مع دخول شهر رمضان المبارك، زادت حدة المنافسة بين القنوات الفضائية العربية من أجل الفوز بأكبر نسبة من المشاهدين، وهو يعد من أهم شهور العام إعلانيا في تلك القنوات. وفي السنوات الأخيرة، انتشرت موضة العرض الحصري للدراما التلفزيونية على الشاشات العربية، حيث تحاول كل محطة أن تقدم بعض المسلسلات والأعمال حصرياً لتحقيق التفرد والتميز لجلب المزيد من الإعلانات.رمضان الذي أصبح قبلة الفنانين الباحثين عن التواجد على الساحة الفنية، أصبح ملعبًا يضم أكبر منافسة حامية بين القنوات والفضائيات، للحصول على حق العرض الأول وليس الحصري لأكبر عدد من مسلسلات الأبطال ذوي الثقل.وفتح ذلك باب التنافس بين الجهات الخليجية والسورية والمصرية في سباق رمضان الدرامي الذي انطلق منذ أعوام، مع ارتفاع نسبة مشاهدة الدراما السورية في مواجهة الدراما المصرية، التي ظلت متربعة على العرش لعقود مضت، وتقدم واضح وملحوظ للدراما الخليجية. وتشهد دراما رمضان هذا العام نوعاً جديداً من المنافسة بين المنتجين، فإلى جانب المنافسة على نجوم السينما، الذين اتجهوا هذا العام إلى الدراما التلفزيونية بقوة وتركيز، هناك تنافس حاد اشتعل بين المنتجين قبل شهر ونصف الشهر من رمضان على تسويق أعمالهم. ففي ظل التكلفة المرتفعة للمسلسلات وزيادة عددها وارتفاع أجور النجوم واتجاه بعض القنوات الخليجية إلى شراء مسلسلات سورية وتركية مدبلجة، شعر المنتجون بأزمة ربما ظهرت بوادرها مبكراً. وفي حين اعتبر بعض المنتجين هذه الأزمة كارثة ربما تستوجب الاعتزال نهائياً عن الإنتاج الدرامي، لم يشعر بوجودها البعض الآخر، بدعوى أنه وضع خطة تسويق محكمة تضمن أكبر قدر من المكسب. ورغم نجاح القطاع الخاص في تسويق أعماله، لا يزال القطاع الحكومي المصري عقيماً في تسويق مسلسلاته ليغطي تكلفتها، وهذا ما جعله يتجه إلى خطة تطوير لقنواته التي انفض من حولها المشاهدون وقبلهم المعلنون، لعل وعسى يساعد ذلك في استعادة بعض الخسائر التي لا يستطيع أحد إنكارها. الشيء الجديد على السوق الدرامية هذا العام، هو غياب العرض الحصري، من خلال بيع حق عرض المسلسل لأكثر من قناة فضائية في وقت واحد، حتى يتم تحاشي أزمة العرض الحصري والخسائر، التي يمكن أن يتعرض لها العمل فنياً ومادياً. فمثلاً، مسلسل «شرف فتح الباب» تكلف 15 مليون جنيه، و«هيما» 10 ملايين جنيه، ومسلسل «في أيدٍ أمينة»، تكلف 18 مليون جنيه، و«أسمهان» وصلت ميزانيته إلى 16 مليون جنيه، و«عدى النهار» إلى 18 مليون جنيه، و«قلب ميت» تخطى حاجز 19 مليون جنيه، و«كلمة حق» تكلف 11 مليون جنيه، أما «رمانة الميزان» و«شط إسكندرية» فميزانيتهما واحدة وهي 10 ملايين جنيه.. وغيرها من الأعمال التي تكشف الميزانيات الهائلة التي أصبحت سمه بارزة للإنتاج الدرامي. ومن الواضح أن تكلفة إنتاج المسلسلات هذه الأيام تصل بل تتخطى حاجز ال 20 مليون جنيه، ولا بد من تعويض تلك الأموال، ويتوقف حصول القنوات على العرض الحصري للمسلسلات على المبالغ المعروضة من هذه القنوات، فالقناة الفضائية التي تدفع أكثر يكون من حظها العمل الدرامي. حيث ان سوق الإنتاج والتوزيع يحكمه العرض والطلب، وإذا لم يجد المسوقون عرضاً مناسباً لعرض بعض الأعمال حصرياً على إحدى القنوات الفضائية، فإنهم يبيعون العمل لأكثر من محطة فضائية مختلفة، حتى يستطيعوا تغطية تكاليف الإنتاج الباهظة، وتحقيق هامش ربح مناسب. وبالتالي أصبحت القنوات تعتمد على كعكة الإعلانات، التي تغطي بعض تكاليف شراء المسلسلات، وأكد سوقها نجاحاً للفضائيات في ترجمة حقوق العرض للمسلسلات إلى عقود إعلانية، وهذا العام نجحت قناة «إم بي سي» في توقيع عقود إعلانية ب 50 مليون دولار، وتعاقدت قناة دبي على إعلانات ب 5 ,48 مليون دولار وكان نصيب قناة الراي 20 مليون دولار وقناة «أبوظبي» 15 مليون دولار وقناة «الحياة» 10 ملايين دولار وقناة «سما دبي» 7 ملايين دولار، وذلك قبل بداية رمضان بأيام. ومن المتوقع أن تثير أزمة العرض الحصري أو عرض أول وثان إذا لم تنته سريعاً مشكلات جمة مع المشاهدين هذا العام، خصوصاً مع التكرار للأعمال على أكثر من قناة، ولابد من إيجاد صيغ أفضل تدفع الدراما إلى الأمام، وتحقق للجميع وأولهم طبعاً الجمهور، المتعة المرجوة، من دون إحساس بالتخمة نتيجة الازدحام وكثافة المعروض، أو الصدمة من ضعف وسوء المسلسلات، استسهالاً لتحقيق مكسب مادي على حساب كل شيء.