بعد مداولات ومناقشات ساخنة تحت قبة البرلمان علي مدي الأيام القليلة الماضية.. وافق مجلس الشعب مؤخرا علي مشروع القانون بتعديل قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بتشديد الغرامة علي المخالفين حتي300 مليون جنيه ومضاعفة الغرامة عند العودة للمخالفة مرة أخري. كما وافق البرلمان علي عدم إعفاء المبلغ من العقوبة إذا أرشد عن بعض المحتكرين! ولأن هذه التعديلات جاءت صادمة ومخيبة لآمال الرأي العام والحكومة معا.. لذلك واجهنا مني ياسين رئيس جهاز المنافسة ومنع الاحتكار حتي تجيب عن علامات الاستفهام المطروحة حول التعديلات الأخيرة وتعديل التعديل المقترح ومدي تأثيرها علي السوق التي تشهد موجة من الغلاء لم تحدث من قبل! ولماذا تأخر تقرير ملف الحديد باعتباره أحد الملفات الشائكة والتي تثير جدلا وأسعا في الشارع المصري. وبدأنا الحوار! * بداية سألناها: لماذا لايتمتع جهاز حماية المنافسة بالاستقلالية بعيدا عن السلطة التنفيذية تكون له المصداقية المطلوبة أمام الرأي العام؟ * لاشك أن الجهاز لدينا يتمتع بالاستقلالية من حيث التمويل ومن حيث اتخاذ القرار.. للجهاز موازنة مستقلة من الموازنة العامة للدولة ثم من المنح والهبات وأي موارد أخري يقبلها مجلس ادارة الجهاز بما لايتعارض مع أهدافه من الجهات المانحة كالاتحاد الاوروبي والمعونة الامريكية. أما بالنسبة لاتخاذ القرار فلدينا مجلس ادارة مستقل يتكون من جهات مختلفة في اتحاد الصناعات وجهات قضائية ووزارة المالية ووزارة الاستثمار واتحاد العمال وجمعية حماية المستهلك. ولمجلس الادارة كامل الحق في أن يتخذ القرار النهائي, وهو مستقل عن أي جهة يمكن ان تمارس عليه آية ضغوط من أي نوع ولايوجد تدخل من أي جهة في اتخاذ القرار... ولكن القانون ينص علي أن الوزير المختص هو وزير التجارة والصناعةوفي حالة وجود مخالفة يحول الملف للنائب العام لاتخاذ اجراءات الدعوة الجنائية مثلما حدث في ملف الأسمنت.. كما نص القانون أن يكون الجهاز تابعا لمجلس الوزراء. * إذن هناك نوع من التبعية للجهاز سواء في التمويل من الموازنة أو أنه تابع لمجلس الوزراء!؟ * هذا نوع من التبعية السياسة لأخذ القوة والاستقلالية في بداية عمل الجهاز فقط.. ولكن اتخاذ القرار يرجع نهائيا لجهاز حماية المنافسة وليس لأي جهة أخري. * هناك اتهام للجهاز بأنه لايتسم بالشفافية المطلوبة في بعض الشكاوي التي ترد إليه لبعض الممارسات الاحتكارية؟ * نحن كجهاز نلتزم بالمادة(16) من القانون وهي الحفاظ علي سرية المعلومات والبيانات التي نحصل عليها ومصادرها أثناء فحص الحالات المعروضة علي الجهاز إلي ان يتخذ القرار بشأنها.. ويقوم الجهاز بالاعلان فورا عن هذه الحالات. ولدينا29 حالة انتهي الجهاز من نصفها ومن ضمنها حالة الاسمنت التي تم تحويلها للقضاء وندرس حاليا بعض السلع منها الزيوت والألبان واللحوم الحمراء المستوردة. * حقيقة هناك خيبة أمل في الشارع المصري والرأي العام بسبب التعديلات الأخيرة التي أقرها مجلس الشعب أول أمس والتي جاءت علي غير ما طالبتم به؟ * حقيقة كان لدينا أمل كبير علي أن يوافق مجلس الشعب علي التعديلات التي طرحناها من قبل, وتشمل زيادة الحد الاقصي للعقوبة علي مخالفة أحكام8,7,6 من قانون حماية المنافسة وطالبنا بضرورة أن تكون العقوبة بنسبة10% من مبيعات المنتج المخالف بدون حد أقصي, وهذه عقوبة نري انها رادعة! كما طالبنا في التعديلات استحداث نص للاعفاء من العقوبة لأول من أبلغ الجهاز بالمخالفة وذلك لتحفيز الأشخاص للابلاغ لأننا وجدنا بالممارسة أن هذا مفيد للغاية كما يحدث في جميع دول الاوروبية والولايات المتحدةالأمريكية. ولكن موافقة مجلس الشعب علي ربط العقوبة بحد أقصي300 مليون جنيه وهذا لايتناسب علي الاطلاق مع حجم المكاسب التي حققتها بعض الشركات والتي تقدر بالمليارات! ولكنني أستطيع أن اقول ان هناك تحسنا في مستوي العقوبة ولكن لمستوي معين من الشركات ولكن لاتصلح للشركات التي تحقق مكاسب بالمليارات.. ومع هذا للأسف ليس لنا الحق في أن نعترض ولكن لانملك كجهاز إلا الاقرار بما وافق عليه مجلس الشعب! * في رأيك لماذا لم يوافق أعضاء مجلس الشعب علي المادة26 الخاصة بأعفاء المبلغ عن الممارسات الاحتكارية هل يرجع ذلك إلي أن معظم أعضاء البرلمان من رجال الأعمال الذين لديهم القوة والنفوذ؟ * لاتعليق! * بمعني آخر هل أنتم راضون عن التعديلات الأخيرة التي اقرها مجلس الشعب ؟ * حقيقة نحن غير راضين علي الاطلاق ولن يستطيع الجهاز أن يعمل في ظل عقوبات غير رادعة.* مارأيك في الاقتراح الذي تقدم به أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة بعد اقرار التعديلات الاخير؟ * لابد أن أعترف أن التعديل الذي اقترحه المهندس أحمد عز ليس بالقوة بمكان ولايفيد لأن العقوبة جوازيا وليست وجوبيا لسلطة المحكمة وهذا لايساعد المبلغ ولايستحق أن يكون حافزا له للتبليغ لإنه سيدفع نصف الغرامة.. وأكد أننا لازلنا عند رأينا ونأمل أن يوافق المجلس علي التعديلات التي تقدمنا بها من قبل لأن اعفاء المبلغ معمول به في جميع دول العالم وهي مادة عادلة ورادعة. * برغم احالة رؤساء وشركات الأسمنت لمحكمة الجنايات مازالت الاسعار مرتفعة.. ألا تعتقدين أن المحتكرين كانوا أقوي من الإجراءات الحكومية؟ * لانستطيع أن نقول ان ارتفاع الاسعار ممارسات احتكارية100% فأحيانا قد تكون مؤشرات لعمليات احتكارية مثلما حدث في قضية الأسمنت لأنه كان هناك اتفاق فيما بين الشركات علي تحديد الأسعار واقتسام الاسواق, وهذه تعد مخالفة صريحة وقد تم تحويلها للنائب العام والقضية محجوزة للحكم. وأحيانا يكون ارتفاع الأسعار لاسباب أخري تتعلق بآليات السوق والعرض والطلب وليست مجرد ممارسات احتكارية. * دخول الشركة القوية للأسمنت ضمن المخالفين برغم كونها الوحيدة المملوكة للدولة.. ماذا يعني ذلك في رأيك؟ * بالطبع هذه شركة حكومية وقانون حماية المنافسة يسري علي الشركات الحكومية والشركات الخاصة علي حد سواء.. فلا يوجد أي نوع من التفرقة بين ماهو خاص وماهو حكومي أو عام فالكل أمام القانون سواء, * إحالة رؤساء شركات الاسمنت لمحكمة الجنايات هل يمكن ان يؤدي إلي هروب الاستثمارات من مصر؟ * هذا غير صحيح علي الاطلاق.. بل بالعكس لأن المستثمرين الاجانب والشركات الاستثمارية عندما تدفع تقوم باستثماراتها في دولة ما فإنها تنظر إلي اقتصاديات هذه الدولة وحجم أسواقها وتهتم بصفة خاصة بضرورة وجود جهاز منافسة يحمي الأسواق من الممارسات الاحتكارية ليساعدها علي أن تمارس حريتها في الأسواق بشكل سليم. وقد أكد الاقتصاديون في جميع دول العالم ان الاستثمارات تتوجه إلي الدول التي تدعم أسواقها بوجود أجهزة لحماية المنافسة, ومواجهة الممارسات الاحتكارية بها. * كم تستغرق قضايا ممارسة الاحتكارات من الوقت حتي يثبت الجهاز أن شركة ما مخالفة؟ * علي سبيل المثال قضية الأسمنت استغرقت14 شهرا كاملا وقد تستغرق دراسة وبحث قضايا المنافسة فترة مابين عام إلي أربعة أعوام في بعض الحالات وذلك علي مستوي أجهزة المنافسة في العالم. فكل قضية لها ظروفها الخاصة التي قد تستدعي الدراسة والتحليل بشكل مختلف كما تعتمد أيضا علي مدي توفر المعلومات. هذه الاجابة تفتح لنا ملف قضية الحديد التي شغلت الرأي العام طوال الفترة الماضية مما دفع النائب العام إلي تحويل شكوي النائب المستقبل مصطفي بكري ضد عز للتحقيق فلماذا تأخر ملف الحديد إلي الآن؟ * وفعلا التقرير تأخر أكثر من عام ولم ينته الجهاز منه حتي الآن لأن كل قضية تأخذ وقتها من الدراسة والتحليل وجمع البيانات.. ونحن نقوم بالدراسة والتحليل بغض النظر عما يراه الرأي العام في القضية فالحيادية لدينا واضحة ولايوجد من جانبنا أي تقاعس في هذا الملف, وسيكون القرار الخاص لملف الحديد دقيق وسليم100% لانه قائم علي دراسة وبيانات وادلة. * ولكن هناك اتهام للجهاز بالتقاعس في هذا الملف لارتباطه بشخصية لها من القوة والنفوذ بحيث يصعب علي الجهاز اتخاذ أي اجراءات ضدها؟ * هذا كلام غير صحيح علي الاطلاق فلا توجد ضغوط أساسية من أي نوع أو غير سياسية بالنسبة لهذا الملف الذي يشغل الرأي العام أننا جهاز فني وليس جهازا سياسيا. * ولكن متي ينتهي هذا الملف؟ * سوف يتم الانتهاء منه قريبا في غضون الشهور القادمة؟ * ولكن كلمة شهور مفتوحة وليست محددة؟ * حقيقة لانستطيع ان نعد بشيء طالما أن الدراسة عن تفاصيل قضية الحديد لم تنته بعد! * ولكن هناك اتهام واضح ايضا بأن إحدي شركات الحديد تسيطر علي أكثر من50% من السوق المصري فهل هذا يعتبر ممارسة احتكارية؟ * أؤكد ان كبر حجم اي شركة وزيادة حصتها السوقية في السوق عن25% أو حتي100% لايمثل مخالفة للقانون لأن الاستحواذ أو السيطرة في حد ذاتها لاتعد مخالفة طالما لم ترتكب الشركة احدي الممارسات الاحتكارية المنصوص عليها في المادة8 من القانون والخاصة باساءة استخدام الوضع بالاتفاق والسيطرة علي السوق انطلاقا من تغير أسلوب الشركات أثناء ممارسة نشاطها الاقتصادي وليس إلي حجمها داخل السوق. * ألا يمكن أن تتدخل الدولة تدخلا مباشرا وتحدد أسعار أي سلعة لفترة زمنية محددة وفقا لما تنص عليه المادة10 من القانون؟ * لايمكن أن تتدخل الدولة مباشرة في تحديد ربح أي منتج لاننا سوق حرة.. ولكن هناك آليات أخري في السوق الحرة تساعد علي ضبط الاسواق علي سبيل المثال حماية المنافسة تحرير التجارة ازالة الجمارك تشجيع الاستثمارات تغيير ثقافة الاستهلاك كل هذا نحتاج إليه لضبط الاسواق حتي يصل المنتج إلي المواطن بسعر مناسب وفي أحسن جودة. كما يري الجهاز انه يجوز للشركات المنتجة تحديد حد اقصي لسعر البيع للمستهلك مع اتاحة الفرصة للوكلاء والموزعين والتجار المنافسين للحصول علي هامش ربح بما يحقق مصلحة المستهلك. * ولكن هل لديكم خطوط حمراء في قضايا معينة بالنسبة للممارسات الاحتكارية؟ * لابد ان نعلم ان تجاوز الخط الاحمر لدينا يعني مخالفة صريحة للقانون ولا أحد فوق القانون أيا كان! والجهاز يبذل قصاري جهده لمنع تلك الممارسات الاحتكارية الضارة في الاسواق. * ومن الذي يحاسب الجهاز ويراقبه في ظل ما يتمتع به من اسقلالية كما ذكرتم؟ * مجلس الشعب!!