بعد أن سجلت أسعار الطاقة مستويات قياسية أضحي البحث عن أسلوب حياة بديل يعتمد علي ألواح الطاقة الشمسية ومحركات تولد الطاقة من الرياح أكثر إغراء للكثيرين. ومن الأمريكيين الذين استشرقوا هذا الواقع مبكرا المهندس المعماري "تود بوجاتاي" فقد اشتري منذ سنوات قطعة أرض فوق قمة جبل تكسوها أشجار صغيرة يمكنه أن يرى منها المكسيك. قبل ما يزيد عن عقدين كان "بوجاتاي" واحدا من قلة من الأمريكيين المهتمين بإقامة منازل تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة مولدة من الرياح. ويحيط به الآن 15 جارا استغنوا مثله عن شبكات الكهرباء التقليدية واستبدلوها بألواح شمسية أو مولدات للطاقة من الرياح أقامها بوجاتاي أو ساهم في تركيبها. وقال وهو يقف تحت أشعة الشمس إلى جوار محرك يديره الهواء أن الحفاظ علي البيئة كان السبب كان السبب الذي يدفع الناس لأسلوب الحياة بعيدا عن شبكات الكهرباء غير أن هذا الوضع يتغير مع ارتفاع أسعار الطاقة. لم يبذل "بوجاتاي" سوى القليل من التضحيات كي يحظى بأسلوب الحياه الذي اختاره إذ يمتلك ثلاجة صغيرا يتسهلك قدرا ضئيلا من الطاقة وفيما عدا ذلك فإن منزله مثل غيره فلديه تلفزيون متصل بقمر صناعي وجهاز كمبيوتر مزود بخدمة الإنترنت. ويضيف أنه مع استمرار تسجل أسعار الكهرباء والغاز مستويات قياسية ستكون هناك مبررات إضافية لمثل هذا الاتجاه. وبوجاتاي وجيرانه المقيمون علي نحو 120 فدانا هم مجموعة صغيرة جدا ولكنها آخذة في النمو من الأمريكيين الذين يختارون الاعتماد علي أنفسهم في تلبية احتياجاتهم من الطاقة مع ارتفاع أسعار الكهرباء وتنامي أعداد المنازل التي تستردها شركات الرهن العقاري. واقتصر هذا التحرك في فترة ما علي عدد قليل من الرواد المقدامين في مناطق متفرقة غير أنه لم يعد مقصورا علي أعداد قليلة من الأفراد والأسر بل يجتذب مؤسسات وشركات عقارية تقيم مجمعات سكنية تلبي احتياجاتها من الطاقة. ويقول المحلل "نيك روزن" الذي ألف كتاب بعنوان "كيف تعيش بدون شبكة كهرباء؟"إن جذور هذا الاتجاه ترجع إلي ثقافة الهيبي وثقافة البقاء في السبعينيات ولكنها تجاوزتها الآن كليا. وأضاف أنه نتيجة للتطور التكنولوجي وغلاء المنازل والطاقة يستغني عدد أكبر من الأفراد عن شبكات الكهرباء. ويقدر "روزن" أن نحو 35 ألف أسرة أمريكية استغنت عن شبكة الكهرباء وتوفر احتياجاتها من الطاقة وأن العدد ينمو بنسبة 30% سنويا. وتابع أنه مع فقد الناس لمنازلهم أو اكتشافهم عجزهم عن سداد الإيجار أو أقساط الرهن العقاري يختار كثيرون بديلا غير شبكات الكهرباء لأنه أرخص كثيرا. كانت تكلفة تركيب ألواح شمسية ومحركات يديرها الهواء ومحولات وبطاريات لأزمة لتشغيل الأجهزة المنزلية دون الاعتماد علي شبكات الكهرباء باهظة جدا قبل سنوات قليلة غير أن التطور التكنولوجي وزيادة الانتاج خفض التكلفة إلي حد كبير. ونشر موقع "www.lowimpactliving.com " على شبكة الإنترنت أن شركات شارب وكيوسيرا ونانسولار وغيرها تنتج أنظمة تعمل بالطاقة الشمسية وتلقى رواجا وأن تكلفة التركيب انخفضت مايزيد عن 80% علي مدار أكثر من 20 عاما. وقال "روزن" إن التكلفة آخذة في الانخفاض بشكل مستمر وبدأ الإنتاج في عدد متزايد من المصانع، ومن المتوقع إتاحة المزيد من الألواح الشمسية في 2009 وهو أمر طيب للمستهلكين. وتقدم عشر ولايات أمريكية من كاليفورنيا في الغرب إلي نيوجيرزي وبنسلفانيا علي الساحل الشرقي حوافز من بينها منح وائتمان ضريبي لتركيب الواح شمسية في اطار سياسات تهدف للتحول للطاقة المتجددة. وشركات الطاقة ومن بينها (اريزونا بابليك سرفيس) التابعة لشركة (بيناكل وست كابيتال كورب) ضمن شركات في عدد من الولاياتالامريكية تقدم دعما لمن يعتزمون تلبية احتياجتهم من الكهرباء ذاتيا لتقليص الطلب من اجل عدد متزايد من عملاء شبكات الكهرباء. وقال "روزن" إن توليد الكهرباء بعيدا عن الشبكات ليس أرخص فحسب بل بناء منزل لا يحتاج لشبكات الكهرباء أرخص وأكثر راحة وهناك حوافز من شركة الطاقة المحلية مقابل ذلك. وهناك العديد من المؤشرات علي انتشار أسلوب الحياة بدون شبكات كهرباء ينتشر أكثر وأن شركات عقارية ومنظمات أخرى بدأت تبحث عن بدائل بعيدا عن شبكة الكهرباء لأسباب بيئية وأيضا لتحقيق أرباح بكل بساطة. فيبيع لوني جامبل صاحب شركة عقارية تقيم مجتمعا سكنيا في ريف "إيوا" باسم (أباندانس إيكوفيلدج) قطعا من الأرض بسعر 40 ألف دولار تمد المنازل بطاقة مجانية من الشمس والرياح من خلال أنظمة مشتركة إلي جانب شبكات لتجميع مياه الأمطار وإعادة تدوير المخلفات وسبل راحة مشتركة من بينها مزرعة. وتكلفة بناء هذا المنزل لا تختلف كثيرا عن بناء أي منزل آخر ومع توافر العديد من الأجهزة التي ترشد استهلاك الطاقة مثل البرادات ومجففات الشعر وغيرها بدأت تتغير الفكرة السائدة عن ارتباط الحياة بدون شبكات الكهرباء بالتقشف القسري. ويقول جامبل إن الأفراد يمكنهم استخدام مياه ساخنة وباردة دون دفع فاتورة كما يمكنهم الحصول علي محاصيل طازجة من الصوبة . ومع ارتفاع أسعار الكهرباء وانخفاض تكلفة التركيب ومجموعة الحوافز لتغيير أسلوب الحياة يعتقد محللون مثل "روزن" أن عدد من سيستغنون عن شبكات الكهرباء في الولاياتالمتحدة سيرتفع إلى ما بين 4و5 ملايين خلال 5 إلي 10 سنوات. كما يعتقد "روزن" أن عددا أكبر ممن يعتمدون علي شبكات الكهرباء سيتحولون لأجهزة ترشيد استهلاك الطاقة تمهيدا لتغيير أسلوب حياتهم في المستقبل. (رويترز)