في الاحتفال بالخريجين المصريين من الجامعات اليابانية، بدار سكن السفير توشيرو سوزوكي، بضاحية جاردن سيتي، أواخر شهر فبراير الماضي، فاجأني سعادة السفير الياباني بالسؤال: متى ستتوقف عن انتقاد اليابان؟ خطر على بالي أن أرد على سؤاله بالسؤال: متى وقفت مصر ضد الشعب الياباني، لكي تعاملنا حكومة شينزو آبي بهذا الأسلوب غير الودي؟ ولماذا لم تقم طوكيو بمراجعة موقفها بعد إقرار المصريين للتعديلات الدستورية؟! بالصدفة، كان شاهدا على الحوار، سفير مصر الأسبق باليابان، وهيب المنياوي، الذي تولى، مشكورا، نيابة عني، الرد على سؤال السفير سوزوكي، مؤكدا حرص جميع المصريين، على دفع العلاقات الثنائية بين القاهرةوطوكيو، لكي تصبح في أفضل حالاتها، على جميع المستويات والأصعدة: السياسية والاقتصادية والثقافية. أشار السفير المنياوي إلى أنه إذا كانت هناك أي صعاب، على طريق تحقيق هذه الغاية النبيلة، فيتم إبداؤها بمنتهى حسن النية، وعلى أرضية المحبة، والحرص على تأكيد وتطوير علاقات الصداقة بين البلدين. على هذا الأساس، ومن منطلق المحبة، أعيد هنا بعضا مما كتبته، في شهر نوفمبر الماضي، موجها إلى رئيس حكومة اليابان، شينزو آبي، بألا يقسو الرجل على مصر، ورجوته في ذلك الوقت وأكرر الرجاء الآن بتصحيح الموقف، غير الإيجابي، قبل فوات الأوان، الذي تتخذه حكومته تجاه مصر، منذ تصحيح مسار الثورة المصرية العظيمة، واستعادة المحروسة لهويتها التاريخية في 30 يونيو 2013. لأن موقف حكومة اليابان لا يزال على حاله، غير الودي، وغير الإيجابي، تجاه مصر، حيث التعاون الثنائي مجمد، مع محاولة إظهار إيحاء كاذب وساذج ب"أن كله تمام"، فإنني أتوجه من جديد بهمسة عتاب إلى حكومة اليابان الموقرة، ويمثلها في القاهرة السفير، توشيرو سوزوكي. أقول للسفير سوزوكي أن هناك تناقضا صارخا في موقف حكومة آبي من الثورة المصرية العظيمة في 30 يونيو، مقارنة بموقف اليابان نفسها مما حدث ويحدث في أوكرانياوتونس. فبينما قامت حكومة شينزو آبي بمنح الشقيقة تونس نحو 500 مليون دولار، بمجرد إقرار الدستور هناك، رغم أنه أقر من جانب أعضاء الجمعية التأسيسية، فقط، لم تحظ مصر باستحسان مماثل من جانب طوكيو، بعد إقرار التعديلات الدستورية، في استفتاء شعبي عام، اشترك فيه أكثر من 20 مليون ناخب، في ظاهرة تحدث، لأول مرة، بهذا الحجم المكثف، في تاريخ الاستفتاءات المصرية! هنا تبرزعلامة الاستفهام على موقف حكومة اليابان: لماذا الإصرار على الكيل بمكيالين.. لماذا هذا السخاء الياباني الواضح في مكافأة الأشقاء في تونس، وعدم المعاملة بالمثل، والأسلوب غير الودي والجفاء في حالة مصر؟! من وجهة نظري، وحسب متابعتي وفهمي لموقف طوكيو، غير الودي، لا تخرج الإجابة عما يلي: سخاء مع تونس وجفاء مع مصر، لأن التركيبة السياسية الحالية في تونس تضمن استمرار السلطة هناك للجماعات الإرهابية، المتشددة دينيا، وعلى رأسها حركة النهضة!! بالنسبة للوضع في أوكرانيا، التي تشهد تصعيدا خطيرا للنازية، بما يهدد الأمن والسلم الدوليين، فقد سارعت حكومة السيد شينزو آبي بالاعتراف بالحكومة الجديدة هناك، وأعلنت عن منحها مساعدات تزيد على 1500 مليون دولار، بدون حتى انتظار لتوقيع كييف على اتفاق مع صندوق النقد الدولي وهو الشرط المجحف الذي تفرضه بكل أسف في حالة مصر. أليس ذلك كيلا بمكيالين؟ ومعاملة غير ودية مع أصدقاء تصل إلى حد الجفاء؟! خلال اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، في جنيف، منذ فترة قصيرة، انضمت حكومة اليابان بكامل إرادتها بكل أسف للتصويت على بيانين مغرضين ضد مصر، أحدهما عن حالة حقوق الجماعة الارهابية المتشددة دينيا. والثاني: عن الاتجار في البشر، وكأن مصر متورطة في هذه التجارة غير الشريفة!! المدهش ان أكثر من نصف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لم تنضم للتصويت لصالح هذه البيانات المشبوهة ضد مصر، فيما اختارت حكومة اليابان، أن تصبح الدولة الآسيوية الوحيدة، التي تتخذ موقفا سيئا ضد مصر، لسبب وحيد يبدو لا تفسير له بكل أسف وكأنه دعم للجماعة الإرهابية، المتشددة دينيا. ألا يصب هذا الموقف الياباني، غير الودي وغير الإيجابي، في خانة دعم مظاهر العنف والإرهاب، الدائرة ضد الشعب المصري، وجيشه وشرطته، في شبه جزيرة سيناء، وفي العديد من المناطق المصرية، ألا يبدو الموقف للمصريين وكأنه دعم للجماعات الإرهابية المتشددة دينيا، وتشجيعها في استمرار ارتكاب جرائم قطع الطرق، وزرع الألغام وعمليات التفخيخ وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة، وحرق الكنائس ودور العبادة، وصولا إلى محاولاتها المستميتة لوقف العملية التعليمية في المدارس والجامعات؟! في همسة عتابي إلى الحكومة اليابانية، ويمثلها في القاهرة، السفير سوزوكي، بقى ان أشير إلى أن وسائل الإعلام في بلاده لا تزال يا سيدي تتعامل مع كل ما يدور في مصر بسلبية شديدة، وتروج الآن لإمكانية عودة الجماعات الإرهابية المتشددة دينيا، إلى السلطة، من خلال الانتخابات البرلمانية. لدي أمثلة كثيرة من هذه المواقف غير الودية مما يستحق إفراد مقال خاص بها. نقلا عن جريدة الأهرام