شهدت أسعار السلع الغذائية والخضراوات ارتفاعا ملحوظا في الأيام الحالية تقدر نسبتها بحوالي80% من الأسعار الي سبقت ثورة25 يناير نتيجة توقف عجلة الإنتاج لفترة كبيرة الأمر الذي أدي إلي نقص واضح في بعض السلع الغذائية بسبب الإضرابات الفئوية المتعمدة التي قادها بعض عناصر الثورة المضادة لحدوث أزمة غذائية طاحنة في البلاد وكان للطماطم الريادة في أسعار الخضراوات بالأسواق المصرية تلاها الليمون والثوم والفاصوليا والكوسة والبسلة والبصل حيث تراوحت أسعار الطماطم بين8,7 جنيهات في مختلف المناطق الأمر الذي أدي إلي حدوث حالة من القلق لدي المواطنين الذين تخوفوا من استمرار تلك الأسعار التي لا يتحملها الكثير من البسطاء خاصة وأن المواطنين والعاملين بالقطاعين العام والخاص في أنتظار العلاوة الاجتماعية التي قررها المجلس الأعلي للقوات المسلحة والمقدرة ب15% من الراتب الأساسي حيث تم الإعلان عنها مباشرة بعد نجاح25 يناير ولكن هذا الانتظار يشوبه قلق وحذر وخوف من ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاساسية لتقضي علي العلاوة بل تتجاوزها لتصبح مثل كذبة أبريل. وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء قد أصدر في تقرير حديث له عن إرتفاع العديد من السلع الغذائية مثل الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة3,2% والفاكهة بنسبة2,8% والخبز والحبوب والأرز بنسبة2,1% والزيوت والدهون بنسبة1,9% فيما بلغت الزيادة السنوية في أسعار الخضار48,6% والفاكهة8,7% والسكر والأغذية السكرية12% واللحوم والدواجن16,5%. الأهرام المسائي قامت بجولة داخل إحدي الأسواق بمنطقة ميدان الجامع لمعرفة ورصد السبب الحقيقي وراء إرتفاع الأسعار بشكل ملحوظا. في البداية تقول يسرية عمران مدرسة جغرافيا إن الأسعار ترتفع يوما بعد يوم بشكل مفاجيء وغريب حيث تجد جنونا في الأسعار فالمواطن البسيط من أين سيلاحق مثل هذه الارتفاعات والقفزات العجيبة في الأسعار خاصة بعد أن أصبح المواطنون لايستطيعون شراء السلع البسيطة الأساسية التي يتطلبها أي منزل. وتتساءل كيف يواجه المواطن البسيط هذه الزيادة خاصة وأن المرتبات كما هي بالإضافة إلي الأعباء الأخري التي يعاني منها فنحن الآن نواجه مشكلة حقيقية خاصة في ظل إرتفاع الأسعار بشكل غريب. وتوضح أن أبسط الوجبات التي يسعي الفرد العادي لإعدادها وتحضيرها أصبحت في غير استطاعته فلكي يعد الفرد البسيط طبقا من المكرونة فكام يحتاج لصنعه عندما يجد سعر كيلو الطماطم قد تجاوز ال7 جنيهات فما هو الحل لإنسان بسيط لديه5 أو6 أطفال. وتطالب بتخفيض الأسعار حتي تكون في متناول المواطن العادي نظرا لعدم زيادة المرتبات بالإضافة إلي أن العلاوة يتم صرفها للموظفين أصحاب الرواتب لكن الأرزاقي من أين له بالعلاوة. وتتساءل مني مصطفي مصطفي ربه منزل هل قامت الثورة لتخفيض الأسعار أم لزيارتها وماذا نأكل اللحوم الحمراء والفراخ البيضاء والأسماك غالية الثمن فأين الرقابة علي الأسواق ولماذا لا تقوم الجهات المختصة بتشديد الرقابة علي التجار الذين يتربحون علي حساب الفقراء محدودي الدخل في ظل الأزمة الاقتصادية؟ وتقول إلهام محمود عليوة ربة منزل نواجه أزمة كبيرة في الارتفاع الشرس في الأسعار إنه جنون الأسعار وكيف نواجه نحن البسطاء هذا الغلاء الفاحش هل تتحمل إمكانات الأسرة البسيطة كل هذا الغلاء. وهل يضطر المواطن البسيط إلي أن يأكل اللحوم في الأعياد والمواسم فقط. ويقول محسن ابراهيم موظف إن جميع المواطنين ينتظرون العلاوة الاجتماعية بفارغ الصبر لكنه يبدي تخوفه من إرتفاع الأسعار في أن تلتهم العلاوة قبل أن يشعر بها موضحا أن ارتفاع الأسعار حدث بالفعل قبل أن يتم صرف العلاوة. ويري أن الحكومة هي المسئول الأول عن ضبط الأسعار لأن المواطن من حقه أن يشعر بتحسن وضعه الاقتصادي مع كل علاوة يحصل عليها وليس العكس حيث كان التجار يلتهمونها قبل أن يتسلمها الموظفون التجار من جانبهم ألقوا بالمسئولية علي تجار الجملة والفلاح وأتهموهم بأنهم المسئول الأول في ارتفاع الأسعار بالإضافة إلي تكاليف النقل وعدم وجود رقابة فعلية علي الأسواق وتسعيرة جبرية للحد من عملية استغلال الأسعار والتلاعب فيها. يقول محمد عثمان أحمد بائع خضار إن ما يحدث خراب بيوت للبائع قبل الزبون وأنه لابد من مراقبة أسعار أسواق العبور لأنها بمثابة البورصة. ويتساءل لماذا لايتدخل المسئولون لوضع تسعيرة جبرية وإذا كانت لا توجد بمصر تسعيرة جبرية لماذا لا يضعون حدا أدني لسعر الخضار واللحوم والدواجن والأسماك خاصة وأن المشكلة في مصر تكمن في عدم وجود مسئول يعترف بالمسئولية. ويقول أحمد طه بائع خضار إن السوق عرض وطلب لكن المشكلة تكمن في عدم وجود حركة بيع نتيجة للإرتفاع الكبير في الأسعار الأمر الذي يدفع كل تاجر إلي البيع تبعا لهواه كما أن الفلاح له دور كبير في الزيادة المفاجئة نظرا لإرتفاع أسعار الكيماويات والمبيدات الزراعية مما يضطر إلي البيع لتجار الجملة بسعر أعلي وأضاف قائلا: دي بورصة الشعب. ويقول جمال خلف بائع خضار أن الزيادة المفاجئة ترجع إلي إنتشار الديدان في المحاصيل الزراعية التي تؤدي إلي اهدار المحصول في الأراضي وبالتالي تؤثر علي قلة إنتاجية المحصول بالإضافة إلي أن الفلاح والمزارع هي السبب الرئيسي في زيادة الأسعار. ويضيف أن سوقا مثل سوق سوهاج لا يقل فيها العدد عن120 بائعا وفي الوقت نفسه لا يوجد بها إلا4 أو5 زبائن قائلا إحنا مش بإيدينا حاجة لكن دائما المواطنون يتهموننا بارتفاع الأسعار المفروض يطالبون الحكومة بتخفيض الأسعار السؤال هنا هل مصر بعد ثورة25 يناير مقبلة علي أزمة غذائية طاحنة مع استمرار عدم ضبط السوق وماهي آليات مواجهة هذه الأزمة وماهو دور جهاز حماية المستهلك والمجتمع المدني في ذلك؟ يقول الدكتور سامي حاتم أستاذ الإقتصاد بجامعة حلوان والمحكم الدولي بمنظمة التجارة العالمية إن الاحصاءات التي ترصد عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء والوزارات الأخري خاطئة ولاتعكس الواقع ولايجب أن نعتمد عليها في رسم السياسات نظرا لاعتمادها علي معايير غير دقيقة ومسيسة كما أن المعدلات التي تصدر خاصة فيما يتعلق بإحصاءات السكان والبطالة كلها غير دقيقة لأن الواقع أعلي كثيرا مما تعلنه السلطات المختصة بالإحصاءات والبيانات الرسمية وبالتالي تظهر السياسات الاقتصادية والسكانية