تعودنا الساحة الباكستانية من آن إلي آخر أن تفاجئنا بالجديد, فخلال ساعات قليلة سيتم انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس المستقيل برويز مشرف لتدخل باكستان مرحلة جديدة في تاريخها. الوجوه المرشحة لتلك الانتخابات ليست بالجديدة, فأقوي المرشحين هو آصف زرداري أرمل بينظير بوتو رئيسة الوزراء السابقة ورئيس حزب الشعب الباكستاني الذي يسيطر علي الأغلبية البرلمانية. وينافس زرداري علي المنصب شخصان آخران الأولي المؤسس السابق لحزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف القاضي سعيد الزماني, اضافة إلي مشاهد حسين رئيس حزب الرابطة الإسلامية جناح قائد أعظم. المراقبون يرون أن زرداري يستمد قوته لتولي الرئاسة بدعم حزبه الذي يحوز علي أغلبية البرلمان, بالاضافة إلي ذلك يحظي بدعم من حزب عوامي القومي بخلاف المرشحين الآخرين, فمشاهد حسين لا يملك حزبه العدد الكافي من المقاعد في البرلمان, ويعود ذلك إلي دعمه لبرويز مشرف إلي آخر لحظة من حكمه, أما سعيد الزماني صديقي فهو كذلك قليل الحظ في أن يخلف مشرف نظرا إلي أن حزبه حزب الرابطة الإسلامية قد تخلي عن جميع الأحزاب الصغيرة من أجل دعم المؤسس السابق لحزب سعيد الزماني. وفي حالة تولي زرداري المثير للجدل الرئاسة فسيكون أمام الرجل ملفات في غاية من الأهمية, فلن تنتهي حالة الجدل الرهيبة التي تحيط بالساحة الباكستانية, وأول تلك الملفات خلفية زرداري السياسية فالرجل محاط باتهامات الفساد من كل ناحية وسبق ودخل السجن من قبل بسبب تلك الاتهامات وأمضي نحو خمس سنوات فيه ولاشك أن القضاة الذين رفض زرداري عودتهم إلي مناصبهم سيكونون في مقدمة المطالبين بمحاكمته علي تلك التهم خاصة أن زرداري نقض عهده مع نواز شريف رئيس حزب الرابطة الإسلامية بضرورة عودتهم, الامر الذي أدي لفض الائتلاف الحكومي علي الفور, وزرداري بتلك الخطوة أعلن صراحة عداءه للقضاة وهم من جانبهم لن يسكتوا علي ذلك. ومن النواحي التي ستثير اهتماما خلال المرحلة المقبلة علاقات زرداري مع الجيش ذي السطوة في باكستان, يمكن أن يفتح الباب لتدخل الجيش في السلطة من جديد في اشارة إلي امكانية استيلاء الجيش علي السلطة إذا ساءت الأمور في باكستان. أما فيما يتعلق بالعلاقات مع طالبان فقد أعلن زرداري صراحة أنه مستمر في الحرب علي الإرهاب ودعم الولاياتالمتحدة في هذه المسألة, الأمر الذي يعني استمرار عداء طالبان وشريحة كبيرة من الشعب الباكستاني لمؤسسة الرئاسة في باكستان, إلا أن رجل الشارع أصبح شغله الشاغل حاليا هو الأسعار المرتفعة وسبل التعامل معها ولو تمكن زرداري من تحسين الأحوال الاقتصادية فسيتأتي له التعامل مع تلك القضية. والحقيقة أنه مع بدء قرع طبول المعركة الانتخابية فإن خريطة التحالف قد بدأت تدريجيا تتشكل في باكستان وأول تلك التحالفات أن حزب قائد أعظم الموالي للرئيس المستقيل برويز مشرف قد أصبح محط أنظار حزبي الشعب وشريف, ولاسيما حزب شريف الذي يسعي للحصول علي تأييد هذا الحزب وامتلاك129 صوتا يمتلكها الحزب في البرلمان في إطار توجيه ضربة معنوية كبيرة لزرداري. رغم أن حزب الشعب وبقية حلفائه يملكون الآن نسبة خمسين زائد واحد في البرلمان فإن هذا لا يمنع من حدوث مفاجآت, خاصة أن عملية التصويت ستكون سرية عبر صناديق الاقتراع وليس برفع الأيدي. وثمة حقيقة مهمة لا يمكن نسيانها أنه أيا كان الرئيس الباكستاني المقبل فسيكون أمامه جراحة تجميلية لا مناص منها للحياة السياسية والاقتصادية في باكستان ونسبة نجاحه ضعيفة للغاية.