من الصعب إيجاد موهبة كروية لم تصل بعد سن العشرين تبرز في أيامنا هذه، فالمراهقون في عالم اللعبة يجدون فرصهم في المشاركة أساسيين محدودة جداً، إلا إذا كانوا من خامة نادرة... من عجينة فريدة... من طينة الاسباني سيسك فابريغاس. لم يكن نجم نادي ارسنال الانكليزي يحلم بأن يقارنه المتابعون بنجوم العالم قبل أن يتخطى سن العشرين، مثلما لم يحلم بأن يقود شباناً من جيله إلى تحقيق انتصارات مدوية في عالم اللعبة، لكن لاعب الوسط فابريغاس دخل عالم الكبار واخترق صفوف النجوم خلال أعوام قليلة، فعلى رغم انه ولد في مقاطعة كتالونيا، إلا أن قلبه ينبض في شمال مدينة لندن، وعلى رغم أن حلم غالبية اليافعين والصاعدين في عالم اللعبة الذين ترعرعوا في كتالونيا، ينصب في تمثيل فريق برشلونة، أو على اقل تقدير تمثيل الفريق الثاني في المدينة، اسبانيول، لكن فابريغاس رأى أن فرصه في أخذ فرصة كاملة في برشلونة صعبة جداً، بعدما أمضى سنواته الأولى في فريق الشباب، فبعد بلوغه سن السادسة عشرة، أعجبته فكرة الانتقال إلى مدينة أخرى، وما أعجبه أكثر أن الذي أقنعه بهذه الفكرة لم يكن سوى البروفيسور الفرنسي آرسين فينغر المشهور بتخريج نجوم المستقبل. وعلى رغم انه يعلم ان في ارسنال سيحظى بفرصة المشاركة مع الفريق الأول أسرع من التي سيحظى بها مع برشلونة، وهذا ما تحقق، فعلى رغم انه لم يلتحق بالفريق اللندني سوى في أيلول (سبتمبر) 2003، إلا انه قاد النجوم الواعدين في الفريق اللندني في مباراة في كأس المحترفين، لكن مشاركاته مع الفريق الأول في الدوري جاءت مع مطلع موسم 2004-2005، ليصبح دوره مؤثراً في ظل انخفاض مستوى مخضرمين، امثال فريدي ليونبيرغ وروبير بيريس وباتريك فييرا وادو وجيلبرتو سيلفا، وسرعان ما اصبح الجنرال الاسباني الصغير القلب النابض في جسد الفريق، عكستها الثقة الكبيرة التي اولاها فينغر له، وقاده تألقه الى لفت انظار كبار الاندية، خصوصاً بعدما اصبح ثاني اصغر لاعب يسجل هدفاً في تاريخ مسابقة دوري ابطال اوروبا، عندما سجل هدفاً ضد روزنبورغ النروجي في موسم 2004-2005، وتوج الموسم ذاته بفوزه بأول لقب مع ارسنال عندما أحرز الفريق كأس انكلترا. ولم يبتعد ارسنال كثيراً عن تحقيق ألقاب دوري أبطال أوروبا والدوري المحلي، لكن ما كان ينقص الفريق الشاب هو الخبرة فقط، التي بات يكتسبها لاعبوه في كل مباراة، لكن لفابريغاس نفسه، فان الموسم الحالي كان حاسماً الى حد كبير، فبدايته كانت صعبة، على خلفية رحيل المدير التنفيذي المؤثر ديفيد دين في نهاية الموسم الماضي في خضم جدل عارم، هدد على خلفيته فينغر بالرحيل ايضاً، وزاد خوف عشاق «الغونرز» بعدما رحل الأب الروحي للفريق وهدافه وقائده تييري هنري إلى برشلونة، ليدب الشك في ان فرص ارسنال في مقارعة الكبار أصبحت ضعيفة، لكن في مواقف مثل هذه تولد الأساطير والأبطال، فرفع فابريغاس من معنويات زملائه، وقدم معهم هذا الموسم بعضاً من أجمل العروض التي قدمها الفريق في السنوات الأخيرة، حتى ان بعض زملائه وصفه بالأفضل في العالم، وقال عنه الحارس الاسباني مانويل المونيا: «خلال سنة واحدة تطور مستوى فابريغاس بصورة هائلة، ومن المخيف أن نفكر في انه سيتطور أكثر كونه لا يزال في العشرين من العمر... اعتقد انه سيصبح أسطورة في ارسنال، ولأنه يملك كل المعطيات لجعله نجماً فانه سيصبح أفضل من كاكا». لن يجادل كثيرون في المقارنة بين فابريغاس وكاكا، خصوصاً ان الأول اثبت علو كعبه، بعدما قاد ارسنال إلى أول فوز انكليزي في «سان سيرو» على ميلان، ليجرد بطل أوروبا من لقبه، لكن كي يصبح المراهق أسطورة ما زال بحاجة إلى إحراز هذا اللقب وإضافة عدد من الألقاب المحلية إلى رصيده.