نقلاعن : الاخبار 20/8/07 تكتب الصحف كل يوم عن سرقة الاراضي في مصر ويسقط ضحايا جدد كل ذنبهم انهم صدقوا ان الاحكام القضائية يمكن ان تنتصر علي بلطجية يحملون السلاح، فمن ضابط النوبارية الذي سال دمه علي ارض الدولة دفاعا عنها، إلي الاسرة التي انتحرت مؤخرا بعد ان عجزت عن استرداد ارضها بالقانون، إلي ضحايا جدد تنتظر صفحات الحوادث صورهم وقصصهم المأساوية ثم ننسي كل ما فات لنستيقظ علي سقوط جديد لضحايا ابرياء.
الولاية الغائبة للدولة علي اراضيها تجعلها مطمعا للصوص والبلطجية
لجنة الشكاوي والاقتراحات بمجلس الشعب تتلقي سنويا العديد من عرائض وشكاوي المواطنين في مختلف المجالات.. والنزاعات حول الاراضي وملكيتها تتصدر تلك الشكاوي وهي لاتقل سنويا عن نحو 300 شكوي بشأن النزاعات حول ملكية الاراضي خاصة ان بعض النزاعات تستمر لسنوات في المحاكم. الظاهرة تمثل قلقا اجتماعيا وتحتاج لمعالجة واضحة خصوصا اراضي الدولة وفرض حماية وحراسة عليها بل ان الامر يتطلب شرطة خاصة لحماية هذه الاراضي ويمكن للمواطنين اصحاب الاراضي الفضاء المملوكة لهم الاستعانة بهذه الشرطة لحماية املاكهم مقابل رسوم تسدد لوزارة الداخلية بدلا من نشوب منازعات الاسلحة النارية. كما ان سجلات واوراق وزارة العدل تكشف ان المحاضر والبلاغات والقضايا الخاصة بالاستيلاء علي الاراضي واستخدام وسائل تزوير المحررات الرسمية تحتل مركزا متقدما بين القضايا والبلاغات الاخري.. حيث ترصد التقارير الرسمية نحو 4400 قضية وبلاغ في النيابات والمحاكم ا لمختصة علي مستوي الجمهورية دون تفرقة بين مدينة او قرية او محافظة صحراوية واخري زراعية. ابرز تلك القضايا المنظورة ا مام المحاكم حاليا بنيابة المعادي برقم 1309 لسنة 2006 فجرت الحديث حول خطورة تلك الظاهرة وصاحب القضية المواطن سعيد عبدالحميد الذي يقول انه يمتلك قطعة ارض علي كورنيش المعادي فوجيء بأن مواطنا قام بتزويرمستندات رسمية يدعي فيها ملكيته لقطعة الارض وبيعها بمبلغ 14.5 مليون جنيه. ضحايا آخرون وفي منطقة ابو رواش بمحافظة الجيزة تتجسد الظاهرة في ابشع صورها.. حيث يحترف بعض الافراد من عائلات شهيرة الاستيلاء علي اراضي الغير بالنصب والتزوير في المستندات والعقود. المواطن محمود دسوقي احد ضحايا مافيا الاراضي بأبي رواش.. يقول: اشتريت قطعة ارض من احد الاشخاص بموجب عقد رسمي ومسجل بالشهر العقاري.. وبعد ان دفعت ثمن الارض وقدره 930 ألف جنيه.. وقعت ضحية عملية نصب حيث ظهر للارض صاحب اصلي.. وان العقد الذي اشتريت بموجبه مزور.. ولان الاشخاص الذين اشتريت منهم الارض من عائلة معروفة هناك.. لجأنا إلي الجلسات العرفية وبرعاية احد اعضاء مجلس الشعب هناك.. وجاء الحكم لصالحنا.. ولكن لم ينفذ الطرف الاخر الاتفاق.. ولم نحصل علي اموالنا أو الارض. قصة أخري رواها اصحابها بالدموع عن عصابة استولت علي الارض المتاخمة لمصنعهم والتي كانوا قد اشتروها من اصحابها لتوسعة المصنع، وبعد ان حصل اصحابها علي احكام نهائية لم يتمكنوا حتي الآن رغم مرور خمس سنوات علي حصولهم علي تلك الاحكام. رجل اعمال آخر بالاسكندرية احيل إلي نيابة الاموال العامة بالمشاركة مع موظف بمأمورية الشهر العقاري بمطروح احيلا إلي محكمة الجنايات لاستيلائهما علي ارض بشاطئ مطروح مملوكة للمحافظة وكشفت التحقيقات انهما قاما بالتزوير في المستندات الرسمية ليثبت علي غيرالحقيقة ان الارض غير مملوكة للدولة. شكل آخر شكل آخر للتعدي علي اراضي الدولة يكشفه الدكتور وحيد عوض الاستاذ بكلية التخطيط العمراني قائلا: هناك اراض تم شراؤها بسعر 50 جنيها للفدان