اليوم تحتفل مصر بعيد الشرطة الذي يحرص الرئيس حسني مبارك علي حضوره سنويا, تقديرا ودعما لمن يضحون ويؤدون خدمات جليلة من أجل هذا الوطن.. فقرار الرئيس العام الماضي بأن يكون25 يناير من كل عام هو عيدا مثل باقي الأعياد الرسمية التي تعطل فيها المصالح الحكومية وغيرها, لم يأت من فراغ, بل يعد تجسيدا وتكريما وتأكيدا من القيادة السياسية علي العطاء والعمل المضني الذي يقوم به رجال الأمن. لكن هل تغيرت صورة رجل الشرطة لدي المجتمع؟ وكيف تتعامل وزارة الداخلية مع التجاوزات التي تقع من بعض أفرادها؟! ومن له مصلحة حقيقية في محاولة التشويه المتعمدة والحملات الإعلامية المنظمة ضد الشرطة؟ ولماذا تتجنب بعض وسائل الإعلام الاقتراب من أي تطوير يتم لمصلحة المجتمع والمواطنين؟! لكي نكون صرحاء مع أنفسنا, هناك أشخاص يغضبون من الأمن ويعتبرون أن من ينفذ القانون يرتكب مخالفات من جانب القائمين عليه, وهؤلاء في العادة ينتقدون هذه التصرفات, في حين لا يمكنهم الحديث عما يتعرضون له في دولة أخري, فواحد من هؤلاء الذين يهاجمون ليلا ونهارا أوقفته الشرطة البريطانية وكان يسير بسيارته ومعه أصدقاء له وتم تفتيشهم ذاتيا في عرض الشارع ولم يعترض أو حتي يمتعض, وكثير من الممارسات التي تتم من الأمن هي نفسها التي تطبق في الخارج وربما بأساليب أبشع وأسوأ, لكن المشكلة في مصر أن كل شيء مباح, وأن من يهاجم الداخلية في صحيفة أو عبر الشاشة فإنه يكون بطلا في نظر الكثيرين, وللأسف معظم الذين يرتكبون هذا النوع من البطولات ينكشفون بسرعة وغالبيتهم كما يقول المثل بيوتهم من زجاج وهم يعرفون أكثر مني مالهم وما عليهم! ليس كل رجال الداخلية متهمين, فهم بشر مثل غيرهم وهناك أخطاء وتجاوزات تقع من بعضهم مثل أي مهنة, لكن هل من يخطئ تتم مكافأته أو يحاسب وبعنف يصل للسجن, ولدينا العديد من الحالات والأمثلة, وهذا ما يحسب لوزير الداخلية السيد حبيب العادلي, فالرجل لا يتستر علي جريمة أو شخص يخالف القانون أو يتجاوز الحدود أو يستغل موقعه ومكانه في إيذاء الناس, وربما الرقابة التي يخضع لها رجال الشرطة تفوق غيرهم, فهناك7 جهات رقابية تتابع وتراقب التصرفات وتفحص الشكاوي ووزير الداخلية لا يصمت ولا يتهاون في معالجة أي أخطاء أو ثغرات يجدها بين رجاله, فهو يعمل علي الإصلاح والعلاج ويحاسب المخطئ ليحمي غيره من رجال الشرطة الذين يعملون ليلا ونهارا لخدمة الوطن والمواطنين. كثيرون لا يريدون لأجهزة الأمن أن تؤدي دورها سواء في حماية ما يحدث من قلاقل عبر الحدود ومحاولات التسلل وتهريب المجرمين والإرهابيين وسموم المخدرات إلي أراضينا, فهؤلاء لا مصلحة لهم في الاستقرار بقدر ما يريدونه من فوضي لاستثمارها فيما يخص توجهاتهم وأعني بهم المنتمين للجماعة المحظورة, وبعض الحركات الآثارية وغير الشرعية ومن بقايا العهود السابقة تجتمع مصالح هؤلاء في حالة واحدة وهي البحث عن كل ما يهدف لتخريب