريخ دوري الأبطال    «نومي بار يعقوب» المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة السابقة: إسرائيل تنشر الفوضى.. و«هجوم الدوحة» يستوجب صوتًا عربيًا واحدًا (الحلقة 41)    نقيب المحامين يكرم400 طالب متفوق من أبناء محامي الإسكندرية    لأول مرة.. ترشيح طالب من جامعة المنيا لتمثيل شباب العالم بمنتدى اليونسكو 2025    أخبار × 24 ساعة.. الخارجية: لا بديل عن حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية    إصابة سيدة فى انهيار شرفة عقار بمنطقة مينا البصل في الإسكندرية    "أوبن إيه.آي" تتجه لإنتاج شريحة ذكاء اصطناعي خاصة بها.. ما القصة؟    أسامة فراج بعد محمد محسوب .. ساحل سليم تتصدر قائمة التصفية خارج إطار القانون من داخلية السيسي    مكافحة الإدمان: علاج 100 ألف مدمن خلال 8 أشهر    كنت باخد لفة بالعربية من ورا بابا، اعترافات المتهم بدهس مسن بسيارة دبلوماسية في المهندسين    رسميًا بعد مد فترة التقديم.. آخر موعد حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2025 لمحدودي الدخل    تكريم أمينة خليل.. تفاصيل حفل إطلاق النسخة السابعة من مهرجان ميدفست مصر (صور)    عمرو منسي: مهرجان الجونة مساحة أمل للمواهب وصناعة السينما    الشاعر الغنائي فلبينو عن تجربته مع أحمد سعد: "حبيت التجربة وهو بيحكيلي عليها"    أحمد سعد مداعبا المؤلف الغنائي محمد الشافعي: "بكلم مامته عشان يألف لي"    محمد عدوي يكتب: الخفافيش تعميهم أنوار الشمس    "سندي وأمان أولادي".. أول تعليق من زوجة إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    محافظ الإسماعيلية يزور رئيس مدينة القصاصين بعد تعرضه لوعكة صحية    ب 3 طرق مش هتسود منك.. اكتشفي سر تخزين البامية ل عام كامل    هتتفاقم السنوات القادمة، الصحة تكشف أسباب أزمة نقص الأطباء    أسباب الإمساك عند الطفل الرضيع وطرق علاجه والوقاية منه    رئيس جامعة طنطا يشهد حفل تخريج الدفعة ال30 من كلية الهندسة    عاجل- بعد قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة.. حركة أسعار المجوهرات في محلات الصاغة    إعلام إسرائيلي: ديرمر التقى وزير الخارجية السوري في لندن بحضور المبعوث الأمريكي براك    استشهاد 99 فلسطينيًا في غارات الاحتلال على غزة خلال يوم    «الأرصاد» تُطلق إنذارًا بحريًا بشأن حالة الطقس اليوم في 8 محافظات: «توخوا الحذر»    عاجل| "الشعاع الحديدي": إسرائيل تكشف عن جيل جديد من الدفاع الصاروخي بالليزر    بريطانيا: زيارة الدولة الأمريكية جلبت 150 مليار باوند استثمارات أجنبية    سعر الموز والتفاح والمانجو والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 18-9-2025    ميدو: ياسين منصور رحل عن شركة الكرة بسبب التدخلات.. وهناك تصور لوجوده نائبًا مع الخطيب    نتيجة وملخص أهداف مباراة ليفربول ضد أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا    موعد مباراة برشلونة ونيوكاسل يونايتد في دوري أبطال أوروبا والقناة الناقلة    احتفظ بانجازاتك لنفسك.. حظ برج الدلو اليوم 18 سبتمبر    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا بالدوري    "بعد هدف فان دايك".. 