تسونامى سياسى يجتاح الحكومة الاسرائيلية ' وتحديات صعبة تواجه رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت بعد صدور تقرير لجنة "فينوجراد" والذي حمله مسئولية الفشل فى الحرب الاخيرة علي لبنان. اولمرت يواجه مطالب داخلية باقالته من الحكومة خاصة بعد تدني شعبيته بصورة كبيرة,ويتوقع مراقبين أن يتسبب التقرير في حدوث تصدع في حكومته الائتلافية . اللجنة الاسرائيلية المكلفة بالتحقيق في حرب لبنان وجهت انتقادات حادة لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت في تقريرألقى بظلال من الشك على مستقبل أولمرت السياسي والذي قال بدوره انه لن يستقيل لكنه سيعمل على تصحيح الاخطاء. اللجنة التي عينتها الحكومة برئاسة القاضي السابق إلياهو فينوجراد افادت في تقريرها ان أولمرت اتخذ قراره في عجالة بشن حملة جوية وبحرية وبرية في يوليو الماضى على مقاتلي حزب الله ' وأشارت الى افتقار أولمرت للخبرة العسكرية وقالت ان رئيس الوزراء خاض الحرب دون مشاورة ' واتهمته بالاخفاق الذريع في التقدير وتحمل المسؤولية والتعقل وقالت لجنة فينوجراد المؤلفة من خمسة أعضاء عن الصراع الذي بات الكثير من الاسرائيليين يعتبرونه خطأ ان أهداف أولمرت المعلنة للحرب وهي تحريرالجنديين اللذين أسرهما حزب الله وسحق الجماعة الشيعية كانت مبالغة في الطموح ومستحيلة التحقيق. وتناول هذا التقرير- -هو تقرير مرحليي سيليه تقرير نهائي في يوليو المقبل. - السنوات الست التي تلت الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في مايو 2000 حتى اليوم الخامس من الحرب على لبنان الصيف الماضي وامتدت الحرب من الثاني عشر من يوليو حتى الرابع عشر من اغسطس 2006.. التقرير الذي يقع في 232 صفحة وجه أيضا انتقادات حادة لوزير الدفاع عمير بيريتس الذي لا يحمل رتبة عسكرية شأنه شأنه أولمرت. ووجهت اليه انتقادات بعدم بذل جهود كافية للتعويض عن "نقص خبرته العسكرية" في وقت تم فيه تعيين هذا المسؤول النقابي السابق في منصبه قبل عشرة أسابيع فقط على اندلاع الحرب وكانت هناك ايضا انتقادات لدان حالوتس الذي كان رئيسا للاركان قبل ان يستقيل من منصبه في 17 يناير. ، بأنه قلل من أهمية تأثير إطلاق صواريخ الكاتيوشا على شمال إسرائيل، وهي التي أجبرت مليون إسرائيلي على العيش في الملاجئ أو الهرب في اتجاه جنوب البلاد. كما تطال الانتقادات حالوتس بسبب عدم قدرته على تكييف إستراتيجيته خلال الحرب ومحاولته إسكات جميع الذين انتقدوا، من داخل الجيش، طريقة إدارة الحرب. ودعت اللجنة في تقريرها إلى استخلاص العبر من الحرب للاستفادة منها في مواجهة ما سمته التحديات الكبيرة التي تواجه إسرائيل، موضحة أن تقريرها ركز على القرارات التي اتخذت في الحرب ووضع الاستنتاجات أمام الإسرائيليين وصانعي القرار. ولم تستبعد اللجنة المكلفة بالتحقيق أن تدعو أولمرت أو بيريتس للاستقالة في تقريرها النهائي . وذكر التقرير انه لا يوجد سبيل احيانا لاجراء التصحيح الملائم دون عزل من يشغلون مناصب مهمة . من جانيه اعلن أولمرت امام حزبه كديما بعد صدور التقرير انه لا يعتزم الاستقالة'ودافع عن نفسه قائلا إن قرار شن الحرب ضد حزب الله اتخذ بإجماع أعضاء الحكومة ال24 ومن ثم وافقت عليه غالبية كبيرة في الكنيست الإسرائيلية. وشدد كذلك على أن النزاع انتهى بالقرار 1701 الصادر عن الأممالمتحدة الذي سمح للجيش اللبناني ولقوة الأممالمتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) بالانتشار في جنوب لبنان وإحلال الهدوء عند الحدود مع إسرائيل مبعدين بذلك مقاتلي حزب الله . كان أولمرت قد قال ان الحرب التي استمرت 34 يوما'أدت الى تحسن أمن اسرائيل لانها أقصت جماعة حزب الله المدعومة من ايران وسوريا حسب قوله عن معاقلها في الحدود وعززت قوة حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في جنوب