ويقوم عدد من المستثمرين ببيعها الآن بسعر 250 ألف جنيه للفدان بعد ان تم تغيير الانشطة التي اشتروا الاراضي بهدفها إلي انشطة اخري سياحية وصناعية.. وانه جاء الوقت لوقف هذا العبث واعادة حقوق الدولة التي تعرضت للسلب خلال فترة زمنية معينة حيث كان يوجد تضارب واضح بين قرارات الدولة والجهات المختلفة بها. والحقيقة ان هناك العديد من الاستخدامات المخالفة للاراضي خاصة بطريق القاهرةالاسكندرية الصحراوي وطريق القاهرةالاسماعيلية حيث انتشر العديد من المشروعات الصناعية والسياحية بهذين الطريقين رغم ان هذه الاراضي قد تم بيعها والتصرف فيها علي انها اراضي استصلاح زراعي معفية من الضرائب لمدة 10 سنوات والواقع يقول انه تم استخدامها في اغراض اخري والمطلوب هنا هو استعادة حق الدولة في هذه الاراضي وتحصيل فروق اسعار.. وبالفعل يجري الآن مفاوضات مع عدد من هؤلاء المستثمرين لتوفيق وتصحيح اوضاعهم. اما قرارات البيع مستقبلا لابد ان تراعي ضرورة التزام المستثمر بالغرض الذي حددته الدولة للارض المشتراة وفي حالة المخالفة يتم سحب الارض فورا وبالقوة لذلك اطالب بسرعة انشاء شرطة متخصصة لحماية اراضي الدولة من التعدي او وضع اليد عليها علي غرار الشرطة المتخصصة في مجال السياحة والآداب والمخدرات والاموال العامة تعمل علي انقاذ القانون في حينه. ويوضح ان التعدي علي اراضي الدولة الذي يتخذ اشكالا متعددة ظاهرة ترسخت منذ سنوات حيث تسابقت الشركات والجامعات والافراد لوضع ايديها علي هذه الاراضي وتكوين تواجدات عشوائية تحت شعار الارض لمن يزرعها ورغم ان هذا الشعار الذي اطلق في فترة من الفترات لم يكن يعني اطلاق اليد باستغلال اراضي الدولة بلا قيد او شرط وانما كان المقصود منه فتح آفاق الاستصلاح الزراعي وتذليل الصعاب امامه ومع تنامي الشعور العام بأن اراضي الدولة هي في حكم الاموال المباحة سعي بعض اصحاب رءوس الاموال الكبيرة إلي توجيه استثماراتهم الي الاراضي الصحراوية مدة من الزمن ثم اعادة تجزئتها وبيعها بمبالغ كبيرة او استخدام هذه الاراضي في انشطة اخري لا تخدم خطة التنمية الاقتصادية وبدأ نشوء مصطلح تقنين اوضاع اليد لدي الجهات الحكومية ذات الصلة واصبح وضع اليد جزءا لا يتجزأ من العملية القانونية للبيع.. ولك ان تتخيل الحال في ظل عدم قيام الاجهزة المختصة برقابة الاراضي التابعة لها وتطهيرها من اي تعديات حتي وصل الامر إلي مستوي الظاهرة وبدأت تظهر بعض الانشطة الاجرامية ذات حرفية عالية المستوي وشكلوا ما يعرف بمافيا الاراضي التي تمارس الاستيلاء علي اراضي الدولة بشكل منظم. وقال ان هذه التراكمات الطويلة تتطلب تدخل الدولة باجهزتها المختلف بقوة وحزم لايقاف هذا العبث وقد بدأ بالفعل اتخاذ هذه الخطوة بانشاء المركز الوطني لاستخدامات اراضي الدولة والغاء بعض القرارات التي كانت ترسخ ظاهرة الاستيلاء علي اراضي الدولة، وهذه الخطوة بالتأكيد ستتبعها خطوات اخري في اطار اصلاح الاخطاء السابقة. المال السايب يقولون: 'المال السايب ... يعلم السرقة'.. وهذا ما يحدث في اراضي الدولة خاصة الصحراوية منها.. فالجهات المسئولة عنها تقوم بتمليك هذه الاراضي لواضعي اليد الذين قاموا باستصلاحها واستزراعها في اطار دعم التنمية الزراعية.. لكن المشكلة كما يؤكد محمد عبدالرحمن مهندس زراعي تكمن في ان اراض كثيرة لا يوجد بها حصر دقيق.. كما ان الجهات الممثلة للدولة في الملكية تتيح الفرصة لسرقة الاراضي.. فهي تترك المواطنين يبيعون الاراضي فيما بينهم.. ولا تقوم بحسم اي نزاعات تحدث بين واضعي اليد.. ورغم ان التمليك لواضع اليد يشترط