5 صور لمشادة سيميوني ومشجع ليفربول بعد نهاية المباراة    إنتاج 9 ملايين هاتف محمول محليًا.. وزير الاتصالات: سنبدأ التصدير بكميات كبيرة    "أصحاحات متخصصة" (1).. "المحبة" سلسلة جديدة في اجتماع الأربعاء    مواقف وطرائف ل"جلال علام" على نايل لايف في رمضان المقبل    زي المحلات.. طريقة «أكواب الرمان» بالكركدية    باريس سان جيرمان يكتسح أتالانتا برباعية ويعلن انطلاقته القوية في دوري الأبطال    دوري أبطال أوروبا.. بايرن ميونخ يكرم ضيافة بطل العالم    4 أبراج يحققون إنجازات خلال أسبوع: يجددون حماسهم ويطورون مهاراتهم ويثبتون جدارتهم في العمل    ما حكم كثرة الحلف بالطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الحب يين شاب وفتاة حلال؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف حطم المصريون خط بارليف وفتحوا 82 ثغرة بالساتر الترابي؟
نشر في أخبار مصر يوم 06 - 10 - 2008

علامات من الاستفهام والتعجب أثارها تحطيم القوات المصرية الباسلة لخط بارليف الحصين في حرب أكتوبر/ تشرين أول1973 ، تلك القوات التي لم يمنع تقدمها التحصينات ولا الساترالترابي. إنها
قصة جديرة أن تروى مرات عديدة لكن الانصات إليها من صاحب الفكرة العبقرية في التغلب على هذا الساتر العملاق سيكون أكثر إمتاعاً.
اللواء باقي زكي يروي الملحمة كاملة في حواره مع موقع "أخبار مصر" www.egynews.net
عندما عاد اللواء باقي بالذاكرة 35 عاماً قال: صدرت تعليمات للفرقة(19) بقيادة اللواء/ ممدوح جاد تهامي بالاستعداد لعبور قناة السويس،وكان هناك مشاكل تواجهنا لعبور قناة السويس، وأصبح التفكير في كيفية التغلب على مشاكل العبور و الاستعداد له، ومن أهم المشاكل.. كيفية التغلب على الساتر الترابي-الذي يمتد من بورسعيد شمالا إلى السويس جنوبا بطول حوالى 160 كيلومتراً.
يستمر اللواء باقي ذكي في حديثه مع أخبار مصر ويقول: كنا نشاهد الإسرائيليين يقيمون"خنادق" ونقاط قوية ، وكان الساتر الترابي-خط بارليف- يعلو يوما بعد يوم –وهو مكون من كثبان رملية طبيعية تكونت من ناتج حفر قناة السويس-، ووضعت رملة الحفر على الضفة الشرقية من القناة حيث الناحية الغربية أراضي زراعية. أوصلوا الكثبان الرملية الطبيعية مع ناتج حفر قناة السويس ويقربهم من القناة حتى أصبحت درجة ميل الساتر الترابي مع قاع القناة (80 درجة) ، واقترب أن يكون زاوية قائمة حتى يصعب الصعود عليه أو انهياره ، و أصبح ارتفاع الساتر ما يقرب من 20 متراً.
** كيف جاءت فكرة التغلب على الساتر الترابي ؟
يتذكر اللواء باقي ذكي تلك اللحظات ويقول: بعد صدور التعليمات للفرقة (19) لعبور قناة السويس، بدءنا العمل منذ عام 1968 في كيفية التغلب على الساتر الترابي ، وكان محددا في أذهاننا مقولة " ما أخذ بالقوة سيرد بالقوة" ، وكان الجميع مستعدون للحظة العبور.
في أكتوبر عام 1969 ،اجتمع بنا قائد الفرقة (19) حينذاك اللواء أركان حرب/سعد زغلول عبد الكريم بمنطقة عجرود من الضفة الغربية للقناة، لتحديد مهام الفرقة وتخطي مشاكل العبور .
