مع حلول فصلي الربيع والصيف تكثر مناسبات الزواج في فلسطين، وعادة ما يقوم أقارب العريس والعروس بالمشاركة الفعالة في الأفراح، حيث يغني مطربون شعبيون الأغاني التي يغلب عليها الطابع الوطني، فيدبك ويرقص الرجال دبكات ورقصات تقليدية ابتهاجا بالعريس والعروس، وعلى الأغلب فإن الفلسطينيين المشاركين في الفرح يؤدون حلقة فرح تقليدية تعرف باسم «الزفة». وفي الضفة الفلسطينية، شهدت قرية دير الحطب القريبة من نابلس حفل زفاف تقليديا، وكان العريس شاباً يعمل في قوى الأمن الفلسطيني هو ساري حسين، وعادة ما تستمر الأفراح والسمر طوال ثلاثة أيام بلياليها في معظم مناطق الضفة الغربية، ويطلق على اليوم الثاني الزفة عندما يطوف الرجال شوارع القرية قبل أن يصلوا إلى بيت العريس، وتقضي العادة في بعض القرى بأن تتبع النساء الرجال في هذه المسيرة التي تهدف إلى تعريف كل أبناء القرية أن «فلاناً اقترن بفلانة». وخلال الزفة امتطى ساري حصاناً بعد أن ارتدى كافة ثياب الفرح الأنيقة، وحمل شمسية لصقت عليها أوراقا نقدية، وهو أيضا يطوف القرية أمام الناس لإظهار فرحته بالمناسبة، واعتلاء العريس صهوة الجواد عادة فلسطينية قديمة يظهر من خلالها العريس أنه فارس ومقدام، ويليق بالعروس التي سيتقدم إلى بيت أهلها. وترتفع الأهازيج الشعبية بجوار بيت العريس أو في البقعة التي يتم فيها تحديد مكان العرس والاحتفال، ومن وسائل الابتهاج بالعريس قذفه بالهواء والإمساك به مرات عدة، تأكيداً على فرحتهم الغامرة. ارتفاع الأسعار في الأراضي الفلسطينية، كان لارتفاع أسعار الذهب الأثر البالغ على عادات بدأت تضعف، لكن الفلسطينيين الذين مارسوا كل أشكال النضال للتغلب على الضائقة الاقتصادية والحصار، لجأوا إلى ابتكار الأساليب التي تكفل استمرار الأفراح في كل بيت فيه عريس أو عروس، فهناك عريس استطاع إقناع عروسه باستعارة بعض قطع الذهب من قريباتها، ليلبسها إياها أثناء الزفاف و«على أعين الناس». ومن ثم يعيدانها في اليوم التالي لأصحابها، واعداً عروسة بشراء ما وصفه ب «أروع القطع الذهبية بمجرد عودة أسعارها إلى ما كانت عليه قبل شهور»، معلقاً على ذلك بقوله: «كنت اتفقت مع أهل عروسي على جلب ما يعادل 300 غرام من الذهب، ولكن الوضع اليوم لا يسمح، فقد ارتفع سعر الجرام الواحد إلى أكثر من الضعف، وكأن الفلسطينيين كان ينقصهم هماً جديداً على همهم، فالشاب الذي يريد تحصين نفسه يجد في طريقه ألف عقبة وعقبة». ذهب مزيف أما الشاب سليمان من مدينة قلقيلية، والذي قرر الزواج بعد خطبة دامت أربع سنوات، وبعد أن صعقته أسعار الذهب مؤخراً، فقال: «بعد جلسة تفكير وتأمل طويلة بمشاركة العروس، توصلنا إلى حل مهم وهو شراء بعض القطع الذهبية المزيفة، لتلبسها العروس أثناء الحفل، مع وضع حصة الذهب من مهرها في البنك باسمها، لشراء قطع حقيقية بمجرد عودة الأسعار إلى طبيعتها». عزوف عن الزواج أما الشاب الفلسطيني حاتم من سكان مدينة الخليل، فأعرب عن مخاوفه بأن الاتفاق بينه وبين أهل العروس قد ينتهي إلى فشل مشروع حياته وحلمه بالاقتران بفتاة أحلامه، وكل ذلك بسبب ارتفاع أسعار الذهب والغلاء المتفشي. ويقول حاتم: «في ظل الأوضاع الاقتصادية، أخشى ألا أستطيع إتمام زواجي كما اتفقت مع العروس في فصل الصيف الماضي، مضيفاً «مع ارتفاع أسعار الذهب، إما أن يتم تأجيل الخطوبة، أو الاتفاق مع أهل خطيبتي على إجراء الحفل بأقل الإمكانات، خاصة وأن المصوغات الذهبية ستذهب أكثر من ثلثي المهر في ظل استمرار ارتفاع أسعارها. وفي حال عدم التوافق ومغالاة أهل خطيبتي بطلباتهم سأضطر إلى العزوف عن الفكرة نهائيا وتدمير حلمي بالاستقرار».