أقل كفاءة لأنها مبنية علي معلومات غير دقيقة. أما فيما يختص بإرتفاع أسعار السلع الغذائية فيقول إنها نتيجة لنقص المعروض من السلع الغذائية بالإضافة الي ترك الحبل علي غاربه للقطاع الخاص لكي يتلاعب في هذا الأمر خاصة بعد خروج الدولة عن دورها المعروف في إنشاء المتاجر والمجمعات التي كانت تقدم سلعا بأسعار كانت تحقق هامش ربح بسيطا وترك الأمور للعشوائية. ويضيف أن هناك جماعات من التجار والمنتجين يقومون بالسيطرة علي السوق بهدف تحقيق أرباح مبالغ فيها ولايمكن تبريرها من الناحية الاقتصادية وما دامت الدولة قد رفعت شعار العدالة الاجتماعية فعليها أن تترجم هذا الشعار الي واقع ملموس من خلال تنظيم المعروض من حزمة من السلع الغذائية وغيرها التي تأتي في مقدمة احتياجات المواطنين. ويري أن كثرة الحديث عن المشاكل دون طرح حلول قابلة للتطبيق يعتبر نوعا من العبث الفكري الذي لاطائل من ورائه مثلما حدث في النصف قرن الأخيرفعلينا أن نعيد تجربة الحقبة الناصرية من جديد حينما كانت تتطلع الدولة بدور رئيسي في تقديم السلع بأسعار تتناسب مع الدخول نظرا لأن المشكلة بدأت من ترك قوي العرض والطلب تعبث بالأسعار دون أن يناظرها أو يقابلها ربط الأجور بمعدلات ارتفاع الأسعار فظهر الاختلال واضحا خاصة وأن الأسعار تسير في شكل متوالية هندسية في حين أن الأجور ترتفع في شكل متوالية عددية وهو الأمر الذي أدي الي تفاقم مشكلات التضخم والإرتفاع المبالغ في الأسعار مما دفع الأجهزة الرسمية الي أخفاء اخطائها وإصدار إحصاءات خاطئة غير دقيقة وغير معبرة عن واقع الحال. ويوضح أن مشكلة عدم التناسب بين زيادات الأسعار والأجور سوف تظل تطرح نفسها دائما علي السطح كما كان الحال في الماضي وأيضا المستقبل طالما لم تتخذ الدولة السياسات المنطقية فيما يتعلق بزيادة المعروض السلعي من ناحية وكبح جماح الأسعار من ناحية أخري وربطها بزيادة منطقية في الأجور بالإضافة الي أن هذه المشكلة سوف تظل لسنوات عديدة قادمة نتيجة الخلل القائم وعدم تركيز الدولة علي جوهر المشكلة ومعالجتها من خلال زيادات وهمية في الأجور كالعلاوة الخاصة بزيادة الأجور بنسبة15% لكن في حقيقة الأمر فإن هذه الزيادة ليست15% وإنما هي10% العلاوة السنوية المقررة بالإضافة الي ال5% الزيادة التي طرحتها الدولة لامتصاص غضب الجماهير في أعقاب ثورة25 يناير. ويوضح الدكتور محمد النجار أستاذ الإقتصاد بتجارة بنها أن هناك تداعيات خطيرة تواجه أسعار الغذاء نتيجة إرتفاع اسعار النفط في الفترة الأخيرة بجانب وجود مخاوف كثيرة من لجوء الدول المنتجة للمحاصيل الاستراتيجية لاستخدام الوقود الحيوي المستخلص من بعض المحاصيل الزراعية كقصب السكر والذرة كبديل لمواد الوقود. ويقول أن دخول العديد من مشتقات النفط في العديد من الصناعات أدي قطعا الي إرتفاع تكلفة إنتاج السلع مع زيادة أسعار النفط بالإضافة الي أن ارتفاع الأسعار في السوق المصرية بشكل ملحوظ أمر طبيعي لأن السوق المصرية لم تستقر بعد خاصة وأن السوق المصرية احتكارية لمواد البناء والسلع الاستراتيجية ومواد الغذاء وحتي الآن لم يتم وضع برنامج محدد لتخليص السوق من العناصر الاحتكارية. أرجع