مارلين مونرو ليست فقط المرأة المثيرة, ولا هي أيقونة الجمال الأمريكي ابان الحرب العالمية الثانية, وليست أيضا الشقراء التافهة المرغوبة جنسيا من قبل الرجال, انما كانت مثقفة واعية تكتب الشعر والنثر وتقرأ لكبار الكتاب في العالم, أو علي الأقل هذا ما تحاول هي ابرازه في مذكراتها التي من المقرر ان تري النور في شهر سبتمبر القادم. يكشف الكتاب الجديد الصادر قريبا بعنوان شظايا عن دار نشر( ايديسون دو سولاي) الفرنسية بالاشتراك مع دار( فيرير شتراوس آند جيروكس) الأمريكية بإشراف من برنارد كومنت والمنتج السينمائي ستانلي بوشتال عن جانب آخر من شخصية أسطورة السينما الهوليوودية, من خلال تجميع أشعار ورسائل وقصاصات جرائد وصور شخصية نادرة لها كانت ملكا لأنا ستراسبيرج أرملة لي ستراشبيرج و صديق مونرو المقرب قبل أن تتبرع بها للقائمين علي الكتاب في مطلع العام ويؤكد كاتب المقدمة الروائي الإيطالي أنطونيو تابوشي انه بعكس الصورة الشائعة عن مونرو الشقراء الغبية التي خلقت من أجل امتاع الرجال, فان ما تركته من نصوص ومذكرات يكشف عن امرأة مثقفة وناضجة ويقول: بداخل هذا الجسد كانت تعيش روح مفكرة وشاعرة لم يتوقع أحد وجودها. ويضم الكتاب نصوصا كتبت ما بين عامي1943 وحتي وفاتها في1962 بطريقة أقرب إلي المذكرات الشخصية تتحدث فيها مونرو عن علاقتها مع زوجها الكاتب المسرحي آرثر ميلروما أشيع عن علاقاتها مع روبرت وجون كنيدي, فضلا عن رسائل بعثتها الممثلة إلي أطبائها النفسيين أو إلي صديقها المفضل لي ستراسبيرج من أستوديو أكترز الأسطوري, بالاضافة إلي علاقتها بكبار الأدباء مثل صامويل بيكيث وجيمس جويس وإعجابها الشديد بوالت ويلتمان مؤسس الشعر الأمريكي المعاصر كما يؤكد الكتاب حيازتها مكتبة ضخمة بها أعمال لجورج بيرنارد شو, وتنسي ويليامز, وايرنست هيمينجواي ود.ه. لورانس, واف سكوت فيتزجيرالد, وجون شتاينبك فضلا عن نسختها المفضلة من عمل جويس الأشهر عوليس والذي كانت تحمله معها اينما حلت, والذي بيعت نسختها منه في مزاد عام1999 مقابل تسعة الاف دولار في مزاد. يقول كومنت محرر الكتاب: في تلك النصوص الشخصية نعلم كيف اكتشفت في سن مبكرة جدا جيمس جويس, وكيف كانت تقرأ عوليس من وقت لاخر, في محاولة منها لفهم عميق له وتناصه مع حياتها. وفي الوقت الذي يشكك فيه الكثير من النقاد وحتي محبي مونرو في قدرات دمية أمريكا المدللة كمثقفة وكشخصية مستقلة, فان رئيس قسم الادب الانجلو إيرلندي بجامعة ديكلن كيبرد ومؤلف كتاب( عوليس ونحن)2005 قال في حوار سابق له حينما سئل عن اختياره صورة مارلين مونرو وهي تحمل كتاب( عوليس) في يدها كغلاف لكتابه: مارلين كانت تعشق المونولوج الطويل الذي تنتهي به الرواية لمولي بلوم, وكانت بالفعل الرواية ملهمة لها, وكانت قد قامت المصورة الامريكية ايف ارنولد بتصويرها وهي تقرأ الكتاب, وكانت فكرتي ان هناك تشابها كبيرا بين حياة مونرو المتشعبة التائهة ورحلة التيه في عوليس ويضيف: الا ان هذا اغضب بالطبع النسويات اللائي اعتبرن قراءة شقراء ترتدي المايوه لعوليس جريمة مشينة وقمن بعمل كمين لي في راديو بي بي سي, لكني أراها امرأة مثقفة وواعية جدا بغض النظر عن الصورة التي كرست لها يبرز الكتاب استياء مونرو من تصويرها الدائم كرمز للجنس فمارلين تعد نموذجا للصورة التي كانت تريد امريكا أن تكون عليها بعد الحرب العالمية الثانية, ولهذا كان يتحتم عليها ان تبقي الدمية الشقراء التي تصدرها الدعاية الأمريكية للعالم باعتبارها المرأة الحلم صنيعة دولة الحلم ومن ثم كان الفكاك مستحيلا بالنسبة لمونرو, لذلك فعندما حاولت الانحراف عن السير الذي يتبني مواقف سياسية تجاه القضايا الجارية مثل رفضها للموقف الأمريكي من قضية الصواريخ الروسية في كوبا, ودعمها لقضية الحقوق المدنية للزنوج, وتأييدها لحقوق العمال في مواجهة أصحاب الأعمال, وكلها أمور مصنفة عند الشرطة الفيدرالية علي أنها تأييد للشيوعية ووجهت بتعتيم إعلامي كبير, الأمر الذي دفعها في نهاية الأمر إلي الانتحار الذي يشك الكثير من النقاد في ان المخابرات الأمريكية كانت وراءه تاركه رسالة صغيرة تقول فيها: لدي إحساس عميق بأنني لست حقيقية تماما, بل إنني زيف مفتعل ومصنوع بمهارة وكل إنسان يحس في هذا العالم بهذا الاحساس بين وقت واخر, ولكني أعيش هذا الاحساس طيلة الوقت, بل أظن أحيانا أنني لست إلا إنتاجا سينمائيا أتقنوا صنعه. كان التفكير بالانتحار وكره الذات مسيطرا علي النصوص التي تكتبها مونرو وهو ما يعلق عليه كومنت قائلا: ثمة مسحة من الحزن العميق تسيطر علي الكتاب, لان الكتابة لم تكن بالنسبة لها فقط طريقة للاستمتاع والترويح عن النفس, لقد كانت في حاجة حقيقية للمارستها, وترتيب حياتها في محاولة منها للتخلص من المشاعر الحادة التي كانت تهاجمها من حين لاخر.