الوطن وليس لاصلاحه أو المشاركة في البناء وهؤلاء الذين يقومون بالهجوم لا يضعون أمامهم ما تحقق من نجاحات أمنية شهد بها العالم لمصر في مكافحة الإرهاب بشكل خاص والجريمة المنظمة والمخدرات, وأشادت التقارير الدولية بالأداء الأمني المصري, فلم نعد نسمع عن تنظيمات متطرفة ضخمة أو عمليات تقع كل يوم هنا وهناك وتفجيرات مثل التي كانت تسبب الرعب سواء في المقاهي أو الأتوبيسات والأماكن العامة والمنشآت الاقتصادية وهجمات إرهابية لا تفرق بين مسلم وقبطي, فكل يوم كانت تقع عدة حوادث بين القاهرة ومحافظات الصعيد المختلفة, فأين نحن الآن من هذه الحالات المفزعة التي شهدناها وكنا متابعين وراصدين لكل أحداثها, وأيضا لم نسمع عن أباطرة المخدرات ومن كانوا يتحدون الشرطة ويتاجرون في عز الظهر تحت سمع وبصر الأمن ولا أحد يجرؤ من الاقتراب منهم, وتخلصت الشرطة من هذه الحالات غير المسبوقة في فرض النفوذ والبلطجة, وعادت الهيبة للشارع وأصبح الوضع الآن يختلف كثيرا عن الثمانينيات والتسعينيات, فأصبحت مكافحة المخدرات لا تقل أهمية عن مواجهة الإرهاب, وللأسف من شنوا حملات ضد أجهزة الأمن تناسوا في غفلة مقصودة بالطبع عن تلك النجاحات الأمنية الفريدة التي حظيت بإشادات دولية, ورغم ما يحدث حولنا من محاولات للفوضي أو اختراق للحدود والتسلل من جانب عناصر إرهابية ترتبط بالقاعدة وغيرها من البؤر والتنظيمات, فإن جهاز الأمن نجح في منع الكثير من الأعمال الإرهابية التي كانت تستهدف الوطن والاخلال بأمنه, ولا ننسي قضايا خلية حزب الله والزيتون والمشهد الحسيني, وغيرها من القضايا التي كشفت النقاب عنها من رجال الأمن والذين يلتزمون بتنفيذ مهامهم الدستورية وما يكلفون به من مسئوليات وسيظلون الحصن المنيع لدرء كل ما يستهدف أمن مصر وأمان مواطنيها, ورغم محاولات التشكيك والتهييج بين حين وآخر, فإن الداخلية تلتزم بالقوانين دون افتئات علي حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية وتتصرف في إطار من الشرعية والقانون وعلي مدي سنوات كانت لدي حبيب العادلي رؤية لتضييق الفجوة بين المواطنين ورجال الشرطة وتحسين العلاقة مع المجتمع والاهتمام بمراعاة حقوق الإنسان والشفافية في محاسبة المتجاوزين من أبناء الشرطة. فكشف الخلايا الإرهابية المدفوعة من الخارج عبر الحدود, واجهاض جرائمها كانت سببا رئيسيا وراء موجات الهجوم المستمرة علي جهاز الأمن سواء من المتواطئين مع حسن نصر الله والمحسوبين علي المحظورة وأعوانها ومن أصحاب المصالح والزيارات إلي بيروتوطهران والدوحة ودمشق, وبالطبع لا تخلو تلك الزيارات من العودة بكل ما لذ وطاب, والثمن يكون الهجوم علي الدولة وأجهزتها في كل صغيرة وكبيرة حتي لو كان أولادنا يقتلون بالرصاص من قناصة حماس, فيخرج هؤلاء النفر المعروفين بعلاقاتهم المريبة والمفضوحة للرأي العام للدفاع عن القتلة الحمساويين ومن يمولونهم, فهؤلاء