مراقبة من المخدع إلى العمل

تحكم النساء إنزال الستائر بعصبية بعد أن يرخي الليل سدوله في مدينة شنجن الصينية. وهن يخشين أن تقوم الكاميرات التي تسجل رحلاتهن اليومية إلى العمل وإلى المتاجر، بالتسلل أيضا إلى بيوتهن وتصوير أشد لحظاتهن خصوصية. وهذا الخوف لم ينشأ من فراغ. فمدينة شنجن التي تكتظ ب 12 مليون نسمة وتشاطر هونج كونج الحدود هي بؤرة تجربة حكومية لمراقبة سكانها بأحدث الدوائر التليفزيونية المغلقة أو تكنولوجيا (سي.سي.تي.في).
ولكن حدود التجربة محل تساؤل. فهناك أكثر من 200 ألف كاميرا فائقة التكنولوجيا متخفية في شكل أعمدة إضاءة في الشوارع الرئيسية ومراكز التفوق والحدائق العامة والطرق السريعة في شنجن. والتي ترصد حركة الحياة فيما يتوقع أن يكون أوسع استخدام في العالم لتكنولوجيا مراقبة المجتمعات السكانية. ومنذ اللحظة التي تخطو فيها قدماك على الحدود البرية من هونج كونج إلى المدينة التي تنمو بسرعة رهيبة، والتي كانت قبل 20 عاما فقط مجرد قرية صيد هاجعة، تتبع الكاميرات تتبع خطاك أينما ذهبت على مدى النظر بزوايا 360درجة.
ويتوقع في غضون أن يكون في شنجن جهاز فيديو يغذي قاعدة بيانات مركزية عبر مليوني كاميرا للمراقبة في أعلى تركيز على الكوكب وبما يفوق مدينة لندن أربع مرات. وهذه التجربة جزء من مشروع قومي يسمى ''جولدن شيلد'' (الدرع الذهبي). والذي يستهدف تعزيز مراقبة المجتمع باستخدام تكنولوجيا الفيديو. والتي تم استيراد غالبيتها من شركات غربية كبرى لتأمين دورة الألعاب الأوليمبية التي أقيمت في بكين. وبحسب شين شاو باو نائب قائد الشرطة في شنجن فقد كان للتجربة ثمار ذهبية بالفعل. فقد تراجعت معدلات الجريمة بنسبة زادت على 10 في المئة كما أن عمليات الرصد التي تقوم بها الشرطة زادت بنسبة 6ر2 في المئة منذ بدء جيش المخبرين الصامت مهمة المراقبة في عام .2006
وتحت حكم الحزب الشيوعي، حيث مراقبة المجتمع هي الشيء الطبيعي، لم يثر الظهور المفاجئ للكاميرات الأمنية الحديثة عبر المدينة أي معارضة حتى وقع حادث في مايو الماضي. وأثار مخاوف من أن تتحول تلك التكنولوجيا إلى سلاح ذي حدين. وذلك بعدما اكتشف السكان في إحدى المناطق أن الكاميرات ترصد النساء -عبر النوافذ- حتى وهن في مخادعهن وقد وجدت اللقطات طريقها إلى أحد مواقع الإنترنت.
وثارت ثائرة السكان وحاول بعضهم تحطيم كافة الكاميرات، إلا أنهم لم يستطيعوا لأنها من الممتلكات الحكومية. ولكن الحادث كان بمثابة دعوة للتيقظ ومعرفة إلى أي مدى تطورت المراقبة العامة في شنجن. وقال أحد السكان ''الأمر شبيه بعهد الأخ الكبير عام .1984 وقد أدركت بعد الحادث أن المرء بمجرد أن يخطو خطوة واحدة خارج بيته ترصده كاميرات المراقبة.