حذرت باحثة بحرينية من خطورة مخلفات الهواتف النقالة على الصحة العامة، مؤكدة أن هذه المخلفات تحتوي على مواد سامة مثل الرصاص والكادميوم والخارصين والنيكل والزنك. أكدت الباحثة أمينة محمد السندي في بحث قدمته الى مؤتمر العمل الخليجي الذي استضافته الدوحة أخيرا، وحصلت «القبس» على نسخة منه، إن خطورة هذه المواد تتمثل في احتمال تسربها إلى الهواء أو المواد الجوفية عندما يتم التخلص منها بصورة غير سليمة سواء من خلال الدفن أو الحرق. وتعد مخلفات الهواتف النقالة قضية حديثة برزت على الصعيد العالمي اثر التطور التقني والعلمي الذي شهده قطاع الاتصالات والتكنولوجيا. وأكدت الباحثة أن مشكلة مخلفات الهواتف النقالة تكتسب أهمية كبيرة لأكثر من سبب منها تزايد عدد الهواتف القديمة على الرغم من أنها لا تشكل سوى 1% من إجمالي النفايات المنزلية في الدول الصناعية. خطر يهدد الإنسان وبشأن طرق التخلص من مخلفات الهواتف النقالة، ترى السندي أن هناك عددا من الطرق منها الدفن، حيث يتم دفن المخلفات في مدافن بالأرض، لكن هناك خطورة تكمن عند دفنها مع مواد حمضية، ما قد يحدث تفاعلا معها عبر الزمن، إلا أن الدراسات لم تثبت حتى الآن أن أيا من مكونات الهاتف النقال قد يتسرب فيما عدا الرصاص، وإذا لم تكن المدافن مصممة بشكل جيد بحيث تحول دون تسرب هذه المواد إلى التربة، فقد تصل هذه المواد إلى المياه الجوفية وبالتالي قد تنتهي في البحيرات أو الأنهار، ما يعرض حياة الإنسان وباقي الأحياء للخطر. وهناك طريقة أخرى تتمثل في حرق النفايات، وهذه الطريقة تعمل على أكسدة البلاستيك ولكنها قد تكون غير مكتملة، ما يؤدي إلى تكون بقايا الهيدروكربون، خاصة في حالة المحارق التي تكون غير مراقبة. وبالنسبة لبعض المعادن مثل الكادميوم والرصاص، فلها درجات انصهار منخفضة، ما يعني ذوبانها خلال عملية الحرق وإن لم تذب هي أو غيرها، فإنها تكون ضمن البقايا الصلبة، ما يسبب عددا من المخاطر، خاصة إذا لم يتم التخلص منها بصورة سليمة، وسواء كانت المحارق مراقبة أو غير مراقبة يصبح خطر التعرض للملوثات الجوية أو البقايا الصلبة واردا في جميع الأحوال. تشريعات ضرورية وتقول إن نسبة الهواتف القديمة التي يتم جمعها وإعادة استخدامها وتدويرها لا تتجاوز 5% من إجمالي الهواتف النقالة التي انتهى عمرها الافتراضي، وإذا ظلت هذه النسبة منخفضة، فإن عدد الهواتف النقالة التي لا يتم دفنها أو حرقها سيكون كبيرا، وهو ما يتطلب الإدارة السليمة لمخلفات الهواتف النقالة حفاظا على صحة الإنسان والبيئة. وشددت الدراسة على أهمية الإدارة السليمة لمخلفات الهواتف النقالة، موضحة أن هناك اختلافات بين الدول في طبيعة التشريعات القانونية المتعلقة بإدارة مخلفات الهواتف النقالة، فمثلا يلزم الاتحاد الأوروبي الشركات المصنعة بعملية جمع وإعادة وتدوير هذه المخلفات من دون أن يتحمل المستهلك أي أعباء مالية في ذلك، بينما تقوم البلديات بدول أخرى بتنظيم هذه العملية. وقالت السندي إن الدول العربية وخصوصا الخليجية تفتقر إلى التشريعات التي تنظم التعامل مع هذه المخلفات، ما قد يدفع الشركات المصنعة للهواتف النقالة إلى التهاون في هذا الجانب. أما في مملكة البحرين، فالأمر لا يتعدى عددا من المحاولات لتجميع الهواتف النقالة القديمة ومن ثم يتم التخلص منها إما بإرسالها الى الخارج، أو التخلص منها في مدفن حفيرة، حيث تم إنشاء مدفن حفيرة لاستيعاب النفايات الصناعية الخطرة وشبه الخطرة، الذي صمم للتخلص من النفايات الناتجة من صناعة الألمونيوم والحماية من مصفاة النفط والأسبستوس. تخلص آمن من الهواتف وطالبت السندي في توصيات دراستها بضرورة وضع تشريعات متعلقة بكيفية إدارة مخلفات الهواتف النقالة، بالإضافة إلى تحديد الجهة المسؤولة عن ذلك، كما دعت الى تشجيع مختلف الجهات على تنظيم حملات لتجميع الهواتف القديمة على أن تصاحبها حملات توعية بضرورة التخلص الآمن من الهواتف ومختلف ملحقاتها. وعبرت السندي عن أملها في أن تسعى الدول الخليجية والعربية إلى وضع تشريعات موحدة لمعالجة مخلفات الهواتف النقالة، وقالت إن التشريعات المحلية في مملكة البحرين لم تتطرق إلى طريقة التعامل مع المخلفات الالكترونية، إنما أشار قانون البيئة والقرارات المنفذة له إلى عامة النفايات والمخلفات الضارة للإنسان والبيئة. وأكدت أن اتفاقية بازل اتخذت إجراءات عملية بشأن الإدارة السليمة بيئيا للنفايات الإلكترونية، وأقرت في اجتماع نيروبي مبادرة الشراكة في الهواتف النقالة. وطالبت الدراسة بضرورة وضع تشريعات معينة للتعامل مع مخلفات الهواتف النقالة، بحيث يتم إلزام الشركات المنتجة أو مزودي الخدمة بعملية استرجاع وإعادة تدوير مخلفات الهواتف. حملات توعية وشددت على أهمية تنظيم حملات جمع الهواتف النقالة من قبل إحدى الجهات ذات العلاقة، بشرط أن ترافقها حملة إعلانية توعوية تستهدف جميع فئات المجتمع، كما يمكن لهذه الشركات تشجيع المستهلك عن طريق إعطائه مبلغا رمزيا لقاء تبرعه بهاتفه القديم وخصوصا البطاريات المنتهية صلاحيتها، كما يمكن أن يشترط تسليم البطارية القديمة عند شراء أخرى جديدة وذلك لتشجيع المستهلكين على إرجاع البطاريات السليمة وضمان عدم رميها ضمن المخلفات المنزلية. وقالت الدراسة إنه بالإضافة الى ذلك، ينبغي على الشركات المصنعة أن تتحمل مسؤولية المنتج خلال مختلف مراحل حياته، لا سيما أنها تضطلع بهذه المسؤولية في الدول المتقدمة التي تلزمها بذلك، في حين أن هذه الشركات تتساهل كثيرا عند تعاملها مع الدول العربية خصوصا الدول الخليجية، وليس أدل على ذلك من أنه لا يوجد مركز لاسترجاع الهواتف النقالة القديمة رغم وجودها في أكثر من 40 دولة في العالم.