أجلت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة اليوم، برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، إعادة محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ، ورجل الأعمال (الهارب) حسين سالم، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و 6 من كبار مساعديه، وذلك إلى جلسة 5 مايو المقبل. وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى مرافعة هيئة الدفاع عن اللواء عدلي فايد مساعد وزير الداخلية رئيس مصلحة الأمن العام الأسبق. أكد دفاع عدلي فايد بوصفه متهما في وقائع قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة يناير 2011 أن تعليمات المتهم إلى مرؤوسيه من قيادات ومديري الأمن بكافة المحافظات، في شأن التعامل مع المتظاهرين، كانت على سبيل الحصر، بحفظ الأمن وضبط النفس واتخاذ الإجراءات التأمينية بالنسبة للمنشآت والأرواح، وعدم اللجوء إلى القوة أثناء التعامل مع المتظاهرين. جاء ذلك في أولى جلسات الاستماع إلى مرافعة هيئة الدفاع عن اللواء عدلي فايد، في القضية التي يحاكم فيها ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و 5 آخرون من كبار مساعديه والرئيس الأسبق مبارك، لاتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير، وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها.. كما يحاكم مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم، في ذات القضية، عن الوقائع التي تشكل جرائم تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ الرئاسي في التربح والإضرار بالمال العام وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالميا. وتضم قائمة مساعدي العادلي الستة المتهمين في القضية كلا من: اللواء أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي الأسبق، واللواء عدلي فايد رئيس مصلحة الأمن العام الأسبق، واللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق، واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق، واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة الأسبق، واللواء عمر فرماوي مدير أمن السادس من أكتوبر السابق. واستهل الدفاع عن عدلي فايد مرافعته بطلب البراءة له، استنادا إلى تناقض أمر الإحالة مع ما تضمنته التحقيقات، ووصدور أحكام قضائية نهائية من محاكم الجنايات المختلفة على مستوى الجمهورية، تحوز الحجية، بتبرئة مديري الأمن وضباط الشرطة المتهمين بقتل المتظاهرين، وهم بمثابة "الفاعل الأصلي في وقائع قتل المتظاهرين" على نحو يقتضي بالضرورة، براءة جميع المتهمين من تهمة "الاشتراك" بطرق الإتفاق والتحريض والمساعدة على قتل المتظاهرين. كما دفع الدفاع بانتفاء المسئولية الجنائية عن وقائع القتل والشروع في قتل المتظاهرين، نظرا لانتفاء الركن المادي للتحريض (عدم وجود أو صدور أوامر بالقتل) وانتفاء رابطة السببية والركن المعنوي للتحريض. ودفع الدفاع أيضا بانتفاء وسيلة المساعدة في شأن تسليح القوات بغية قتل المتظاهرين، وعدم تواجد المتهم (عدلي فايد) في مسرح الأحداث، وعدم وجود قوات تابعة للمتهم أو تسليح خاص بمصلحة الأمن العام، وانتفاء نية القتل وسبق الإصرار عليه، مع توافر حالة "الدفاع الشرعي" عن النفس والمال من قبل ضباط وأفراد