يحاول الروائي وأخصائي التحليل النفسي الفرنسي ميشيل شنايدر في روايته الجديدة "أحداث السنتين الأخيرتين من حياة مارلين مونرو" إعادة رسم ملامح أسطورة هوليوود المحبوبة من منظور التحليل النفسي انطلاقا من شخصيات حقيقية وأحاديث ورسائل ومقابلات. وتطرح الرواية التي ظهرت بالأسبانية وأعلن عنها التلفزيون الإسباني تساؤلات بشأن دور هذا الطبيب في وفاة مونرو ولماذا تمنت أكثر الممثلات شهرة وجمالا في العالم الموت. يشار إلى أن تلك ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها هذا المؤلف والمحلل النفسي الحائز على جائزة ميديسيس" عام 2003 عن روايته "موتى خياليون" إلى بناء شخصيات روايته على أساس أحداث وأشخاص حقيقيين واستنادا إلى مستندات موثقة. ولكنه هذه المرة اختار شخصية بها من السحر والبراءة بقدر ما دار حولها من الجدل والإثارة ولا تزال حياتها وتفاصيلها وحتى منديلا استخدمته مرة واحدة تشغل تفكير الرأي العام، إنها الأسطورة مارلين مونرو. واكتشف الكاتب خلال أبحاثه قصة لقائها الجنوني برالف رينسون وقرر أن يتناولها في إطار رواية. وعن هذا اللقاء، يقول: "قصة مارلين وجريسنون أشبه بنقطة تواصل بين عالمين لم يكن مفترضا أن يلتقيا وقد أحدث لقاؤهما هذا تشويها متبادلا للتفكير يصعب تصوره." ويضيف "أردت إعادة خلقه لكن سرعان ما أدركت أنه من أجل فهم الحقائق المتناقضة واكتشاف سر هذه العلاقة التي جمعت أبرز ممثلة في العالم وأكبر طبيب نفسي في هوليوود، بدت الرواية الوسيلة الوحيدة إلى تحقيق ذلك." وتابع "فالحقيقة لا تعني غياب التناقضات بل الاضطلاع بها... لن أؤكد مطلقا أن قصة مارلين وجرينسون حدثت حقا ما أسردها، بالرغم من أنني لم أختلق الأمور بل استندت إلى وقائع معروفة." ويرى أن مارلين الفتاة الريفية البسيطة التي كانت تعرف من قبل باسم "نورما جين" استخدمت صورة الشقراء البلهاء لكي تحمي نفسها مع أنها لم تكن مثقفة إلا أنها كانت ذكية جدا وكانت تحب القراءة كثيرا، خصوصا كتب كافكا وريلكه ودوستويفسكي. لكن مارلين كانت تلجأ إلي ذلك لتهرب من الصورة التي كانت تكونها عن نفسها لأنها لم تكن تريحها مطلقا وربما كانت السبب الرئيسي في القضاء عليها ، لذا يقر الكاتب بأنه يستخدم كثيرا المرآة والزجاج في الرواية "إشارة الى الإنعكاس المستمر لصورة المرء". وقد لجأ شنايدر إلى ما سجلته الممثلة قبيل موتها لجرينسون من أجل تأليف روايته، حيث أن مونرو لم تكن تحتمل الذهاب إليه والتكلم معه عندما اقتربت من النهاية لذا فضلت تسجيل ما لديها على شريطين. ويعترف أنه يشك في صحة هذين الشريطين لأنهما في نظره "يتماشيان مع ما يحاول رالف جرينسون اثباته، أي أن مارلين لم تنتحر ولم تقتل بل حدث تفاعل بين الأدوية التي وصفها لها جرينسون والمخدرات والأدوية التى كانت تتناولها سرا." وبالنسبة إليه كان موت مارلين "جريمة من دون قاتل" وسببه الاندفاع اللاإرادي في اتجاه الموت الذي كان يسكنها. أما في ما يتعلق بعلاقة جرينسون بوفاتها، ففي نظره أن هذا الأخير كان كريما جدا مع الممثلة وأعطاها الكثير، ولكن في الوقت نفسه كان يحب المال والشهرة والسلطة وكانت مارلين اكثر النساء شهرة في العالم وعلى الرغم من عدم ممارسته الجنس معها إلا أنه استفاد من علاقته بها. ويصف الكاتب هذه العلاقة تحديدا ب`"قصة حب بلا حب" فبرغم التنافر بينهما لم يكن أحدهما ينفصل عن الآخر وفي النهاية كانت مارلين ترى طبيبها سبعة أيام في الأسبوع ولم يعد لديه مرضى آخرون. ويحلل الكاتب عبارة "حب بلا حب" بأنها تعني غياب أي علاقة جنسية بين الاثنين مع أن مارلين كانت تغريه باستمرار وتتحدث اليه عن عشاقها وتفاصيل حياتها الجنسية. لذا يعتبر الروائي أن الجنس كان من شأنه أن يخفف من وطأة الجنون السائد بينهما. وتعتبر رواية شنايدر أشبه بتحذير من أخطار التحليل النفسي، فهو يشدد على فكرة أن هذا النوع من العلاج لا يسمح بحل المشكلات وأن المرء يعرف حقيقته بذاته ولا يحتاج إلى زيارة معالج نفسي لسنوات عدة من أجل اكتشافها. ويختم شنايدر بالقول إن كتابه ليس "رواية عن مارلين أو عن التحليل النفسي بل عن الصراع الموجود داخلنا بين الصور والكلام، "أعني أن الحقيقة ليست في الصورة وليست في الكلام فحسب .. بل في المواجهة المستمرة بينهما." (د ب أ)