اقام المتظاهرون المتجمعون في ساحة الميدان بوسط كييف مساء الثلاثاء جدارا من نار لحماية انفسهم من عناصر الشرطة الذين بدأوا يطردونهم، وذلك بعد مواجهات خلفت 11 قتيلا. واستخدم المتظاهرون قطعا من الكرتون والواحا خشبية وخيما لابقاء الشرطيين على مسافة بعيدة منهم وابطاء تقدمهم داخل الساحة. وكان مئات من عناصر شرطة مكافحة الشغب تتقدمهم ثلاث اليات مدرعة باشروا عملية تقدم بطيئة مستخدمين خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لابعاد المتظاهرين الذين ردوا بمقذوفات وزجاجات حارقة واضرموا النار في احدى المدرعات. وطلب الشرطيون بواسطة مكبرات للصوت من النساء والاطفال مغادرة المكان، متحدثين عن اطلاق "عملية لمكافحة الارهاب". في المقابل، كان الاف المتظاهرين ينشدون النشيد الوطني الاوكراني. وقال احد قادة المعارضة فيتالي كليتشكو "لن نرحل من هنا، انها جزيرة حرية"، مضيفا ان "السلطة اعلنت حربا على شعبها" قبل ان يتوجه الى مقر الرئاسة للقاء الرئيس فيكتور يانوكوفيتش. حتى ان الرجل الاغنى في اوكرانيا رينات احمدوف المعروف بدعمه التقليدي للنظام انتقد ما يحصل. وقال احمدوف في بيان ان "الضحايا البشرية في صفوف المتظاهرين وقوات النظام هي ثمن غير مقبول لاخطاء سياسية"، داعيا "الى الكف عن اهراق الدماء". وجاء هذا الهجوم بعد يوم من المواجهات الاكثر دموية منذ بدء حركة الاحتجاج والتي اسفرت عن 11 قتيلا الثلاثاء هم خمسة مدنيين وستة شرطيين قضوا ب"الرصاص" وفق وزارة الداخلية. واحد المدنيين القتلى هو موظف في حزب المناطق الذي يتزعمه يانوكوفيتش وقد عثر على جثته داخل مقر الحزب الذي هاجمه المتظاهرون وسيطروا عليه لوقت قصير واحرقوه جزئيا. وعثر على جثتي شخصين اخرين في منطقة المواجهات، لكن الشرطة اكدت ان وفاتهما غير مرتبطة بالمواجهات. كذلك، اصيب نحو 150 متظاهرا الثلاثاء وفق ما افاد اوليغ موسي مسؤول الجهاز الطبي في المعارضة. وقال مصدر رسمي ان 159 شرطيا نقلوا الى المستشفى بينهم 35 في حالة خطيرة. ومساء الثلاثاء، افاد احد مراسلي فرانس برس ان متظاهرين هاجموا مقر الادارة المحلية ومركز الشرطة في مدينة لفيف (غرب) من دون ان يواجهوا اي مقاومة. وتوعد المدعي العام فيكتور بشونكا مساء الثلاثاء باصدار "اشد العقوبات" بحق المسؤولين عن اعمال العنف "ومن يقف وراءهم". وتم اغلاق مترو كييف واعلنت السلطات ان حركة السير في اتجاه العاصمة ستكون "محدودة" اعتبارا من منتصف الليل بهدف تجنب "تصاعد اعمال العنف". من جانبها، اعلنت قناة تلفزيونية معارضة كانت تبث وقائع ما يحصل في وسط كييف مباشرة على الهواء ان سكان اوكرانيا ما عادوا قادرين على التقاطها وباتت قادرة فقط على البث عبر الانترنت. وتأتي اعمال العنف بعد اسابيع من هدوء الحراك الاحتجاجي المستمر منذ نحو ثلاثة اشهر، وكانت بدأت بمسيرة باتجاه البرلمان سرعان ما تحولت مواجهة مع قوات الامن. والمواجهات هي الاولى منذ نهاية كانون الثاني/يناير عندما سقط اربعة قتلى واصيب اكثر من 500 بجروح. ودانت روسيا على الفور تجدد اعمال العنف في اوكرانيا واعتبرتها "نتيجة" سياسة الغربيين الذين يغضون النظر عن الاعمال العدوانية التي تقوم بها قوى متطرفة في اوكرانيا". وعبر البيت الابيض من جهته عن قلقه ودعا الرئيس الاوكراني الى وضع حد لتصعيد العنف محذرا من ان استخدام القوة "لن يحل الازمة"، فيما اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن "قلقه البالغ". ولوح وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير من ناحيته في بيان بان يفرض الاتحاد "عقوبات شخصية" على مسؤولين اوكرانيين. وتتهم المعارضة السلطات الاوكرانية بالرضوخ لضغوط موسكو منذ ان عدل يانوكوفيتش في تشرين الثاني/نوفمبر عن التوقيع على اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي. وقد منحت روسيا كييف في كانون الاول/ديسمبر قرضا بقيمة 15 مليار دولار، دفع منه 3 مليارات مع حسم كبير في سعر الغاز. ومن المفترض ان تدفع موسكو "هذا الاسبوع" شريحة جديدة من ملياري دولار الى اوكرانيا التي تنقصها السيولة وعلى شفير التوقف عن السداد. لكن المعارضة تبدو على عجلة من امرها فيما المفاوضات مع السلطة تراوح مكانها رغم استقالة الحكومة اواخر كانون الثاني/يناير الماضي، أكان لجهة تعديل الدستور للحد من صلاحيات الرئيس ام لجهة تشكيل حكومة جديدة.