وزير الخارجية الأردني: كارثية الفشل في تطبيق القانون الدولي جعل من غزة مقبرة لأهلها    بالأسماء : انتشال 30 جثمانا بطبرق .. المصريون وقود الهِجرات عبر البحر    جيش الاحتلال يعلن هدنة إنسانية والمجاعة مستمرة.. الحية للشعب المصرى : إخوانكم في غزة يموتون من الجوع    الزمالك يشكر الرئيس السيسي على موقفه الإنساني تجاه حسن شحاتة    ارتفاع البتلو وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    محمود مسلم: لن نسمح لأحد بالعبث بأمننا القومي ومن يتجاوز في حق مصر سيأتي اليوم الذي يُحاسب فيه    إيران ترد على ادعاء ترامب بتدخل طهران في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    انخفاض طن اليوريا العادي 811 جنيهًا، أسعار الأسمدة اليوم في الأسواق    رئيس اتحاد طنجة: الزمالك دفع أقل من الشرط الجزائي ومعالي فضل الأبيض عن الدنمارك    16 ميدالية، حصاد البعثة المصرية في اليوم الثاني من دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    حرائق الكهرباء عرض مستمر، اشتعال النيران بعمود إنارة بالبدرشين (صور)    ضبط ومصادرة 162 جهاز صوت وسماعة بالدقهلية    في لقاء نادر، ماذا قال عمرو دياب عن زياد الرحباني؟ (فيديو)    اتهمت الفنانة بالاتجار بالأعضاء البشرية، التحقيق في بلاغات وفاء عامر ضد التيك توكر "بنت مبارك"    قرار من خوسيه ريبيرو بخصوص مباراة إنبي الودية اليوم    هل تصدق رواية الزمالك في تقديم لاعبه معالي.. وما علاقة بنشرقي؟ (فيديو)    افتتحها وزير التعليم العالي.. أبرز المعلومات عن جامعة كفر الشيخ الأهلية (صور)    فلسطينية ل خليل الحية: عد إلى غزة وجرب الجوع ليوم واحد ثم اتخذ قرارك    ضبط مصنع غير مرخص يعيد تعبئة زيوت طعام مستعملة ببني سويف (صور)    أول تعليق من محافظ سوهاج على حرائق برخيل (صور)    مقتل شخصين وإصابة آخرين في هجوم طعن في لندن    "شوية مطبلاتية".. تعليق قوي من أحمد عبد القادر على أنباء فسخ تعاقده مع الأهلي    كالعروس.. إليسا تخطف الأنظار بفستان أبيض في أحدث ظهور    مي كساب بإطلالة جديدة باللون الأصفر.. تصميم جذاب يبرز قوامها    عودة انقطاع الكهرباء في مناطق بالجيزة وخروج كابل محطة محولات جزيرة الذهب عن الخدمة    رابطة الأندية: بدء عقوبة "سب الدين والعنصرية" فى الدوري بالموسم الجديد    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    الكشف الطبي على 540 مواطنًا بقرية جلبانة ضمن القافلة الطبية لجامعة الإسماعيلية    بمناسبة اليوم العالمي.. التهاب الكبد خطر صامت يمكن تفاديه    قبل عرضه.. تفاصيل فيلم بيج رامى بطولة رامز جلال    نقيب الإعلاميين: كلمة الرئيس السيسي بشأن غزة رد عملي على حملات التضليل    سميرة صدقي: عبلة كامل أفضل فنانة قدمت دور المرأة الشعبية    علاج الحموضة بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    محافظ جنوب سيناء يتابع تطوير محطة معالجة دهب والغابة الشجرية (صور)    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أمانة الشؤون القانونية المركزية ب"مستقبل وطن" تبحث مع أمنائها بالمحافظات الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    قنا: القبض على شاب متهم بالاعتداء على طفل داخل منزل أسرته في قرية الدرب بنجع حمادي    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    حزب الجيل: السيسي يعيد التأكيد على ثوابت مصر في دعم فلسطين    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    تنفيذي الشرقية يكرم أبطال حرب أكتوبر والمتبرعين للصالح العام    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    التحقيق في مصرع شخصين في حادث دهس تريلا بدائرى البساتين    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    تعرف على مواعيد مباريات المصري بالدوري خلال الموسم الكروي الجديد    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواجهة ثورة الأسعار
نشر في أخبار مصر يوم 02 - 02 - 2008


الأهرام 31/01/08