الدكتور حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات. اتجاه الأسعار الي الارتفاع بسبب عوامل داخلية وخارجية موضحا أن العوامل الخارجية تتمثل في زيادة الأسعار العالمية لهذه السلع في الدول التي نستورد منها هذه المنتجات الغذائية وذلك بسبب اتجاه كثير من دول العالم المتقدمة والنامية الي تصنيع الوقود الحيوي من الحبوب الغذائية والزيوت النباتية بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للبترول والرغبة في توفير مصدر طاقة رخيص نسبيا مما يؤدي الي انخفاض العرض من السلع الغذائية في السوق العالمية وبالتالي اتجاه أسعارها الي الارتفاع ولذلك تكون الواردات المصرية من هذه السلع بأسعار أكبر مما سبق بالإضافة الي إرتفاع سعر العملة الأجنبية مما يؤدي إلي إرتفاع مماثل في أسعار السلع المحلية. ويقول أن الأسباب الداخلية ترجع الي إرتفاع تكلفة الانتاج نتيجة لزيادة أسعار الكيماويات والأسمدة وأجور العمالة الزراعية بالإضافة الي العوامل الموسمية وعودة الكثير من العمالة المصرية من الخارج الأمر الذي أدي بدوره الي زيادة الأسعار نتيجة لعدم وجود ضوابط للتجارة الداخلية. ويؤكد أنه لايوجد قانون لتنظيم الأسعار وحماية المستهلك بشكل حقيقي مما يجعل المنتجين والتجار هم الطرف الأقوي في معادلة السوق وبالتالي يتجهون الي رفع الأسعار لتحقيق أقصي ربح ممكن في ظل عدم تدخل الدولة في وضع رقابة علي الأسواق والأسعار. وعن التسعيرة الجبرية يقول انها لاتتناسب مع الاقتصاد الحر ولاتشجع علي زيادة الانتاج لانها تكون ثابتة لفترة طويلة ولاتتغير مع تغير تكاليف الانتاج, يري أن الأفضل هو وضع حد أقصي للأرباح وتكون التسعيرة الجبرية مقصورة علي بعض المنتجات الضرورية مثل الخبز والأدوية لكن باقي السلع الأخري يجب أن تخضع للسوق. وتقول الدكتورة سعاد الديب رئيسة الجمعية الاعلامية للتنمية وحماية المستهلك ان ارتفاعات الأسعار كانت ومازالت هي الشغل الشاغل للمواطنين خاصة وأنهم يلقون بالمسئولية علي جهاز حماية المستهلك وأن المتهم الأول في التحكم في الأسعار عندما تبحث عن السبب في الزيادة فنجد أن الحلقات الوسيطة المتمثلة في المنتجين والمستهلكين هي السبب الأساسي بالاضافة الي التحكم في الظروف المناخية وتكاليف النقل ولسلع البشائر. وتطالب بتفعيل دور الجهات الرقابية وإصدار نشرة استرشادية بالأسعار حتي يكون هناك التزام من التجار بالإضافة الي تفعيل دور المجمعات الاستهلاكية كمنافس قوي وكذلك إدارة الاحتياجات بوزارة التجارة والصناعة ويقول الدكتور سعيد الألفي رئيس جهاز حماية المستهلك إن القانون لايسمح لنا بالتدخل في الأسعار أو تحديدها لماهو ليس سلعة تموينية مدعمة من الحكومة ولكن إرتفاع أسعار الخضراوات يرجع الي الندرة في الانتاج مع اختلاف الفصول والأماكن. ويري أنه لابد من الاهتمام بالتصنيع الزراعي نظرا لأنه يتم اهدار فوق ال60% من محصول الطماطم لعدم وجود تصنيع زراعي وبالتالي حتي لايؤدي الي حدوث اختناقات في الأسواق بالإضافة الي ضرورة اقامة اسواق اسبوعية في مناطق مختلفة لتقليل حلقات الوسيطة بين المزارع والمستهلك النهائي وترشيد الاستهلاك بالنسبة للمواطنين.