في هذه المدينة المزدهرة الواقعة على الخليج وبالقرب من مصفاة للنفط ومشروع تحلية المياه، توضع الأسس لإقامة مشروع طموح يضم مؤسسة أبحاث وربما مشروع طاقة، وكل ذلك يهدف الى اخذ هذا العملاق المنتج للنفط الى الموجة المقبلة من الطاقة. غير أن النفط لن تكون له علاقة بالموضوع، فالمشروع مرتبط بالشمس والريح والهيدروجين. وأبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، رابع اكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) حيث يوجد فيها حوالي 10 في المائة من الاحتياطي المعروف، تسعى الى ان تصبح مركزا لتطوير وتنفيذ تكنولوجيا الطاقة النظيفة. وفي العام الماضي دشنت الامارة مبادرة المصدر التي جمعت شركات نفط وتكنولوجيا كبرى وجامعات في مختلف أنحاء العالم ووزارات في دولة الامارات العربية المتحدة للمساعدة في تطوير واستثمار تكنولوجيا الطاقة المتجددة المدعومة بمئات ملايين الدولارات من أموال أبوظبي. وهناك حاجة ملحة للطاقة في الإمارات العربية المتحدة للحفاظ على الحياة المترفة لأحواض السباحة المكيفة، بل حتى منحدر التزلج الداخلي في إمارة دبي. ويقول مسؤولون ان مشروع المصدر هو احد سبل تقليص الحاجة الى المركبات الهيدروكاربونية داخليا. وتعتبر الامارات العربية المتحدة الأكثر جدية بين الدول المنتجة للنفط في منطقة الخليج والتي أدى تعطشها الى الكهرباء الى السعي الى مصادر اخرى للطاقة من اجل ابقاء المنتجات الهيدروكاربونية العالية القيمة لأغراض التصدير. وتحصل معظم دول الخليج على المياه عبر مشاريع تحلية المياه وهي عملية طاقة مكثفة. وارتباطا بزيادة عدد السكان فان الاستهلاك الداخلي للنفط يستدعي حصة أكبر في الانتاج. وقد توجهت بعض الدول العربية نحو الطاقة المتجددة على نطاق ضيق. فمشروع مركز التجارة العالمي البحريني في البحرين يشتمل على محركات الريح التي يقول المعنيون إنها ستلبي ما يصل الى 35 في المائة من حاجات طاقة المشروع. وفي شمال أفريقيا ودول مثل الأردن يجري تشجيع السكان على تبني التسخين الشمسي من اجل التقليل من تكاليف الطاقة. غير ان مبادرة المصدر هي البرنامج الأشمل. وقالت فرجينيا سونتاغ أوبراين، مديرة «بيس»، وهي مركز في بازل السويسرية، يروج لقضايا الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة «انهم يرون المخاطر التي يمكن ان تنشأ في عصر ما بعد النفط. ورسالتهم هي أنهم دولة منتجة للنفط تنظر الى قضية الطاقة والمناخ بجدية وتطور اقتصادها الخاص، وهو أمر هام». وجلبت الطاقة البديلة اهتماما متزايد خلال السنة الماضية مع دعوة الشركات الصناعية الكبرى لإجراءات أكثر حزما لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري وركزت إدارة بوش أكثر على الطاقة المتجددة. وفي وادي السليكون أصبحت هناك حالة من الحماسة الكبيرة لتكنولوجيا الطاقة النظيفة. ومن أبراجها اللامعة العالية إلى فندقها الرخامي: فندق قصر الإمارات الذي كلف 3 مليارات دولار، حيث ظلت أبوظبي تفتخر باستخدامها لأموال النفط بأفضل طريقة ممكنة. فالنفط حول أبوظبي من قرية صحراوية خاصة بصيد السمك إلى عاصمة عربية ذات نفوذ كبير. وساعدت على بناء صندوق ائتمان للمواطنين تقدر قيمته ب 300 مليار دولار، واستثماراته تجلب للإمارات ما يقرب ضعف ما يجلبه النفط لها. وتأمل أبوظبي الآن أن تبرهن للعالم أنها قادرة على تطوير الابتكارات لتحقيق طاقة نظيفة. وقامت بتخصيص «مبادرة مصدر» مبلغ 250 مليون دولار ل«صندوق التكنولوجيا النظيفة» وبدأت ببناء منطقة اقتصادية خاصة لصناعة طاقتها المتقدمة. وفي الشهر الماضي أعلنت أبوظبي خططا لبناء محطة كهرباء ذات قدرة تبلغ 500 ميغاواط وتستخدم الشمس لإنتاج الطاقة، وهذا واحد من أكثر المشاريع الطموحة من هذا النوع في العالم. وهذه المحطة ستكون الأولى من نوعها في منطقة الخليج وتشترك في إنجازها إدارة أبوظبي للماء والطاقة الكهربائية، وهي ستغطي حاجة 10 آلاف بيت بالطاقة الكهربائية المنتجة من الشمس. ومن المفترض أن يبدأ تشغيلها في عام 2009، إما لوحدها أو مع مشروع لتحلية المياه. وقال فريد موفنزادن، مدير برنامج تطوير التكنولوجيا: «هذه أول دولة منتجة للنفط توافق على أن النفط ليس هو المصدر الوحيد للطاقة في المستقبل. إنه إدراك ذو أهمية كبيرة». ويتوقع مديرو «مبادرة مصدر» أنه خلال عقد واحدة ستمتلك أبوظبي الخبرة في الطاقة الشمسية والخلايا الشمسية وحفظ الطاقة وعزل الكربون والطاقة الهيدروجينية. وقال سلطان الجابر، المدير التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «نحن ندرك أن الأسواق العالمية للطاقة متنوعة ونحن بحاجة إلى أن ننوع أيضا».