الكتبة والمسحوبون زورا علي السنة تهمهم مصالح طهران عن صالح وطنهم, وعلاقاتهم تكشف حجم الكراهية للدولة ونظامها, ولم أجد في أي يوم أحدا من هؤلاء متلبسا للدفاع عن موقف لوطنه وبلده فسوابقهم كلها ضد هذا البلد, وسأجد في الأيام المقبلة الهحوم علي شخصي مثلما يكتبون ويتغامزون لكن للأسف فوق رءوسهم بطحات وليست بطحة واحدة ولن أزيد في الكلام! ولم يتوان وزير الداخلية عام2001 عن تشكيل لجنة عليا لحقوق الإنسان تختص بدراسة كل المعوقات التي قد تعترض تمتع الإنسان بكل حقوقه وحرياته الأساسية, وفي2005 أنشئ قسم جديد لحقوق الإنسان بقطاع السجون لدعم حقوق الإنسان للنزلاء ونشر هذه الثقافة بين رجال الشرطة بالسجون, وفي2006 جري إنشاء إدارة لحقوق الإنسان بوزارة الداخلية مهمتها رصد الظواهر السلبية وتلقي الشكاوي وفحصها والتي تؤثر بالسلب في ايجابيات الأداء الأمني, وقد أثرت تلك الإجراءات في تغير نظرة المجتمع لجهاز الشرطة, واختفت بصورة كبيرة القضايا والجرائم التي ترتكب من جانب أفراد في الشرطة ضد مواطنين في الأقسام. ولم يعد هناك هذه الصورة والتجاوزات التي كانت حديث الرأي العام قبل نحو أربع سنوات, فالمؤكد هناك تحول طرأ علي العلاقة بين أفراد المجتمع والشرطة نتيجة للتصدي الحازم لأي انتهاكات أو تجاوزات أو تعديات قد ترتكب من جانب أحد من الشرطة, وكل القيادات الأمنية وبالتالي الضباط والأفراد يعرفون جيدا أن المسئول الأول عن الأمن لا يقبل إعمال مبدأ الغاية تبرر الوسيلة لتفسير أو قبول أي مبرر ولا ينظر وزير الداخلية لشخصية أو رتبة من يقع من جانبه التعدي أو الانتهاك علي أي مواطن, ويحيل من يثبت تورطه للمساءلة الجنائية إلي جانب المحاسبة الرادعة تأديبيا وتصل للفصل من الوظيفة, وأرادت بعض وسائل الإعلام استغلال قضايا فردية لا تزيد علي20 حالة في تشويه عمل الآلاف من رجال الشرطة في توفير الأمن, وحاول هؤلاء المحسوبون علي قوي وجهات وجماعات الثأر من الشرطة لأسباب الكثير منهم يعرفونها ولمصلحة من فمعظمهم ينفذون أجندة الجماعة المحظورة التي تحاول إبعاد أنظار رجال الأمن عن جرائمهم التي يرتكبونها سواء في الأعمال غير الشرعية وخلط الدين بالسياسة واستثمار كل شيء لتحقيق مصالحهم وأهدافهم, وفرض نفوذهم تحت شعار ديني. فكانت الحالات الفردية والتجاوزات محل تحقيقات وصدرت إدانة ضد بعض رجال الشرطة بينما تمت تبرئة آخرين. ولم تحاول تلك الوسائل الإعلامية الحديث عن خطة تأهيل السجناء وتعليمهم المهن الحرفية التي تفيدهم عقب الإفراج عنهم وتساعدهم علي الانخراط في المجتمع, وإنشاء غرف الاحتجاز لمتهمين في القضايا البسيطة حوادث مرور, نفقة واحتجاز المرضي وكبار السن لمنع الاختلاط بعتاة المجرمين, وتخصيص أماكن لاحتجاز الأطفال ومنع وضع القيد الحديدي إلا في حالة الخشية من الهروب ومنع ترحيلهم في السيارات المخصصة للمجرمين البالغين, وإلغاء عقوبة الجلد والأشغال