لأن (الغباء جند من جنود الله)، فقد حاول المجرم ايتمار بن غفير الذى يجسد التطرف الدينى المتشدد، ويتولى مسئولية وزارة الأمن القومي، أن ينال من رمزية البطل مروان البرغوثي، (أيقونة النضال الفلسطيني) باقتحام زنزانته فى حبسه الانفرادي، الذى يعيش فيه منذ سجنه فى إبريل عام 2002، حيث يواجه حكما بخمسة مؤبدات و40 عامًا، متوعدا بأنهم سينالون (من كل من يعبث مع شعب إسرائيل). وأضاف (لن تنتصروا ويجب أن تدركوا ذلك)، وزاد الإجرام عندما تم تسريب المشهد، دون أى رد من البرغوثى على الأقل فى الفيديو، وإن بدا البرغوثى بوجه شاحب نحيلا من آثار الجوع والمعاناة الطويلة، وإن كانت نظرات عينيه مليئة بالتحدى والعزيمة، الاقتحام كان رسالة لمن يهمه الأمر، بأنه لا حصانة لأحد، سواء من فتح وهو أحد قادتها أم من حماس والجهاد، مع محاولة كسر الرمزية المعنوية للرجل فى الشارع الفلسطيني، ولكن أيضا غباء بن غفير بفعلته هذه، -دون أن يدرى- أعاد إلى الذاكرة الجمعية لدى الفلسطينيين وشعوب العالم الحر، قضية الآلاف من السجناء الفلسطينيين، الذين يعيشون أسوأ الظروف المخالفة لكل القوانين الدولية، كما أعطى أملا لقطاعات عريضة، بأن البرغوثى ما زال يمثل قائدا لمرحلة قد تتأخر، ولكنها قادمة لا محالة، فما زال هو المرشح الأكثر قبولا فى الشارع الفلسطيني، لخلافة الرئيس محمود عباس، إنه الأكثر قدرة على قيادة الشعب الفلسطيني. اقرأ أيضًا | خاص| هل يُفرج عن مروان البرغوثي في صفقة الأسرى المحتملة؟.. مسؤول يوضح وقد تعامل الكثيرون مع مروان البرغوثي، على أنه قد يكون نسخة فلسطينية من تجربة الزعيم الجنوبى إفريقى نيلسون مانديلا، مع الإقرار بوجود فروق بين نظام الفصل العنصري، والاحتلال الاستيطاني، ومع ذلك نجح مانديلا فى إقامة نظام ديمقراطى متعدد الأعراق، كرمز للسلام والمصالحة، والتصدى للظلم والعنصرية، لم تغير سنوات سجنه الطويلة، من تسامحه، وحرصه على هدم أركان العنصرية، وتفادى وقوع البلاد فى حرب أهلية، وخرج منه ليتولى رئاسة بلاده جنوب إفريقيا عام 1994، ولهذا كله دخل التاريخ من أوسع أبوابه، ويستطيع البرغوثى استنساخ التجربة من خلال قناعاته، وتأكيده أن يمارس عملا سياسيا، ليس له علاقة بالعمل المسلح، ويؤمن بأن المفاوضات مع إسرائيل للتوصل إلى حل سياسي، يجب أن تستند على البنود الصحيحة، والتطبيق الدقيق لاتفاقيات السلام، رافضا تهويد القدس، معتبرا أن المستوطنات بؤر إرهابية يجب أن تزال، يرفض المساومة على حدود 1967، مع حل عادل ودائم مبنى على قرارات الشرعية الدولية ناهيك أنه يفرض وجوده على المشهد السياسى رغم سنوات سجنه الطويلة، حيث لم تمنعه من ديمومة العمل السياسي، فهو من أعد صيغة اتفاق الفصائل عام 2003، وساهم فى عام 2006 كمندوب عن فتح من داخل سجنه، وفى وضع وثيقة الأسرى التى تم تعديلها لتصبح وثيقة الوفاق الوطني، فى جهد لحقن دماء الفلسطينيين بعد الاشتباكات، التى أعقبت فوز حماس بالانتخابات فى هذا العام، كما فاز بعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح فى عام 2009، وتم إقصاؤه من تولى نائب رئيس الحركة فى مؤتمر الحركة فى 2016 وحصل يومها على 930 صوتا، يليه جبريل الرجوب 830، كما ترشح لرئاسة السلطة فى انتخابات يناير 2021 والتى لم تكتمل.