حضر الاجتماع رئيس الأركان العميد أركان حرب أبو الفتح محرم، ورئيس العمليات اللواء أركان حرب/ طلعت مُسلم، رئيس فرع المهندسين العقيد/ سمير خزام،ورئيس فرع الإشارة العقيد/ صبحي اليوسف، ورئيس فرع الاستطلاع الرائد/ عادل زكريا.
عَرَضَ قائد الفرقة- اللواء سعد زغلول- المهمة بالتفصيل، ثم طلب من كل رئيس تخصص عرض رأيه ويقول تقريره حول مهمة عبور قناة السويس ، فجميع الحاضرين شرحوا في تقاريرهم مكونات الساتر الترابي من نشأته، تكوينه، ارتفاعه، التجهيزات الفنية الموجودة به.
جاءت آراء رؤساء التخصصات في كيفية التغلب على الساتر الترابي فمنهم من قال بالقنابل ، وآخر بالصواريخ، والمفرقعات، والمدفعية، وجميع هذه الآراء أشارت إلى توقيت فتح الثغرات داخل الساتر
الترابي يتم في خلال 12-15 ساعة، وكانت هذه المقترحات والأفكار في غاية الصعوبة لتنفيذها من خسائر مادية وتستغرق وقتا طويلا.
جميع المدارس العسكرية تشير إلى أن اى ساتر ترابي يمكن التغلب عليه بالقنابل والمفرقعات، وفي لحظة والمناقشات مستمرة والأفكار تنتقل من طرف لآخر في الاجتماع دار في زهني مكونات الساتر
الترابي التي شرحها رؤساء الأفرع-مكون من رمال وأتربة وناتج حفر - وربطتها بعملية التجريف التي قمنا بها خلال إنشاء السد العالي عام 1963.
طلبت الكلمة من قائد الفرقة الكي ابدي رأي في هذه المشكلة وقلت:"سمعت الآن أن الساتر مكون من رمال، وربنا حط المشكلة وجنبها الحل يا فندم"
يشرح اللواء باقي زكي فكرته ويقول لقائد الفرقة:باستخدام الطلمبات ذات الضغط العالي، التي توضع على زوارق خفيفة ، نقوم بسحب المياه من القناة ثم تضخ بقوة اندفاع عالي باستخدام "الباشبور"على الساتر الترابي الموجود أمامنا مباشرة والمجاور للقناة، حيث قوة دفع المياه تضغط على الرمال وتنزلها بوزنها الذاتي إلى حافة القناة.
ويستمر في شرحه للفكرة التي تعد غير تقليدية وجميع الحاضرين في صمت ودهشة قائلا: خلال عملي في السد العالي عام 1963 نقلنا حوالى (10 ملايين متر مكعب) بالتجريف.رد قائد الفرقة قائلا: وماذا كنتم تفعلون في السد العالي؟
أجاب اللواء باقي زكي: كنا نسحب المياه من نهر النيل ثم نضغطها على جبال من الرمال-نوعية الرمال المناسبة لجسم السد- ، المياه تزيل الرمال في أحواض خليطه نقوم بعملها أسفل الجبل، نقوم بعد ذلك بسحب "الخليطة "من الأحواض في مواسير قطرها (60 سم) يتم توصيلها بعد ذلك إلى جسم السد العالي.
وفي حالة وجود الجبل بعيدا عن السد العالي نضع طلمبات تقوية في الوسط تساعد على استمرار تدفق " الخليطة" داخل المواسير إلى جسم السد.
