تكشف مكتبة الكونجرس الامريكى هذا الشهر النقاب عن النسخة الوحيدة الباقية من خريطة عمرها 500 سنة والتى ُاستخدمت في بداية الامر بأسم امريكا غير ان الخريطة التي رسمت عام 1507 مازالت لغزا يحير الباحثين. "لماذا أطلق من رسم الخريطة على المنطقة اسم أمريكا ثم غير رأيه لاحقا.. كيف استطاع ان يرسم امريكا الجنوبية بتلك الدقة.. لماذا رسم محيطا ضخما غربي امريكا قبل سنوات من اكتشاف رحالة اوروبيين للمحيط الهادي.." ويقول جون هيبيرت رئيس قسم الجغرافيا والخرائط بمكتبة الكونجرس "انه اللغز.. السؤال.. الذي لا يزال معلقا.." وُوضعت القطع الاثنتي عشرة التي تتكون منها الخريطة على لوحة عرض ابعادها 1.85 متر في 2.95 متر مصنوعة من قطعة واحدة من الالومنيوم حيث تم شراء تلك الخريطة من الامير الالماني "يوهانس فالدبورج فولفيج" مقابل عشرة ملايين دولار عام 2003. وستوضع لوحة العرض وسط غاز الارجون الخامل للحيلولة دون تلف الخريطة حين ُتعرض للجمهور في 13 ديسمبر الجاري. ويأمل الباحثون فى ان يثير العرض الدائم للخريطة لاول مرة اهتماما للتعرف اكثر على الوثائق المستخدمة في رسمها ونادرا ما عرضت اللوحة منذ اكتشافها ضمن المحفوظات في قصر فالدبورج فولفيج عام 1901. ورسم الخريطة الراهب الالماني مارتين فالدسيمولر فبعد 13 عاما من اكتشاف كريستوفر كولومبوس النصف الغربي من الكرة الارضية جمع دوق منطقة اللورين فالدسيمولر ومجموعة من الباحثين في دير سانت دي في فرنسا لرسم خريطة جديدة للعالم. والنتيجة التي ظهرت بعد عامين كانت دقيقة لحد مذهل وحديثة على نحو يدعو للدهشة. واضاف هيبيرت ان "الشكل الفعلي لامريكا الجنوبية صحيح وعرضها في نقاط رئيسية معينة سليم ويبلغ درجة من الدقة في حدود 100 كيلومتر" مشيرا الى ان هذه الخريطة مقنعة وتدعوك للقول.. "كيف توصلوا لتلك النتيجة؟" واضاف انه في ضوء ما يعتقد ان الاوروبيين بما كانوا يعرفونه عن العالم في ذلك الوقت لم يكن ممكنا ان يتوصل صانعو الخريطة لهذه النتيجة. وتعطي الخريطة وصفا سليما مقبولا للساحل الغربي لامريكا الجنوبية ولكن وفقا للتاريخ فان "فاسكو نونيز دي بالباو" لم يصل الى المحيط الهادي برا الا في عام 1513 ولم يقم فرديناند ماجلان بالدوران حول الطرف الجنوبي للقارة حتى عام 1520. يذكر ان راسمو الخريطة قد استندوا لاعمال يبلغ عمرها 1300 عام وهى للجغرافي المصري بطليموس واستندوا ايضا لخطابات كتبها الملاح "اميريجو فسبوتشي" والتى وصف فيها رحلاته للعالم الجديد لكن هيبيرت يقول انه لابد وان هناك اكثر من ذلك لهذه الدقة مثل رسومات لخرائط معها." واوضح فالدسيمولر انه سمى الارض الجديدة على اسم اميريجو فسوبتشي واوضح ان اسم امريكا مأخوذ من الاسم الاول للملاح الايطالي. ولكن سريعا ما انتابته شكوك بشأن عمله ويظهر اطلس اعده فالدسيمولر بعد ست سنوات جزءا من الساحل الشرقي للامريكتين فقط ويشار لها كارض مجهولة. وقال هيبيرت "اختفت امريكا من المعجم ولا يظهر اسم امريكا باي مكان جغرافى في النص او الخرائط." بل ان خريطته الملاحية التي رسمها في عام 1516 وهي بنفس مقياس رسم خريطة عام 1507 تتراجع اكثر وتظهر بها اجزاء فقط من القارتين الجديدتين وأعيد وصل الشمال بآسيا وكتب على امريكا الجنوبية اسم الارض الجديدة وامريكا الشمالية اسم أرض كوبا. واكد هيبيرت ان الكتابات المصاحبة لخريطة 1516 يبدو فيها ان فالدسيمولر "اكتشف خطأه وصححه". وهو يتكهن بأن سياسة القوة لعبت دورا فقد قسمت اسبانيا والبرتغال العالم فيما بينهما في عام 1494 بعد عامين من رحلة كولومبوس وسيطرت البرتغال على اراض جهة الشرق واسبانيا على اراض الى الغرب. ومن الغريب ان خط التقسيم اختفى من خريطة عام 1507 وتلمح اعلام تبين تبعية الارض في امريكا الجنوبية لسيطرة البرتغال على اراض في اقصى جنوب المنطقة رغم انها منطقة نفوذ اسبانية وظهر العلم الاسباني في اقصى الجنوب في الخريطة اللاحقة. ورغم ان الخريطة تخفي بعض الاسرار فان أمرا واحدا يبدو واضحا انها تمثل تحولا ثوريا في نظرة اوروبا للعالم. ويرى هيبيرت "انها بالضرورة بداية لاول خريطة في العصر الحديث وانها الخريطة التي اعتمد عليها كل تحديث منذ ذلك الحين اصبحت خريطة اساسية."