من خلال جملة من التقارير والتحذيرات التي أطلقتها منظمات اقتصادية دولية يمكن القول إجمالا إن أهم أسباب أزمة الغذاء العالمية التي تهدد الآن مايقرب من مليار إنسان هي مايلي: أولا: إن الازمة تعود الي عقدين من السياسات الخاطئة التي مارستها قوي عالمية لها نصيبها الكبير في شئون الانتاج والتصدير والتجارة والتي وضعت مصالحها بمنأي عن مصالح دول كثيرة باعتبارها دولا فقيرة أو أقل حظا في مساهمتها في تنشيط الاقتصاد العالمي ونخص بالذكر هنا الدول النامية والفقيرة, فضلا عن رؤية الدول المتقدمة الاحادية التي تؤكد أن أحد أهم أسباب الغلاء زيادة أسعار البترول والطاقة اللتين تستورد معظمهما من الخارج وعليه قامت برفع أسعار صادراتها لتصل تقريبا إلي الضعف خلال السنوات الثلاث الأخيرة فقط. ثانيا: ظهور الزراعة الصناعية بشكل لافت باعتبارها أحد مصادر الطاقة الجديدة, حيث يتم تصنيع مايعرف بالوقود الحيوي عن طريق استخدام زراعات مثل الذرة والشعير والقمح والبرسيم ولقد جاء ذلك كله علي حساب الغذاء الانساني والحيواني. ثالثا: زيادة القيود علي التجارة بالاضافة الي زيادة الطلب علي السلع الغذائية بتغير أنماط الغذاء في آسيا التي شهدت طفرة اقتصادية كبري فضلا عن سوء الأحوال الجوية التي تضر بالزراعة الأمر الذي يهدد حياة150 مليون إفريقي لن يجدوا الغذاء بحلول نهاية العام الحالي و2.5 مليون أفغاني لن يجدوا طعامهم العام المقبل ويدفع ب100 مليون شخص في الدول النامية الي هاوية الفقر. رابعا: السياسات غير الإنسانية لصندوق النقد الدولي الذي جعل دولا نامية عديدة تتبني استراتيجية زراعة محاصيل التصدير وترك زراعة المحاصيل التي تكفل للشعوب تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء قبل القمح والشعير والذرة وغيرها حتي تتمكن هذه الدول المدينة من سداد ديونها عن طريق ماتصدره من سلع لاتستهلكها!! ويضاعف من خطورة أزمة الغذاء العالمية الحالية مجموعة من الظواهر لعل أبرزها أن بعض الدول الزراعية الكبري مثل دول الاتحاد الاوروبي والارجنتين أصبحت مهددة بأخطار الازمة, كما أن عددا كبيرا من الدول الآسيوية التي تطحنها المجاعة مثل اندونيسيا والفلبين اتجهت مؤخرا للبحث عن أي جذر صالحة للزراعة في أرخبيل الجزر المحيطة بهما وهو ما أشارت اليه تقارير دولية حذرت من احتمال نشوب نزاعات مسلحة بين الدول الآسيوية المطلة علي المحيط الهادي بسبب تلك الجزر التي كانت مهملة. علي أن أخطر التحاليل جاء علي لسان مجموعة من الخبراء الاقتصاديين والعسكريين في نشرة( جلوبال سيكيوريتي) والذي يحذر من أن المجاعة التي ينتظرها العالم اذا لم تجد حلا يلقي دعم الجميع فان الامور يمكن أن تتطور الي اشتعال الحروب بسبب ندرة الغذاء وطمعا في الحصول عليه باستخدام القوة وهو مؤشر اذا صادف واقع الاحداث في المستقبل فيكون بلاشك عودة بالانسان الي عصور الغاب.