يستمر في التحدث مع قائد الفرقة ويقول" يا فندم أنا لا أريد جميع العمليات التي تمت بالسد العالي فالساتر الترابي في قناة السويس يحتاج إلى الآتي: سحب المياه من القناة ثم ضخها بقوة اندفاع على الساتر الترابي مع استمرار تدفق المياه على الساتر وعودتها محملة برماله، ويتم فتح الثغرة بعمق الساتر وبالعرض الذي أريده وفي وقت قصير حوالي 3 ساعات على حسب قوة الطلمبة المستخدمة، وذلك على طول الضفة الشرقية للقناة"
** ما رأي قائد الفرقة اللواء سعد زغلول بعد عرض فكرتك؟
قائد الفرقة بدأ يناقش فكرتي مع رؤساء التخصصات وتأثيرها على أعمال القتال الموجودة واتضح من المناقشة انه لا توجد أى مشاكل مبدئية في المياه المحملة بالرمال عند عودتها إلي القناة ولا في تربة الثغرة.
بعد المناقشات المستفيضة في الاجتماع شعر قائد الفرقة أن هذه الفكرة يجب أن تدرس جيدا، وخصوصا أن البدائل التي عرضت في الاجتماع لحل مشكلة العبور كانت بدائل تقليدية وقد تكون متوقعة من
العدو .
في نهاية الاجتماع قام قائد الفرقة بالاتصال بقائد الجيش الثالث اللواء طلعت حسن على ..،وقال له"يا فندم بعد مناقشتنا للمهمة بتاعتنا ..في موضوع يتعلق بالساتر يهمنا حضرتك تسمعه"،وقال قائد الجيش لقائد الفرقة: "تعالى لي الصبح"
** هل تتذكر لقاءك بقائد الجيش الثالث؟
في الصباح توجهنا أنا وقائد الفرقة اللواء/ سعد زغلول إلى قيادة الجيش غرب القناة لملاقاة قائد الجيش الثالث وعرض الفكرة على سيادته.
بعد الانتهاء من شرح الفكرة بالتفصيل، قام قائد الجيش اللواء/ طلعت حسن على بالاتصال تلفونيا برئيس مهندسين الجيش لسماع الفكرة وإبداء رأيه.قال لي رئيس المهندسين: "اشرح لي الفكرة مرة ثانية"
لخصت الفكرة لسيادته في إنها طلمبات ضغط عالي تسحب المياه وتضخها بواسطة مدافع مياه موجهة مباشرة على الساتر الترابي فتتساقط المياه بالرمال أسفل القناة"
بعد عرض الفكرة على قائد الجيش ورئيس مهندسي الجيش، تقرر أن أذهب فورا من قيادة الجيش إلى نائب رئيس هيئة العمليات اللواء ا.ح/ممدوح جاد تهامي لعرض الفكرة على سيادته.
كان اللواء/جاد تهامي قائد الفرقة(19) قبل اللواء/ سعد زغلول وكان يعرفني جيدا، شرحت لسيادته الفكرة، فقال لي" هي يا ابني مش هتيجي غير كده، القنابل والمدفعية والصواريخ فوق رأسنا من فوق ، بس هي ماتجيش إلا كده."
قام اللواء/ جاد تهامي بالاتصال باللواء نوفل رئيس هيئة العمليات، وعرض عليه الفكرة تليفونيا.. فقال له" خلى "باقي" يذهب إلى مدير المهندسين يشرح له الفكرة"
ذهبت إلى مدير المهندسين اللواء/جمال محمد على وقمت بشرح الفكرة.. قال لي "مَن مِن ضباط إدارة المهندسين كان معك في السد العالي؟"
قلت لسيادته: كان معنا العقيد/شريف مختار ضابط في إدارة المهندسين
اتصل مدير المهندسين بالعقيد/شريف مختار-الذي كان وقتها يخدم في إدارة المهندسين بالجيش الثالث- والذي أيد الفكرة تماما لأنه شاهد بنفسه الطرق المستخدمة في السد العالي.
** بعد عرض فكرتك على قادة الجيش .. كيف تم تطبيقها عمليا؟
ذهبت إلى وزارة السد العالي وكان مقرها بشارع جواد حسني، طلبت من زميل لي بالوزارة "نشرات ورسوم وأفلام فوتوغرافية بها صور للتجريف التي كانت تطبع وتصور في فترة انتدابي للسد العالي"
استغرب زميلى بهذا الطلب ،حيث أقنعته أن هناك مناسبات قومية للضباط والعساكر نعرض خلالها الصور.