يلزم في البداية توضيح نقطتين اساسيتين في موضوع ارتفاع الأسعار الذي شغل ومازال يشغل بال المواطنين والمسئولين‏,‏ الأولي وهي ان الغلاء في جوهره هو مدي شعور وتأثر المستهلك بزيادة أسعار السلع والخدمات وليس الزيادة في حد ذاتها الاستقرار المطلق للأسعار غير ممكن وغير وارد‏..‏بمعني اذا كان متوسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية في حدود‏25%‏ مثلا‏.‏
فان تأثير ذلك علي محدودي الدخل الذين ينفقون قرابة‏50%‏ من دخلهم علي الغذاء سيكون أكثر حدة منه علي متوسطي الدخل الذين يمتص الغذاء نحو‏25%‏ من دخلهم أو علي الدخول الكبيرة التي يمثل بند الغذاء اقل من‏5%‏ من انفاقها‏,‏ وطبقا لهذا المنطق فان الاعتماد علي المتوسط العام للتضخم في حدود‏10%‏ من لايصلح للتعامل به في مواجهة الازمة نتيجة التفاوت في الدخول والانفاق بين الفئات الاجتماعية في مصر بخلاف الدول المتقدمة التي يصلح معها استخدام المتوسط العام لكون الطبقة الوسطي تشكل‏90%‏ من المجتمع‏,‏ وعليه فان زيادة الاجور بنسبة أعلي من المتوسط العام للتضخم لن تسهم في حل مشكلة متوسطي ومحدودي الدخل حيث يمثل الغلاء بالنسبة لهذه الفئات نسبا أعلي بكثير من المتوسط العام‏.‏
والنقطة الثانية ان اية ظاهرة تأخذ شكل الازمة لابد من تعدد العوامل المسببة لها وبالتالي تعدد الحلول اللازمة لمواجهتها فقضية الغلاء ليست قضية منفصلة بذاتها ولكنها جزء من كل يتعلق في الاساس بنمط التنمية في ظل عولمة الاقتصاد‏,‏ وهي محصلة عوامل خارجية وداخلية تلاقت وتفاعلت مع بعضها لتفرز هذه الظاهرة التي استفحلت بهذا القدر للمرة الثانية في اقل من عامين‏.‏
من الطبيعي ان يستورد الاقتصاد المفتوح التضخم من الخارج فارتفاع اسعار البترول وزراعة محاصيل الوقود الايثانول بدلا من محاصيل الغذاء والاستهلاك العالمي المتزايد للمواد الأولية نتيجة نسب النمو العالية في الصين والهند ومردود التغير المناخي علي الحاصلات الزراعية وبالذات علي القمح في استراليا وكندا وعوامل متعددة اخري‏..‏ كلها ساهمت في رفع الأسعار العالمية مما دفع مجلة اقتصادية مثل الايكونومست إلي تخصيص عدد ديسمبر الماضي عن انتهاء عصر الغذاء الرخيص ولكن يجب ألا يخالجنا الاحساس نتيجة لذلك باننا لانستطيع التحكم في مشكلاتنا لانها أكبر من حجمنا
وكما اننا لانستطيع التهرب من مسئوليتنا عن طريق القاء اللوم علي الاسواق العالمية لانه طالما قبلنا وسعينا للاندماج في الاقتصاد الدولي فان دور الحكومة هو التنبؤ وتخطيط التعامل الفعال مع تصدير الغلاء الوافد من السوق العالمية خاصة اننا دولة ذات نصيب كبير في استيراد الغذاء ولسنا اقتصاد ذاتي الاكتفاء نسبيا‏,‏ وفي هذا الصدد رأي وزير زراعة سابق ان الاستراتيجية الافضل تتمحور حول احداث توازن بين وارداتنا وصادراتنا من الغذاء بينما رأي الوزير الذي تلاه مباشرة في المنصب ان الاجدي هو الاكتفاء الذاتي في الطعام‏,‏ ولسنا في سياق مناقشة ماهو الاصلح ولكن يبقي السؤال‏:‏ ألا توجد استراتيجية قومية طويلة المدي في هذا الشأن تأخذ في الاعتبار العوامل الخارجية وامكانات الداخل مثل التركيب المحصولي الأمثل في مصر في ظل التطورات العالمية والمحلية والموارد المائية التي يمكن توفيرها لهذا التركيب؟
العوامل الخارجية لاتقف عند هذا الحد فتحرير التجارة العالمية في ظل الأوضاع الراهنة تم علي حساب الدول النامية ومستويات المعيشة والأسعار بها وفقدان الحكومات السيطرة علي اسواقها نتيجة هذا النمط من التحرير‏,‏ ويضاف إلي ذلك السيطرة المتزايدة للشركات الدولية الكبري علي الاسواق ومانجم عن حركة الاستحواذات والاندماجات العالمية وشراء الشركات الوطنية من احتكارات عالمية ضخمة ظهر اثرها الضار علي الأسعار وبالذات في الدول النامية في مجالات الغذاء وسلاسل التوزيع والتجزئة والدواء والسلع الاستهلاكية والسلع المعمرة‏..‏ الخ‏.‏
