'معسل' و'تفاح'.. 'كيوي' و'اناناس'.. وكمان 'فخفخينا'. أسماء ونكهات عديدة وجذابة يحملها حجر 'الشيشة' وتتباري الخيام الرمضانية المختلفة في تقديمها والترويج لها بأسعار مختلفة.. واساليب تجذب كل الفئات من الرجال والنساء رغم ما تحمله لهم من سموم قاتلة!! والسؤال الآن: من يصدر قرار منع تدخين الشيشة في الخيام الرمضانية؟ ولماذا لا نطبق فورا.. قانون منع التدخين في الاماكن العامة.. حتي نقضي علي هذه الظاهرة الخطيرة التي ارتبطت للأسف بشهر رمضان الكريم؟ خبراء الصحة يؤكدون خطورة الظاهرة.. خاصة بعد أن أكدت دراسة مهمة لاحدي جمعيات مكافحة التدخين أن تدخين الشيشة يزيد بنسبة 25 % في رمضان بسبب الخيام الرمضانية! الاطباء ونقابتهم ومنظمة الصحة العالمية وأعضاء جمعيات الصدر ومكافحة التدخين.. ومعهم أيضا نسبة كبيرة من المواطينين غير المدخنين بالطبع يطالبون بمنع الشيشة في جميع الخيام وتطبيق القانون فورا. اما وزارة الصحة فرغم حماس وزيرها د. حاتم الجبلي لهذه القضية.. الا أنه يلقي مقاومة شديدة مرة من شركات التدخين.. وأخري من المسئولين بالمؤسسات المختلفة.. وثالثة من المدخنين أنفسهم الذين حاولوا تنظيم حملة ضخمة لمحاربة الصور التحذيرية علي علب السجائر ورابعة من أصحاب الخيام الرمضانية الذين يبحثون عن كل ما يجذب الزبائن لتحقيق مزيد من الربح. وقد قررت الوزارة هذا العام وضع الصور التحذيرية للتدخين بأحجام كبري داخل الخيام الرمضانية الكبيرة.. وبدءا من العام القادم سيتم منع الشيشة داخلها تماما بأمر القانون.. كما يؤكد المتحدث الرسمي لوزارة الصحة. الصحة العالمية : المكتب الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية لا تتوقف جهوده وتحذيراته من مخاطر الشيشة.. من خلال العديد من المؤتمرات وورش العمل واصدار الكتيبات والنشرات وكلها تحمل تحذيرات تؤكد ان الشيشة اكثر خطرا من السجائر وتطالب بمنعها في المقاهي والخيام الرمضانية. معمل 'تفريخ'!: في البداية يقول الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة السابق ورئيس الجمعية المصرية لأمراض الصدر والتدرن ان الخيم الرمضانية للاسف اسيء استخدامها بعد دخول الشيشة اليها.. فهي في الاساس فكرة جيدة للقاء بين الاقارب والاصدقاء خلال شهر رمضان.. ولكنها تحولت بمرور الوقت الي حلقات للتدخين الجماعي للشيشة واصبحت الخيام تتباري في تقديم الانواع المختلفة لجذب الزبائن.. لدرجة ان هذه الخيم اصبحت مصدرا اساسيا لتفريخ اجيال جديدة من المدخنين. وانا اري ضرورة تطبيق القانون فورا بمنع التدخين داخل هذه الخيم تماما باعتبارها من الاماكن العامة سواء كانت مغلقة او مفتوحة.. وان تصبح جميع الخيم صديقة للبيئة بدءا من هذا العام. ويؤكد د. محمد عوض تاج الدين ان الشيشة تحمل كل مخاطر التدخين ويزيد عليها ايضا انها تسمح بنقل العدوي الفيروسية او البكتيرية للعديد من الامراض التي قد تصل لمرض السل الخطير.. والعدوي تنتقل من خلال الماء و'الخرطوم' حتي لو تم تغيير المبسم. وعن مقاومة بعض الجهات لتطبيق القانون يقول د. عوض تاج الدين ان هذه القضية تحتاج وقفة من الجميع كما تحتاج مساهمة المواطنين انفسهم بإيجابية في رفض وجود مدخن بينهم يمكن ان يتسبب في ايذائهم. المغرب.. منعت الشيشة : وبحماس شديد يقول الدكتور حمدي السيد نقيب الاطباء: ليس من المقبول ان تصبح الشيشة احدي الظواهر التي يرتبط انتشارها بشهررمضان من خلال الخيم الرمضانية رغم معرفتنا جميعا بمدي خطورتها علي صحة من يشربها وكذلك من يستنشق دخانها كمدخن سلبي. وقد قمنا بعقد ندوة في النقابة منذ فترة قصيرة طالبنا خلالها وزارة السياحة والحكم المحلي بمنع التدخين في الخيم الرمضانية للاسباب الصحية والدينية.. وللاسف لم يستجب احد!! وانا انتهز الفرصة من خلال جريدة 'الاخبار' لاجدد الدعوة والمطالبة بمنع الشيشة والسجائر في الخيم الرمضانية.. وان نسارع باتخاذ هذا القرار بدءا من هذا العام.. مثلما فعلت حكومة المغرب التي اصدرت