اثبات الجدية باستغلالها في النشاط الزراعي فهناك اراض تم تمليكها وتم استغلالها في غير هذا الغرض.. ولان لصوص الاراضي يفهمون القانون فإن هذه الثغرة الخاصة باستخدام واستغلال الارض تساعدهم للسطو المسلح عليها ومن باب التغطية علي عملية السطو فإنهم يقومون بزراعتها ثم يوثقون عقودا ابتدائية فيما بينهم.. وفي هذه الحالة يحال الامر للشرطة ثم للنيابة.. ويبقي الوضع علي ما هو عليه لحين فصل القضاء '!' ظاهرة الاستيلاء علي اراضي الدولة وهذه الخطوة بالتأكيد ستتبعها خطوات اخري في سبيل اصلاح الاخطاء السابقة. فكرة مرفوضة المهندس عمر الشوادفي مدير المركز الوطني لتخطيط استخدامات اراضي الدولة يقول ان القانون 143 لسنة 81 ينص علي ان عقوبة التعدي علي اراضي الدولة هي الحبس او الغرامة وازالة ما بني عليها علي نفقة المعتدي أو المصادرة لكل ما هو موجود عليها. اضاف ان هناك حالات تعد كثيرة علي اراض تم ازالة المخالفة فيها نظرا لوجود حركة نشاط وصحوة في الاجهزة الحكومية لازالة اي تعد يثبت علي اي اراض ملكا للدولة واكد ان هناك اناسا لديهم مفهوم خاطئ وثقافة خاطئة ايضا ولكن الجهل بالقانون لا يعفي ابدا من المسئولية. وقال الشوادفي ان هناك خطة وافق عليها مجلس الوزراء تعتمد علي برنامج اعادة تسعير اراضي الدولة وفقا لطبيعة كل منطقة وتعميم التسعير وفقا لخرائط نظام المعلومات الجغرافية والخروج من الوادي الضيق إلي ارض مصر الواسعة مع التخطيط المثالي لهذه الاراضي والحفاظ علي ثرواتها. وقال ان جهود المركز تهدف إلي وضع خريطة جديدة لتحقيق الاستثمار الامثل لموارد الدولة بما يعود بالنفع والنماء والازدهار علي المواطنين وحماية حق الدولة. وقال المهندس عمر الشوادفي ان الاجراءات التنفيذية تتضمن: - دعم متخذي القرار لتخطيط اراضي الدولة بما يحقق اقصي استفادة ممكنة من الناحية الاقتصادية والموارد البشرية. - حصر الاراضي التي تخصصها لجميع الوزارات والهيئات والمحافظات الاراضي التي تم استثمارها ومدي تحقيق المستهدف. - تفعيل خطة الاستثمار ووضع البرامج الزمنية لتنفيذها. - تحديد الاراضي اللازمة لتحقيق خطط الدولة في الحاضر والمستقبل. - اعداد وتوثيق الخرائط التفصيلية لتخطيط استخدامات اراضي الدولة خارج الزمام عمل تطبيقات لتحرير الاستخدامات تعتمد علي نظم المعلومات مع انشاء نظام قياس موعد لهذه النظم. - تفعيل التنسيق بين ا لوزارات حول استخدامات اراضي الدولة المختلفة وتنظيم حمايتها. واضاف ان المركز قام باستطلاع رأي مجلس الدولة في مدي مشروعية قيام بعض الجهات صاحبة الولاية علي اراضي الدولة الخاصة ببيع بعض المساحات خارج الخطة حتي عام 2017 وصدرت فتوي مجلس الدولة بهذا الشأن اكدت علي بطلان اي تصرفات تتم من اي نوع علي هذه المساحات وعدم قانونيتها ما لم تصدر موافقة المركز الوطني عليها. وقال المهندس الشوادفي انه تم اعداد عقود نموذجية لاستخدامات اراضي الدولة بما يقضي نهائيا علي مافيا استغلالها وانه تم عرض العقد الجديد علي مجلس الدولة لاقراره من الناحيتين القانونية والتشريعية خاصة بعد ضياع اكثر من نصف مليون فدان وضع اليد عليها من جانب بعض المواطنين مشيرا إلي ان معظم هذه الاراضي لم تزرع او تستثمر في اغراضها. اضاف ان الحل تجاه هذه المشكلة هو الغاء التمليك لواضعي اليد وعمل عقود ايجارية وفق القيمة السنوية التي تحددها الجهات المعنية بالشروط والالتزامات التي تري هذه الجهات وضعها وبالتالي ستختفي عصابات وضع اليد علي اراضي الدولة.. فليس من المعقول ان يشتري المواطن الفدان ب50 جنيها ثم يبيعه ب150 ألف جنيه.