بعد ذلك ذهبت إلى قيادة الفرقة(19) ومعي النشرات والرسومات ، وطلب مني قائد الفرقة-اللواء سعد زغلول- بكتابة تقرير مفصل موضحا في المعدات المطلوبة للتجربة ، وكيف نحصل عليها، وأماكن وجودها، وجميع الإجراءات والتجهيزات اللازمة لإتمام العملية.
كتبت تقريرا مفصلا وضعت به المعلومات والحسابات العملية.في صباح اليوم التالي اتصل بي قائد الفرقة وطلب مني التقرير على الفور.
يستمر اللواء باقي زكي في الحديث قائلا: ذهبت إلى قائد الفرقة ومعي التقرير الذي سهرت عليه يوما كاملا في كتابته، حيث طلب مني قائد الفرقة بالذهاب إلى ضابط الاتصال/إبراهيم عطوه-الذي سلمه إلى هيئة العمليات بالجيش الثالث-
بعد أسبوع من تسليم التقرير ذهبت إلى قائد الفرقة وقال لي"عرضت فكرتك إلى الرئيس جمال عبد الناصر، والرئيس اهتم بها جدا، وأعطى تعليمات إلى الجهات المختصة بسلاح المهندسين لدراسة الفكرة وتجربتها عمليا."
طلب مني قائد الفرقة اللواء/سعد زغلول أن أحضر له أى مسودات أو أوراق مكتوب عليها الفكرة، وذلك لأنها أصبحت في مرحلة الدراسة والتجارب -أى مرحلة هامة جدا- وبالفعل أحضرت له المسودة وقام بحرقها بنفسه أمامي وطلب مني عدم التحدث نهائيا في هذا الموضوع وأن ألتزم الصمت.
**ما دور إدارة المهندسين في تحويل الفكرة إلى حقيقة على أرض الواقع؟
في سبتمبر 1969 بمنطقة حلوان قامت إدارة المهندسين بإجراء التجارب والدراسات التي وصلت إلى 300 تجربة، حيث استخدم في أولى التجارب "طلمبة" من السد العالي-كبيرة الحجم وتعمل بالكهرباء-
بعد ذلك تمت التجارب باستخدام "الطلمبات الميكانيكية" المستوردة من إنجلترا وهي أقل وزنا وأكبر قدرة في فتح الثغرة في حوالي 4 ساعات-، وبعدها تم استخدام "الطلمبات التربينية المستوردة من ألمانيا بحجة استخدامها في الحريق- فهي صغيرة الحجم،وذات قوة دفع عالية وتعمل بالديزل،وأتاحت فتح الثغرة في حوالي ساعتين.
كانت جميع التجارب تتم على أنواع من الرمال والأتربة المماثلة للساتر الترابي في قناة السويس، حيث تم تجربة العملية في جزيرة "البلاح بالإسماعلية" على الساتر الترابي-هو ناتج الحفر والتطهيروالتوسيع في يناير 1972 - وتم فتح الثغرة في أقل من 3 ساعات.
** هل كنت تشارك في عمليات التجارب؟
اقتصرت مهمتي فقط في كتابة التقريرعن الفكرة، وبعدها انقطعت صلتي بهذا الموضوع لأنه اخذ محمل الجد والسرية التامة ،وأصبح الموضوع في يد الجهات المختصة-المهندسين- الذين قاموا بتطوير الفكرة ، وقاموا بتدريب الجنود على أسلوب فتح الثغرات، وكنت أسمع أخبار التجارب من اللواء/على فؤاد مدير إدارة المياه.