الشرطة. وأكد دفاع عدلي فايد أن الاجتماع الذي عقد برئاسة حبيب العادلي مع مساعديه، لبحث كيفية التعامل مع مظاهرات يناير، قال فيه العادلي صراحة إن أقصى درجة لاستعمال القوة في التصدي للمتظاهرين، حال خروجهم عن جادة الصواب، تتمثل في الغاز المسيل للدموع ودفقات المياه.. مشيرا إلى أن اللواء حسن عبد الحميد مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع قوات الأمن والتدريب (خلال تولي العادلي) وهو أحد شهود الإثبات الذين تعول عليهم النيابة العامة لتأكيد الاتهام بحق المتهمين، أكد بدوره في شهادته أن العادلي وجه مساعديه بعبارة "آخرنا الغاز" في التعامل مع المتظاهرين. واستشهد الدفاع بما شهد به المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق أمام المحكمة، حينما سئل من جانب المحامين عن المدعين بالحقوق المدنية حوال ما إذا كان مبارك قد أصدر تعليمات بإطلاق النيران صوب المتظاهرين لتفريق جموعهم ? فكانت إجابته بأن مبارك لم يصدر إلى القوات المسلحة ولم يصدر إلى الشرطة تعليمات بإطلاق النيران على المتظاهرين مطلقا. كما استشهد الدفاع بشهادة اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية العسكرية السابق، وعمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، في شأن تسلل عناصر أجنبية، وعلى وجه التحديد عناصر فلسطينية، إلى داخل البلاد باستخدام الأنفاق والممرات السرية على الحدود، في الدخول إلى مصر، وكان بحوزتهم أسلحة نارية متنوعة استخدموها في الاعتداء على المنشآت الأمنية والسجون. وقال الدفاع إن العناصر التي اضطلعت بأعمال اقتحام المنشآت الأمنية وتخريب أقسام الشرطة واقتحام السجون واستهداف الضباط وأفراد الشرطة، كانت تهدف إلى إسقاط الدولة المصرية ككل، وليس مجرد إسقاط نظام مبارك.. مشيرا إلى أن "مخططا أجنبيا شاركت في وضعه قطر وتركيا وبريطانيا، بالتلاعب في عقول الشباب تحت ستار من حقوق الإنسان والحريات، في حين أن أفعالهم كانت مغايرة تماما لجوهر تلك المفاهيم".. بحسب ما ذكره الدفاع. وأضاف الدفاع أن الدفاع لا يقول بأن كل من شاركوا في التظاهرات التي انطلقت اعتبارا من 25 يناير 2011 كانوا غير سلميين، وإنما كان هناك البعض ممن شاركوا في تلك التظاهرات، كانوا "ألعوبة" في أيدي قوى خارجية وأجهزة استخبارات أجنبية لتنفيذ مخطط ضد مؤسسات الدولة. وذكر الدفاع أنه ليس كل من خرج في يناير 2011 هو متظاهر سلمي، بدليل أعمال قتل واستهداف ضباط وأفراد الشرطة واقتحام السجون والمنشآت العامة والأمنية، وغيرها من مظاهر العنف التي شهدتها البلاد في ذلك التوقيت.. معتبرا أن شعار "سلمية التظاهرات" كان مجرد شعار رفع ولم يطبق أو يجد صداه على أرض الواقع، حيث بادرت مجموعات باستفزاز قوات الشرطة والاعتداء عليها باستخدام الأسلحة، لدفعها إلى اسخدام القوة قبل جموع المتظاهرين وحدوث حالة من الفوضى العارمة في عموم البلاد. وقال الدفاع: "في الوقت الذي خرج فيه متظاهرون بملء إرادتهم لإعلان سخطهم، كانت هناك مجموعات تخطط وتدبر لاستغلال التظاهرات بغية إسقاط النظام، وذلك بعد أن أخذوا الضوء الأخضر من الولاياتالمتحدةالأمريكية، والتي قال رئيسها إن على مبارك أن يرحل عن السلطة، وأن تلك المجموعات تكاتفت مع المجموعات التي تم تمويلها من الخارج، ومن تلقى منهم