اخبار اليوم 19/7/2008 أبشع الجرائم هي تلك التي ترتكب تحت غطاء زائف من العدالة والشرعية.. وأخطر المجرمين هوالذي يتنكر في هيئة القاضي وينفذ جرائمه بسلاح يزعم انه سيف العدالة! ولاتوجد جريمة كبري في التاريخ لم يزعم مرتكبها انها تمت لاسباب أخلاقية مهما بلغت سفالتها.. ولم تعرف الإنسانية طاغية أو دكتاتورا واتته الشجاعة لكي يعترف بأن خطاياه ولدت في رحم أطماعه وجنونه ونزواته الشريرة.. كل السفاحين برروا جرائمهم بأنهم كانوا مثل عشماوي ينفذون فقط حكم القانون وادعوا ان كل المذابح التي ارتبطت بهم تمت تحت شعار الذبح الحلال! وفي القرن السادس عشر، عرفت الإنسانية اخطر الانتهاكات لحقوق الانسان تنفيذا لقرارات محاكم التفتيش الكاثوليكية في اسبانيا التي احرقت وعذبت مئات الألوف بتهمة كاذبة هي الهرطقة والزندقة!. حتي فظائع السفاح جنكيز خان تم ارتكابها تحت شعار زائف هو حق المغول المقدس في فرض سطوتهم علي العالم تماما كما فعل الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش عندما قتل وشرد ملايين الابرياء وأشعل الحروب والصراعات بحجة القضاء علي محور الشر والسعي لإنقاذ البشرية من العنف.. نفس الموقف يتكررالآن مع السودان حيث استقر رأي بوش علي ورقة التوت التي يعتقد انها ستغطي علي جريمته الجديدة وهي حماية حقوق الإنسان وقرارات المحكمة الجنائية الدولية التي تسعي لإصدارأمر باعتقال عدد من المسئولين السودانيين في مقدمتهم الرئيس عمرالبشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور.. والغريب ان من يقرأ عريضة الاتهام التي أعلنها مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للمطالبة باعتقال البشير لابد وأن يعتقد أن المتهم المعني هوالرئيس بوش وليس أي شخص آخر.. وتكفي نظرة سريعة لما حدث في معتقلات أبوغريب وجواتتانامو وافغانستان لكي تؤكد ان مجلس الأمن الدولي يجب أن يصدر قرارا باعتقال بوش قبل الرئيس السوداني أو غيره من المتهمين بارتكاب جرائم حرب.. والحقيقة ان التهمة الأساسية للرئيس البشير هي أنه يحاول الحفاظ علي وحدة السودان وسلامة أراضيه بينما تسعي واشنطن إلي تقسيمه والسيطرة علي ثرواته.. ولسنا هنا في مجال الدفاع عن النظام السوداني الذي قد تكون له سلبياته كغيره من الأنظمة العربية وغير العربية ولكننا نرفض أن يخدعنا المجرمون الحقيقيون مرة أخري بكلمة حق يراد بها باطل. فتقسيم السودان سيكون أخطر ألف مرة من تفتيت العراق. والانهيار السوداني ستكون له نتائج كارثية بالنسبة لمصر التي تعتمد بشكل اساسي علي مياه النيل. وعندما تتكررمأساة فوضي الصومال في السودان ستصبح كل الاحتمالات مطروحة هناك بما في ذلك سيطرة عناصر ارهابية متطرفة مثل تنظيم القاعدة وامكانية اشتعال حروب وصراعات مدمرة جنوبي الحدود المصرية وهو ما لن تسمح به مصر مهما كانت الضغوط ومحاولات الابتزاز.. ولا يجب ان ينخدع البعض بهذا الطابع العالمي الذي يضفيه اسم المحكمة الجنائية الدولية علي قرارات البيت الأبيض والبنتاجون. فقدأثبتت هذه المحكمة في مناسبات عديدة انها مثل العديد من المنظمات الدولية الأخري أصبحت مجرد أداة لخدمة السياسات الأمريكية وإلي الحد الذي جعلها تفقد هيبتها الزائفة علي الأقل في عيون ضحاياها من الشعوب المغلوبة علي أمرها.. ومن المثير للسخرية ان هذه المنظمات التي تزعم انها دولية تظهر أنيابها فقط لمن لا ترضي عنهم أمريكا. ولم يحدث ان اتخذت منظمة دولية واحدة موقفا ضد الولاياتالمتحدة أو ضد شخص يحمل جنسيتها رغم السجل الأمريكي الحافل بالجرائم والانتهاكات بداية من قنبلة هيروشيما الذرية وغزو فيتنام وحتي مذابح العراق وافغانستان.. ولا مانع ان تعمل هذه المنظمات في خدمة المصالح الأمريكية بشرط أن تظهر أمام العالم بصورتها الحقيقية وفي هذه الحالة يكون الاسم الصحيح للمحكمة الجنائية الدولية محكمة التفتيش الأمريكية.