انتهت عملية التجارب في يناير 1972 والتي لم تتوقف إطلاقا منذ عام 1969، وتم اتخاذ قرار باستخدام تجريف المياه كأسلوب لفتح الثغرات في الساتر الترابي شرق القناة وذلك في عمليات العبور المستقبلية.
وتوضح الحسابات العملية أننا لكي نقوم بعبور قناة السويس نحتاج إلى فتح 85 ثغرة اى نقوم بإزالة 130 ألف متر مكعب من الساتر الترابي لشرق القناة.
** متى علمت بيوم حرب أكتوبر؟
استرجع اللواء/باقي زكي هذه اللحظات واستمر في الحديث قائلا: جميع قيادات الجيش كانوا ينتظرون هذه اللحظة وجميعنا في حماس ولا يراودنا شئ غير العمل على استعادة الأراضي المحتلة المصرية إلى أحضان مصر الغالية.
في يوم 5 أكتوبر 1973 اجتمع بنا قائد الجيش الثالث الفريق عبد المنعم واصل داخل حجرة قيادة الجيش ،وجاء لنا أمر بالقتال، حضر الاجتماع جميع رؤساء الأفرع، وكانت التعليمات مشددة في إبلاغ مساعدينا اليوم التالي 6 أكتوبر 1973 الساعة 11 صباحا، وألا نبوح بأي لفظ عن هذا الاجتماع لأى أحد إلا في اليوم التالي.
**ما المهام التى أسندت إليك في حرب أكتوبر؟
منذ عام 1972 حتى 1974 وأنا اشغل منصب رئيس فرع مركبات الجيش الثالث، كنت أؤمن جميع مركبات الجيش الثالث بالكامل التي تعبر القناة، وذلك على المعابر والطرق والمحاور، وأيضا كانت مسئولية فرع المركبات التجهيز والتحضير للعمليات.
كانت المركبات تقوم بأعمال شديدة الدقة وهي عمليات مرتبة ومحفوظة عن ظهر قلب، لدرجة كنا نعلم أسماء سائقي النجدة بجميع المركبات،فقد تم تدريبنا مرات عديدة قبل ساعة الصفر والعبور
وكانت هذه العمليات تتم بسلاسة فجميع المحاور بها نقط نجدة وكنا نربط نقط النجدة جميعها بعربات خدمة بها أطقم إصلاح وقطع غيار بحيث اى أعطال وتوقف يتم إصلاحها في طريق العبور.
**كيف كانت لحظة العبور؟
بدأت الحرب الساعة الثانية ظهرا يوم6 أكتوبر 1973 ، وبدأت بالضربة الجوية ،ثم القوات البرية حيث كانت جميع العمليات منظمة ومخططة ومحكمة تماما .
أول ثغرة تم فتحها في الساتر الترابي الساعة السادسة مساء من يوم الهجوم، بعدها تم فتح 60 ثغرة وتم إزالة 90 ألف متر مكعب من رمال الساتر بشرق القناة حتى الساعة العاشرة مساء -أي أن في خلال 8 ساعات قد تم فتح 60 ثغرة حتى أن وصلت إلى 82 ثغرة في اليوم التالي.
كان الإسرائليين يعتقدون أن الجيش المصري سوف يهاجم خط بارليف بالقنابل والصواريخ، ولم يتوقعوا إطلاقا هذه الفكرة باستخدام "خراطيم" المياه لإزالة الساتر القوي والحصين حقا كانت مفاجأة غير متوقعة.
** ما شعورك وانت تشاهد انهيار خط بارليف؟
شعور لا يوصف، كان شعورنا أننا مصريون بالفعل.. العدو كان في ذهول ولا يعرف مركز القوة آتى من السويس أو إسماعيلية أو بورسعيد فجميع النقاط تعبر القناة، فقد أحدث العبور خللا في جميع العمليات المضادة للعدو.
** هل كان يراودك عدم نجاح الفكرة لحظة العبور؟
في ثقة وبنبرة صوت تسودها القوة قال: لا.. إطلاقا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.