في البلدان الغربية, وعندما تتخطي السلعة الحد السعري المعقول تتم مواجهتها بما يعرف ب'ثقافة المقاطعة' والبحث عن البدائل, فعندما يرفع التجار سعر إحدي السلع بصورة غير مبررة, فإن رد فعل المستهلكين يكون مقاطعة السلعة مهما كانت أهميتها لمدة من الزمن, مما يؤدي إلي كسادها وتكدسها لدي التجار, وهو ما يجبرهم في النهاية علي إعادة السعر السابق, وفي كثير من الأحيان تباع السلعة بأقل مما كان سابقا, لكن ثقافة المقاطعة تكاد تكون غائبة في مجتمعاتنا النامية بسبب ضعف مستوي التعليم والثقافة الاستهلاكية عموما. بالتأكيد, هذا لا يعفي الحكومات التي تبنت اقتصاديات السوق دون تطوير لنظمها الاجتماعية والسياسية والإدارية من مسئوليتها, فهذه السياسات هي التي تؤدي إلي غياب العدالة الاجتماعية, ولذلك فإن عليها الآن مسئولية كبيرة لحماية الفقراء ومحدودي الدخل من الغلاء من خلال مراقبة الأسواق لمنع التلاعب بالأسعار للحد من استغلال التجار وتحكمهم في الأسواق, وبفرض عقوبات قاسية للتجار المخالفين الذين يبيعون بأسعار مرتفعة غير مبررة, وكذلك تشديد الرقابة علي الجودة, لأن ارتفاع الأسعار قد يدفع بعض التجار إلي التلاعب بالكميات والنوعيات والحكومات مطالبة أيضا بتعديل وتحديث كافة التشريعات المتعلقة بحماية المستهلك بما يتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية القائمة علي آلية السوق وتحرير أسواق التجارة, وأن تداوم الصحف علي نشر أسعار السلع بصورة يومية والحدود التي يجب ألا تتخطاها. وفي الوقت نفسه, فإن جمعيات حماية المستهلك مطالبة بممارسة دور قوي لمواجهة موجات الغلاء المتصاعدة من خلال القيام بحملات توعية للمستهلكين وتثقيفهم لممارسة أسلوب المقاطعة المنظمة لبعض السلع التي ترتفع بصورة غير مبررة للضغط علي التجار من أجل تخفيض أسعارها, وتشكيل لجان مشتركة تمثل كافة الأطراف: التجار والمستهلكين والحكومة, من أجل مناقشة أسعار السلع التي لا يمكن الاستغناء عنها, ووضع الآليات المناسبة لحفظ حقوق المستهلك وحمايته من الاحتكار. وجمعيات حماية المستهلك ليست بدعة, فقد عرفها العالم منذ أوائل القرن الماضي في الولاياتالمتحدة, بعدها انتشرت في العديد من الدول الأوروبية مثل بريطانيا وهولندا والدنمارك وبلجيكا, كما انتشرت في بقية الدول, ولبعضها تأثير قوي في مواجهة الغلاء, مثل البرازيل التي يوجد فيها60 جمعية, والهند التي يوجد فيها25 جمعية, وهناك اتحاد دولي لحماية المستهلك أسس منذ عام1960 وله مقار إقليمية في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية. وعلي الجانب الآخر, توجد في بعض البلدان العربية جمعيات لحماية المستهلك, وعلي رأسها مصر, التي كانت لها تجارب سابقة ناجحة لمقاطعة بعض السلع مثل اللحوم وخدمات الاتصالات.