الشاقة, والحاجز السلكي الفاصل بين المسجونين وذويهم عند الزيارات, وتعديل نظام الزيارات والمراسلة والاتصالات بالنسبة للمسجونين, وذويهم واستحداث خدمة الاتصال التليفوني بين نزلاء السجون وأسرهم لأول مرة في تاريخ السجون المصرية. ليس في استطاعة أحد أن يتستر علي جريمة أو شخص يسيء لغيره ممن يعملون ويجتهدون وينفذون القانون, فرجال الشرطة لهم دور محدد وفقا للدستور وتقع عليهم مسئوليات كبيرة وبسببها يستشهد منهم العديد من رجالهم وخلال العام الماضي سقط13 شهيدا منهم علي رأسهم اللواء إبراهيم عبدالمعبود مدير مباحث السويس خلال مطاردة عصابة للمخدرات والمقدم محمد شكري أثناء محاولة ضبط أحد الخارجين علي القانون, والمقدم محمد السيد عبدالعال والرائد حسام البدوي, وهؤلاء الشهداء مع أقرانهم من الأفراد والمجندين كانوا يؤدون الواجب عندما أطلق عليهم الرصاص من جانب المجرمين مرتكبي تلك الوقائع, وتحتاج وزارة الداخلية إلي تكاتف الجميع فهي لم تكن ضد فئة في المجتمع لحساب أخري وجهاز الأمن بعيد تماما عن أي صراعات حزبية وسياسية, فعمله للوطن ولكل المواطنين لكن عليهم مسئولية المواجهة والحسم والكشف عن كل ما هو غير شرعي ومن يرتكب جريمة وتتابع الأجهزة المختلفة عملها وفقا لقرارات تصدر من النيابة, فلا يستطيع أحد من رجال الشرطة تعقب شخص ما أو اتخاذ إجراء ضده إلا بإذن قضائي, فقد انتهي زمن زوار الفجر أو اقتحام المنازل, والحملات الليلية لا تتم إلا لضبط أشخاص مطلوبين للعدالة أو لتنفيذ إذن من النيابة العامة, صحيح لا توجد دولة في العالم يكون فيها القائمون علي تنفيذ القانون محبوبين أو يلقون الدعم, فمن يرتكب جريمة أو مخالفة يريد الهروب من العدالة وضياع حق شخص آخر الذي يلجأ للأمن لكي يحصل علي حقه, ومعظم القضايا التي أثيرت قبل سنوات كان أبطالها من أصحاب السوابق اللهم إلا حالتين فقط. فليس هناك حالة تربص من جانب الشرطة للناس, بل المواقع الأمنية تقدم خدمات يومية للمواطنين والذين يترددون عليها في اليوم الواحد في كل أنحاء البلاد نحو40 ألف مواطن, وبحسبة بسيطة نجد في الشهر قرابة المليون ونصف المليون مواطن يذهبون لكل قطاعات وزارة الداخلية للحصول علي الخدمات التي تعمل صباحا ومساء لتلبية احتياجاتهم, ومع هذا العدد الهائل من المترددين لا نجد سوي حالات ومحدودة من التجاوزات وهي مرفوضة تماما ولا يترك مرتكبيها ويحاسبون بقسوة, إذن نحن أمام صورة تغيب حقيقتها عن بعض وسائل الإعلام, والتي تلجأ فقط للحالات السلبية متجاهلة أبسط القواعد المهنية الشريفة, فمن يعطي لنفسه حق الهجوم والنقد عليه أن يكون صادقا ولو لمرة واحدة بذكر جانب آخر هو الأكثر والأعم بين الآلاف ممن يعملون في قطاعات الشرطة من الأسوياء والذين يعملون للوصول للحقيقة التي تفرضها عليهم العدالة والقانون, لأنهم ليسوا طرفا في خصومات ولا يعملون من أجل أحد سوي هذا الوطن وسلامة مواطنيه.