على الرغم من ان الولاياتالمتحدة تقول أن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية تهدد اي سلام بين اسرائيل والفلسطينيين الا ان هذا القول يتناقض مع تشجعيها الامريكيين على المساعدة في دعم المستوطنين بتقديم اعفاءات ضريبية عن تلك التبرعات. ومع وصول كوندوليزا رايس الاثنين الى الشرق الاوسط في جولة اخرى من محادثات السلام دافع المؤيدون الامريكيون والاسرائيليون للمستوطنات عن الحوافز الضريبية التي تفيد جيوبا بالضفة الغربية اعتبرتها محكمة العدل الدولية غير قانونية وقالت عنها وزيرة الخارجية الامريكية انها عائق امام الدولة الفلسطينية. وتقول جماعات مؤيدة للمستوطنين إن لها الحق في الاعفاءات الضريبية لان عملها " انساني" وليس سياسيا وترفض اي مقارنة بالجمعيات الخيرية الفلسطينية التي يواجه بعضها عقوبات امريكية بسبب شبهات في وجود روابط بينها وبين جماعات اسلامية مثل حماس. والحجم الكامل للتمويل الامريكي المعفي من الضرائب للمستوطنات ليس واضحا لان جماعات كثيرة تشارك فيه وممارساتها في الانفاق ليست شفافة دائما. لكن هناك مراجعة اجريت لسجلات الضرائب الامريكية وجد أن 13 جماعة معفاة من الضرائب ترتبط صراحة بالمستوطنات تمكنت من جمع اكثر من 35 مليون دولار في السنوات الخمس الماضية وحدها. وفى رده على سؤال عن الاعفاءات الضريبية يرى شون مكورماك المتحدث باسم رايس ان مثل هذه المسائل الضريبية والقانونية ليست من اختصاص وزارة الخارجية. لكنه اوضح "فيما يتعلق بالسياسة الامريكية بشأن المستوطنات فهي واضحة.انها السياسة الصائبة ان تحاول المساعدة في التوصل لتسوية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين." واكتفى جهاز الايرادات الداخلية بالقول إن الجماعات يمكن ان تتأهل للاعفاء فقط اذا كانت الاموال تذهب الى "اغراض خيرية ودينية وتعليمية". وتظهر السجلات ان الاموال من الجماعات المعفاة من الضرائب ذهبت الى ما تصفه تلك الجماعات بأنه مشروعات تطوير مجتمعي واستيعاب للمهاجرين وصحة وتعليم واوجه خير في الجيوب التي يقول الفلسطينيون ان وجودها يشل مجتمعهم واقتصادهم. وفي احد الامثلة حين سيطر المستوطنون على مبنى جديد في مدينة الخليل الملتهبة العام الماضي تحركت جماعة في نيويورك معفاة من الضرائب لجمع اموال لاعمال تجديد لاسكان مزيد من العائلات. ويقول صندوق الخليل وجماعات اخرى ان لها الحق في الاعفاءات الضريبية مثل الجمعيات الخيرية الاخرى. ويجمع صندوق الخليل 1.5 مليون دولار سنويا في المتوسط لدعم المستوطنين اليهود في المدينة. اما سوندرا اوستر باراس رئيسة جماعة اصدقاء مسيحيون للمجتمعات الاسرائيلية فتسأل "هل تقول انك يمكن ان تحصل على خصم خيري لمساعدة الجوعى في مدينة نيويورك لكنك لا يمكن ان تحصل على خصم خيري لمساعدة الجوعى في يهودا والسامرة." ويهودا والسامرة هو المصطلح الذي تطلقه اسرائيل على الضفة الغربية.واضافت "هذا نقاش ليس فيه منطق." ويرى منتقدون فلسطينيون واسرائيليون إن هناك غرضا سياسيا مستترا -لتوسيع الجيوب اليهودية في الارض المحتلة- وان الاعفاءات الضريبية تتناقض مع السياسة الخارجية الامريكية المعلنة ومع القانون الدولي. وتضغط رايس على اسرائيل لقطع حوافزها المالية الخاصة عن المستوطنين. ويقول نعوم شيليف من جماعة امريكيون من اجل السلام الان التي تدعم جماعة اسرائيلية معارضة للاستيطان في الضفة الغربية حيث يعيش حوالي 2.5 مليون فلسطيني "انه امر غير متسق." اما عن المفاوض الفلسطيني صائب عريقات فيقول ان الاعفاءات الضريبية "تتناقض مع السياسة الامريكية". ويضيف "اما ان يوقفوا المستوطنات او يكفوا عن الحديث عن حل على اساس دولتين." ويقول خبراء ان الملايين التي جمعتها المنظمات المعفاة من الضرائب في الولاياتالمتحدة تسهم في التوسع الاستيطاني بتمويل الخدمات العامة ودعم المهاجرين الذين ينتقلون الى الجيوب اليهودية التي يسكنها بالفعل حوالي نصف مليون شخص. لكن هذه الارقام تتضاءل بجوار الانفاق الاسرائيلي على المستوطنات والذي تقدره بعض الجماعات بأكثر من 550 مليون دولار سنويا. وقلل ايان لاستيك استاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا من احتمالات الغاء الاعفاءات الضريبية. وقال "انها مسألة حساسة سياسيا". واشار الى قدرة الجماعات الامريكية المؤيدة لاسرائيل على عرقلة اي تغيير. وتستفيد جماعة امريكيون من اجل السلام الان وجماعات اخرى مناهضة للمستوطنين من اعفاءات ضريبية امريكية ايضا وهي استثناءات قال متحدثون مؤيدون للمستوطنين انه لا بد من اثارة التساؤلات بشأنها لان هذه الجماعات "سياسية". واعترف مدير صندوق الخليل يوسي بومول بأن الترويج للمستوطنات يتعارض مع السياسة الخارجية الامريكية لكنه اكد ان "الحكومة الامريكية ليس لها الحق في استخدام الاعتبارات السياسية عند الحكم على الاحتياجات الانسانية وغير الربحية." وجيفري ارونسون مدير البحوث في مؤسسة سلام الشرق الاوسط في واشنطن يقول ان الطبيعة " الانسانية" لمثل هذه البرامج الاستيطانية "هي في عين الناظر." ويوضح ارونسون ان الهدف الخفي للجماعات المؤيدة للمستوطنين هو "السيطرة على الخليل وجلب مزيد من اليهود الى الخليل" حيث يعيش حوالي 650 مستوطنا في جيوب تحرسها القوات الاسرائيلية. ويعترف بومول ان صندوقه جمع اموالا لتجديد مبنى في الخليل يطلق عليه الاسرائيليون بيت شالوم او بيت السلام بعدما استحوذ عليه مستوطنون في اجراء مثير للجدل في مارس اذار 2007 . وقال الصندوق بموقعه على الانترنت "يمكن الان لعشرات من العائلات الجديدة ان تأتي لتعيش في الخليل.. فقط اذا جددنا هذا المبنى بسرعة." ويقع المبنى بالقرب من الحرم الابراهيمي وهو موقع على درجة عالية من الحساسية له مكانته لدى المسلمين واليهود. ويتبادل الفلسطينيون في الخليل الاتهامات بالتحرش مع المستوطنين. وقال بسام الجابري الذي يعيش بالقرب من المبنى الاستيطاني الجديد ان السياسة الامريكية "كلمات جوفاء". واضاف "لماذا يتحدث الامريكيون عن التخلص من المستوطنات في حين يبنون واحدة جديدة بجوارنا مباشرة." (رويترز)