قرارها بمنع تدخين الشيشة في المقاهي حماية لمواطنيها وشبابها. كما اناشد كل صائم بألا يكون احتفاؤه برمضان بتدخين الشيشة التي تبعده بالتأكيد عن طاعة الله لاصراره علي ايذاء غيره!! ويضيف د. حمدي السيد قائلا: للاسف الشديد اننا لدينا الان قانون يمنع التدخين في الاماكن العامة والمغلقة ومع ذلك لا نستطيع تطبيقه!! فرغم حماس وزير الصحة الا ان المقاومة تأتي للاسف من المؤسسات الحكومية نفسها والتي تطالب بالتدرج في تطبيق القانون. وهو موقف غريب.. فالمفروض ان تكون الحكومة اكثر حماسا لتطبيق هذا القانون.. وان تدرك جيدا ان تطبيقه سيوفر علي الدولة مليارات الجنيهات التي تنفق علي العلاج من الامراض الخطيرة المترتبة علي ملوثات التدخين.. خاصة بعد ان اصبح هواء الشوارع ملوثا بسبب الانتشار الرهيب للمقاهي التي تقدم الشيشة. صور تحذيرية : ويقول الدكتور عبدالرحمن شاهين المستشار الاعلامي والمتحدث الرسمي لوزارة الصحة: ان منع التدخين نهائيا في جميع الاماكن العامة لا يمكن ان يتم فجأة.. لان ظاهرة التدخين في مصر منتشرة بصورة خطيرة بين جميع الاعمار والدليل اننا نستهلك في مصر حوالي سبعين مليون سيجارة يوميا.. اما الشيشة فتنتشر في جميع الشوارع والحواري والفنادق وغيرها.. لذلك لابد من التدرج في مواجهة الظاهرة مع ضمان الحسم والجدية في التطبيق.. وقد بدأنا المواجهة بالصورة التي وصفها البعض بالمنفرة والتي نجحنا في وضعها علي علب السجائر رغم اعتراض الشركات ومقاومتها وقد نجحت هذه الصورة في اثارة مخاوف المدخنين.. وفي اعادة تذكير الناس بأخطار التدخين. اما الشيشة فمقاومتها اكثر صعوبة لان المقاهي تنتشر الان في جميع الشوارع وتجذب جميع الفئات والاعمار. وبالنسبة للخيم الرمضانية فهي بلاشك ظاهرة سيئة يجب مواجهتها حيث اصبحت هذه الخيم التي ترتبط بالشهر الكريم تقوم اساسا علي الترويج للشيشة وتتباري في تقديم انواع مختلفة وبأسماء جذابة.. حصر الخيام ويؤكد ان وزير الصحة شديد الحماس والاصرار علي تطبيق قانون منع التدخين ومكافحة هذه الظاهرة بكل اشكالها. وفي هذا الاطار فقد تم تكليف د. محمد محرز مدير عام ادارة التدخين بالوزارة بعمل حصر للخيمةالرمضانية الكبري بالقاهرة والجيزة بالتعاون مع المحليات.. وسيتم هذا العام وضع 'بوسترز' ضخمة داخل هذه الخيم تحمل الصور التحذيرية من التدخين.. والتي تضم صورة مريض الصدر المستخدمة حاليا علي علب السجائر.. بالاضافة لثلاث صور اخري توضح مخاطر التدخين بكل صوره علي الطفل والجنين وكذلك تأثير التدخين علي العلاقة الزوجية. وبدءا من رمضان القادم استطيع ان اعد المواطنين بأن جميع الخيم الرمضانية ستصبح صديقة للبيئة بدون شيشة ولا سجائر.. واتمني ان تتعاون معنا جميع الاجهزة.. وكذلك المواطنون في الاسراع لتطبيق هذا القانون الذي يلقي مقاومة شديدة! وعن بدء تطبيق القانون بمنع التدخين في المنشآت الحكومية يقول د. شاهين ان يناير القادم سيشهد بدء التطبيق في المصالح الحكومية والمنشآت الصحية والتعليمية والنوادي ومراكز الشباب وستطبق الغرامات المقررة وهي عشرة آلاف جنيه لصاحب المكان ومائة جنيه للمدخن. تأييد.. واعتراض! ولكن.. ما رأي الناس في هذه الظاهرة؟ يقول كرم عبدالحميد مهندس: بصراحة انا مدخن ومن عشاق الشيشة وخاصة في الخيام الرمضانية.. لان تدخينها يحلي مع 'لمة' الاصحاب.. وانا طبعا ضد اصدار قرار بمنع التدخين في خيمة رمضان.. وعلي المتضرر ان يلجأ للخيام صديقة البيئة! وتقول مديحة عبدالوهاب وكيلة مدرسة طبعا أؤيد هذا القرار بشدة.. فالخيام الرمضانية فرصة جيدة للقاء الاهل والاصدقاء في رمضان ومكان مناسب لاقامة عزومة افطار بعيدا عن المنزل.. ولا انسي ابدا حينما قمنا بعزومة اقاربنا في رمضان الماضي علي الافطارفي احدي خيام المريوطية.. وبمجرد انتهاء الافطار تحولت الخيمة الي 'مدخنة'.. واخذنا ننتقل من مائدة لمائدة حتي تركنا المكان كله رغم اننا اصحاب حق.. ولكن صاحب الخيمة يهمه زبون الشيشة قبل اي زبون آخر.