تدريبات في دول أجنبية على إسقاط الأنظمة وأشكال الاحتجاجات والمظاهرات". بحسب ما قرره الدفاع واتهم الدفاع جماعة الإخوان، بالاشتراك في تظاهرات "جمعة الغضب" يوم 28 يناير 2011 بصورة منظمة وفق مخطط لإشاعة الفوضى يقوم على استعمال العنف مع قوات الأمن وحرق المنشآت، مؤكدا أن جماعة الإخوان كانت تعلم أن نظام مبارك لن يسقط بالهتاف في الميادين، ومن ثم خططت وانتهجت العنف بهدف إسقاط الدولة والنظام معا، بالاشتراك مع عناصر أجنبية وفلسطينية.. لافتا إلى أن العالم أجمع شهد المتحدث باسم حركة المقاومة الفلسطينية حماس، وهو يقول إن الحركة تمكنت من "تحرير أسراها في السجون المصرية" وإخراج عناصر الحركة المودعين بالسجون وإعادتهم إلى قطاع غزة بعد 6 ساعات فقط من بدء عمليات اقتحام السجون. واعتبر الدفاع أن النيابة العامة أرادت تهدئة الرأي العام، فسارعت إلى إحالة المتهمين للمحاكمة، وأن هذا التصرف لم يكن اجتهادا بقدر ما كان يهدف لإسكات صوت الشارع الغاضب.. مؤكدا أنه كان يجب على النيابة العامة أن تتبصر وتتحقق بصورة وافية من الوقائع محل الإتهام. وقال الدفاع إن أوراق القضية شهدت "خلطا متعمدا" من النيابة العامة بين من قتلوا وأصيبوا في محيط أقسام الشرطة أثناء محاولات اقتحامها، وبين من قتلوا وأصيبوا في الميادين حيث تجمعات المتظاهرين، علاوة على أن الأوراق تضمنت عددا من المجني عليهم خارج فترة الإتهام التي حددها أمر الإحالة ( من 25 وحتى 31 يناير) حيث وردت أسماء أناس قتلوا أو أصيبوا في شهر فبراير 2011 وطالب الدفاع إلى المحكمة باعتماد حجية أحكام محاكم الجنايات التي أصدرت أحكاما بتبرئة جميع ضباط الشرطة على مستوى الجمهورية، من تهمة قتل المتظاهرين إبان الثورة.. مشيرا إلى أن تلك الأحكام صدرت في شأن مديري الأمن والضباط، وهم الذين تم تقديمهم للمحاكمات بوصفهم الفاعلين الأصليين لأعمال قتل المتظاهرين، وهو ارتباط لا يقبل التجزئة. واستعرض الدفاع أمام المحكمة أقوال مديري الأمن والقيادات الشرطية والضباط الذين تم سؤالهم بالتحقيقات وأمام المحكمة، والذين أجمعوا في أقوالهم على أنه لم تصدر إليهم ثمة تعليمات أو أوامر شفوية أو كتابية أو حتى تلميحا، باستخدام الذخيرة الحية في مواجهة المتظاهرين. وأشار الدفاع إلى أن مديري الأمن، بوصفهم مرؤوسين لعدلي فايد، أكدوا في أقوالهم أن التعليمات الصادرة إليهم كانت بضبط النفس من جانب القوات، واستعمال الحسنى مع المتظاهرين، واستخدام الغاز المسيل للدموع عند الضرورة القصوى.. وأن هذه الأقوال مؤيدة بالخطاب رقم 130 سري الصادر من عدلي فايد إلى مديري الأمن الذي تضمن اتخاذ إجراءات حفظ الأمن في إطار من ضبط النفس وحماية الشرعية واتخاذ الإجراءات التأمينية. وأكد الدفاع ان عدلي فايد ليس له ثمة دور في تسليح القوات، أو إعداد أوامر الخدمة، أو تحديد أماكن ومراكز السلاح أو تمركز القوات. واعتبر الدفاع أن مجرد العلم بالجريمة وقبول ثمرتها، لا يعد اشتراكا فيها ما لم يكن المتهم قد أتى فعلا إيجابيا لتدبير الجريمة، وأن مثل هذا الأمر في أقصى الأحوال "مسألة أخلاقية وليست جريمة جنائية".. مشددا على أن كافة صور المساهمة في ارتكاب الجريمة لابد لها من "فعل إيجابي" وأنه لم يكن هناك ثمة اتفاق بين الوزير ومساعديه والقوات للتعرض للمتظاهرين بأدنى أذى.