الدراما المحلية تنتصر في كل بلد عربي ينتج أعمالا درامية، هذه هي الملاحظة الأولى التي خرجت منها عائدا إلى دبي من جولة شملت دمشق والقاهرة، فالدالي وشرف فتح الباب و«في إيد أمينة» وعبد الناصر على لسان المصريين في لقاءاتهم اليومية والأحداث تروى وعلى أكثر من لسان بطرق متعددة، ولا يخلو الأمر من بعض الأعمال التي تعتبر قاسما مشتركا بين الأعمال العربية مثل أسمهان وأبو جعفر المنصور والسيرة النبوية الشريفة في قمر بني هاشم. وفي لقاء عابر مع بعض الزملاء المصريين يبدو ان الكفة تميل مصريا لنجومية يحيى الفخراني و«شرف فتح الباب» وعربيا ل «أبو جعفر المنصور» وإن كان لا بد من مسلسل آخر فإن «أسمهان» تطل بصوتها وصورة النجمة سلاف فواخرجي فيها، ويلاحظ أن الأعمال المصرية لا تزال تعتمد على مفهوم النجم الواحد الذي يسمى العمل باسمه في ظاهرة قد لا نراها في أعمال عربية أخرى. وفي دمشق يستمتع السوريون بمجريات «أهل الراية» الذي خطف الأبصار من «باب الحارة» المتعب والمثقل بهموم وحكايات أعادته للمقاعد الخلفية، ويتابعون مساء تلفزيون دبي وهو يعرض «الحوت» أو يشاهدون الإعادة على التلفزيون السوري صباحا، و«زهرة النرجس» من الأعمال التي تلفت النظر لحميميتها وطريقة معالجتها الروائية عبر الدراما التلفزيونية. و«ليل ورجال» عمل جديد يحقق حضورا على صعيد الحكاية التي تروي سيرة الشعوذة والمشعوذين وعالم السحر في المجتمعات العربية، ولمسلسل «صراع على الرمال» حضور فاعل على خارطة الأعمال السورية وقد حقق العمل حضورا مهما لجهة المشهدية الفنية العالية والموسيقى التي تعتبر واحدة من جماليات العمل، وللعلاقة الوطيدة بين الجمهور الشامي والشعر النبطي . فقد وجت قصائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حضورا طيبا بين أوساط المشاهدين الذي وجدوا بعدا دراميا للقصيدة النبطية في العمل البدوي العربي. وفي الإمارات يبدو أن «حظ يا نصيب» و«حاير طاير» و«ريح الشمال» من الأعمال التي حققت حضورا فاعلا في المشهد الدرامي الإماراتي. ويبدو ان هناك حالة ترقب لحلقات «حاير طاير» الذي بدأ يغوص في تفاصيل كثيرة في المجتمع الإماراتي ويسخر من بعض القضايا والاجتماعية العالقة وبالمقابل يطل حظ يانصيب على فترة صعبة في الخمسينات ليحكي قصصا بقالب كوميدي حققها الكاتب جمال سالم، ويطل فيه عدد من النجوم ومنهم القديرة رزيقة الطارش التي تعود هذا العام بخمسة أعمال دفعة واحدة. وأما «ريح الشمال» فيمضي في صياغة علاقات متشعبة بين أبطاله الذين يستلهمون الأحداث من رواية الكاتب البحريني جمال صقر وكل هذا يحلق في فضاء المشاهد الإماراتي،وبطبيعة الحال لا بد للهجة والحدث التاريخي والتراثي ان يقدم نفسه في عمل ضخم كصراع على الرمال الذي يروي قصصاتنتمي للمجتمع البدوي في شبه الجزيرة العربية، وبعيدا عن الدراما الإماراتي يلقى مسلسل أبو جعفر المنصور حضورا طيبا وكذلك أسمهان، وكل هذا في فسيفساء رمضانية لا تكتمل إلا بهذا الكم والنوع من الأعمال التي تعرض لأهم إنتاجاتها. أسمهان : المشاهد الأخيرة أسمهان حتى كتابة هذه الكلمات لم ينته من تصوير مشاهده المتبقية على ساحل الإسكندرية في مصر والذي يعود لبطء ايقاع المخرج في تصوير الحلقات على الرغم من أنه يقدم مشهدية فنية جيدة، وكذا الحال ب«زهرة النرجس» الذي يسهر على مشاهده الأخيرة المخرج الشاب رامي حنا، و«ريح الخماسين» أيضا يدخل شهره الرابع في التصوير دون ان ينتهي تصويره بعد . وهناك ناصر للمخرج باسل الخطيب وبعض المسلسلات الخليجية الأخرى مثل «ريح الشمال» الذي قارب على الانتهاء من مونتاج الحلقات الأخيرة وكل هذا يدل على ان العقلية الإنتاجية في العالم العربي ما زالت تمشي بخطى غير متوازنة وتعاني من الارتجال الذي يفرض إيقاعه على معظم الأعمال التي تقدم على الشاشات العربية