وعليه فان تحرير التجارة سواء في المنتجات أو الخدمات امام المنافسة العالمية لايجب ان يكون في هذه المرحلة علي حساب المنشآت الوطنية وبالذات المتوسطة والصغيرة وكما لايمكن السماح لنفوذ الاحتكارات العالمية بالتغلغل في السوق المصرية ويلزم الأمر وضع ضوابط علي حركات الاندماج والاستحواذ لحماية المنافسة العادلة وشراء الاجانب للمنشآت المصرية وفي المقابل تشجيع الاستثمار الأجنبي الذي يفتح اسواقا خارجية أو يضيف في الإدارة والتكنولوجيا لا الاستثمار الاجنبي الذي يتوجه فقط للاستهلاك المحلي‏.‏
ويتطلب التعامل الفعال مع معطيات العولمة الاقتصادية تضافر الجهود مع الدول النامية للمطالبة باصلاح وتطوير المؤسسات الدولية ولمحاولة التوصل مع الدول الصناعية إلي توازن جديد للعلاقات الاقتصادية الدولية يرسي قواعد عادلة للتجارة العالمية ويوجد مدخلا جديدا للملكية الفكرية في صناعة الدواء ويعوض عن تدهور البيئة والتغيير المناخي ويصلح المعمار المالي الدولي وينظم حركة الشركات عابرة الحدود والاستثمار الأجنبي المباشر باصدار قانون دولي للمنافسة وانشاء هيئة دولية لمراقبة الممارسات الاحتكارية عولمة الاحتكار والضارة بالمنافسة‏,‏ وهي الأمور التي يطالب بها علماء الاقتصاد وقطاع عريض من المجتمع المدني في العالم المتقدم‏.‏
ان معدلات النمو العالية بهدف التشغيل ومكافحة البطالة عادة ما يصاحبها تضخم والتضخم هو مجرد اعراض لعملية أكثر عمقا حيث ينشأ عن ارتفاع نسبة السكان واتساع الفجوة الاجتماعية بالاضافة إلي انخفاض الاجور الفعلية‏,‏ كما ان العوامل المؤثرة علي مستوي المعيشة تتركز في الانتاجية وتوزيع الدخل‏,‏ بالنمو الاقتصادي في مصر لم يقابله نمو مماثلة في الانتاجية وزيادة نسب النمو دون زيادة في معدل الانتاجية تعني بالضرورة مشاكل اقتصادية لانها تقوم علي حشد الموارد دون كفاءة في استخدام تلك الموارد واساليب زيادة الانتاجية تعتمد علي الادارة الفعالة للاقتصاد الكلي وعلي الارتقاء بمستوي العناصر البشرية والتقنية والتنظيمية والمعلوماتية داخل منظمات الأعمال المصرية الاقتصاد الجزئي وعلي تقليل الفاقد في الغذاء نقل وتوزيع وحفظ والطاقة والمياه وعلي استخدام الاصول العاطلة في الدولة‏.‏
ونحن نستهلك اكثر مما ننتج وهناك بعض النظم الاقتصادية الصين علي سبيل المثال واليابان ودول جنوب شرق اسيا في السابق تنتج دون ان تستهلك وتصدر دون أن تستورد نسبيا‏,‏ وهنا تأتي أهمية الحد من اشكال الاستهلاك الترفي الزائد وذلك من خلال الضرائب وليس بالموعظة فقط‏,‏ وتشجيع الربح الناجم عن العمل وليس الربح الكسول لننتقل إلي اقتصاد الانتاج بدلا من اقتصاد الريع‏,‏ فجزء كبير من نشاط البورصة المصرية موجه عمليا للمضاربة مما يؤدي إلي تضخم الاصول المالية في شكل ثروة ورقية مصطنعة دون اضافة حقيقية للاقتصاد القومي‏,‏ والارباح الرأسمالية السريعة المتولدة من بيع وشراء الأوراق المالية دون قيود هي في الحقيقة صورة من صور عشوائية الكسب
وايجاد ما اسماه الاقتصادي كينيز بالمستثمر العاطل أي قطاع مجتمعي طفيلي غير منتج عالي الاستهلاك وضاغط علي الأسعار‏,‏ ولقد تنبه عدد من الدول التي حررت اقتصادها إلي ذلك شيلي مثلا وقامت بفرض ضرائب علي الارباح قصيرة الأجل في البورصة‏tobintax.‏
لقد ادرك العالم النامي مؤخرا فشل نموذج توافق واشنطن حول الاصلاح الاقتصادي والذي يضع سياسات للنمو تروج لخفض الدعم وتفكيك الاحتكارات العامة والخصخصة والتحرير السريع دون التطرق لأمور مثل عدالة توزيع الدخل أو التشغيل أو تدرج اولويات الاصلاح أو كيفية إدارة عملية الخصخصة وقصور هذا النموذج في ايجاد صيغ للتوفيق بين قوي السوق والعدالة الاجتماعية والتي أكدتها مناقشات وقرارات المؤتمر الأخير للحزب الحاكم‏,‏ فتحقيق الديمقراطية الاقتصادية يقتضي معالجة الفجوة الاجتماعية في مصر حيث يحصل افقر‏20%‏ من السكان علي نصيب‏8,6%‏ من الدخل مقابل استحواذ اغني‏20%‏ من السكان علي‏43,6%‏ من الدخل وبينما يحصل افقر‏10%‏ علي‏3,7%‏ يصل نصيب اغني‏10%‏ من السكان إلي‏29,5%‏ من الدخل طبقا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للتنمية السابق الاشارة إليه‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.