في يونيو/ حزيران من عام 2000 شغل عبد الحليم خدام منصب رئيس الجمهورية العربية السورية بالوكالة مدة 37 يوما بعد وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد بصفة خدام النائب الأول للرئيس الراحل. وفي 17 أغسطس / آب 2008 تصدر المحكمة العسكرية الجنائية الأولى بدمشق 13 حكماً بالسجن لمدد مختلفة على خدام، أشدها الأشغال الشاقة المؤبدة مدى الحياة. ووجهت المحكمة العسكرية إلى خدام عددا من التهم تمثلت في: الافتراء الجنائي على القيادة السورية، والإدلاء بشهادة كاذبة أمام لجنة التحقيق الدولية بشأن مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وكتابات وخطب لم تجزها الحكومة السورية. كما اتهمته بالمؤامرة على اغتصاب سلطة سياسية ومدنية، وصلاته غير المشروعة مع العدو الصهيوني، والنيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي، ودس الدسائس لدى دولة أجنبية لدفعها العدوان على سوريا - وهي التهمة التي عوقب عليها بالمؤبد - وكان عبد الحليم خدام أعلن انشقاقه عن السلطة السورية في ديسمبر/ كانون الأول 2005 بعد أن ساءت علاقته بالرئيس بشار الأسد، وانتقد السياسة الخارجية السورية لا سيما في لبنان، وانتقل للعيش في فرنسا، وأسس في 2006 جبهة "الخلاص الوطني" التي تضم معارضين سوريين أبرزهم جماعة الإخوان المسلمين. وقد دعا خدام إلى العمل على التغيير السلمي في سوريا بإسقاط النظام الذي وصفه بأنه "ديكتاتوري" - علما بأن خدام كان مهندس سياسات هذا النظام السياسي لمدة 40 عاما، بل وهو الذي وقع على القانون رقم 9 لسنة 2000 القاضي بتخفيض سن الرئيس في سوريا من 40 إلى 34 عاما كقانون تكميلي وليس كتعديل دستوري وهو القانون الذي أتاح لبشار الأسد الوصول إلى منصب الرئيس. وأكد بعد لجوئه إلى باريس أنه على قناعة تامة بأن الرئيس السوري بشار الأسد أمر باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير/ شباط 2005. عبد الحليم خدام ولد عبد الحليم خدام في مدينة بانياس في محافظة طرطوس عام 1932 لعائلة سنية. تخرج من جامعة دمشق فرع الحقوق وامتهن المحاماة. وانتسب إلى حزب البعث عام 1947. شغل بعد وصول البعث إلى السلطة محافظا لحماة من عام 1964 إلى عام 1966، ثم محافظا لطرطوس من 1966 إلى 1967، ثم لدمشق بين عامي 1967 و1969. وعين وزيرا للاقتصاد والتجارة الخارجية من عام 1969 إلى عام 1970. ثم أصبح نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للخارجية عام 1970، بعد نجاح "الحركة التصحيحية" التي قادها حافظ الأسد. وكان مكلفا بالملف اللبناني طوال الحرب الأهلية اللبنانية حتى عام 1998. ولعب عبد الحليم خدام دورا مهما في التحضير للاتفاق الثلاثي عام 1985، واتفاق الطائف عام 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية. وفي مارس/ آذار 1984 أصبح أحد نواب رئيس الدولة الثلاثة - وخلفه في منصب وزير الخارجية فاروق الشرع - وتوطدت العلاقة بين خدام ورئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري وعائلته، بينما توترت علاقته تدريجيا مع الرئيس السوري بشار الأسد، ليعلن رسميا - على إحدى الشاشات الفضائية - انشقاقه من باريس في 31 ديسمبر 2005. ومع إصدار حكم المحكمة العسكرية، أصبح خدام في وضع لا يحسد عليه خصوصاً أن هذا الحكم جاء قبل أيام قليلة من زيارة نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا (الدولة التي تستضيفه) لدمشق بعد سنوات من التوتر في العلاقات بين البلدين الأمر الذي يعني أن النظام السوري بدأ يستعيد علاقاته مع الأصدقاء القدامى نتيجة لمتغيرات دولية واقليمية.