لبنان. استطلاع فوري للاراء أجراه راديو اسرائيل افاد أن 69 في المئة من الرأي العام يعتقد أنه يتعين على أولمرت الاستقالة. كان حزب الله اللبناني قد اطلق أربعة الاف صاروخ على اسرائيل خلال الحرب مما أجبر مليون من السكان الى الاحتماء بالمخابيء في ضربة لاقوى جيش في الشرق الاوسط ' وأرسلت اسرائيل طائرات حربية لقصف أحياء بيروتالجنوبية حيث معاقل حزب الله. وقتل 158 اسرائيليا بينهم 117 جنديا و41 مدنيا و1200 شخص في لبنان اولمرت كان قد وصف نفسه في مقابلة مع مجلة فرنسية بانه "لا يمكن تدميره".ولكن يبدو ان التقرير الذي حمل أولمرت المسؤولية الشاملة عن قرارات الحكومة وعمليات الجيش اثار مشاعر الرأي العام ضده. وانخفضت معدلات التأييد لاولمرت الى أقل من عشرة بالمئة في استطلاعات الرأي بعد الحرب على لبنان . ردود افعال عقب صدور التقرير وفي رد فعل على تقرير فينوجراد، وفور تسرب نبأ نتائج التقرير صدرت دعوات من الأحزاب المعارضة ومن بعض أعضاء حزب كاديما الذي يتزعمه أولمرت مطالبة باستقالته. فقد دعا أعضاء بحزب العمل كلا من أولمرت وبيريتس إلى الاستقالة من منصبيهما كما فعل رئيس أركان الجيش من قبل فيما دعا داني ياتوم إلى استقالة الحكومة كاملة. كما دعا أعضاء بحزب الليكود المعارض إلى استقالة الحكومة فيما أعلن الاتحاد الوطني، (يمين متشدد) نيته عرض مشروع قانون لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. ومن جهة اليسار، أعلن زعيم حزب ميريتس يوسي بيلين أن أولمرت "لم يعد بإمكانه البقاء يوما واحدا في السلطة". وقال "إذا لم يقدم استقالته فإن المظاهرات في الشارع هي التي ستدفعه إلى الاستقالة كما حدث لجولدا مائير" رئيسة الحكومة السابقة التي أرغمت على التنحي بعد الحرب العربية-الإسرائيلية 1973. و تظاهر عشرات الإسرائيليين امام منزل رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت عقب صدور تقرير فينوجراد مطالبين باستقالة أولمرت وحكومته, ومن المقرر تنظيم مظاهرة أخرى للغرض نفسه يوم الخميس الموافق بعد غد في تل ابيب' ينظمها جنرال سابق وجنود احتياط شاركوا في الحرب وأسر جنود قتلوا في الصراع خلال الاحداث التي يتم التحقيق فيها. من جانبها امتدحت الولاياتالمتحدة أولمرت ووصفته بأنه طرف أساسي في جهود السلام مع الفلسطينيين. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو إن الرئيس جورج بوش سيواصل العمل مع أولمرت لأنه يرى فيه طرفا أساسيا للوصول إلى حل الدولتين الذي مازال بوش ملتزما به. من جانبه وصف صائب عريقات وهو مساعد كبير لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التحقيق بأنه مسألة اسرائيلية داخلية. اما فى لبنان فقد انطلقت في شوارع مدينة صور وعدة قرى فى الجنوب مسيرات لحزب الله بعد صدور تقرير لجنة التحقيق . ورفع المتظاهرون أعلاما لحزب الله وأعلاما لبنانية، وأطلقت عدد من المركبات خطابات للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله والتى كانت تبشر "بسقوط أولمرت" فضلاً عن أناشيد وأغان وطنية للحزب. كما أصدر مسؤول حزب الله في الجنوب الشيخ نبيل قاووق بياناً أعرب فيه عن إشادته بالمقاومة، وبانتصار حزب الله في حرب يوليو. وتعليقا على تقرير اللجنة الإسرائيلية، قال حسين الحاج حسن النائب عن حزب الله بالبرلمان اللبناني إنه سيخلف تداعيات على الجيش الإسرائيلي وعلى الساحة السياسية فيها. جدير بالذكر ان تقرير فينوجراد ليس هو وحده الذي يهدد مستقبل أولمرت السياسي، بل هناك تحقيقات في فساد بينها, تحقيق بشأن دوره كوزير للمالية في بيع بنك في عام 2005, والموافقة على تقديم دعم حكومي عام 2003 لمصنع يمثله أحد أصدقائه, كما يبحث المحققون أيضا في شرائه لمنزل بالقدس عام 2004 في الوقت الذي قال فيه مراقب نفقات الدولة إنه حصل عليه بخصم كبير للغاية, وقد نفى أولمرت ارتكاب أي مخالفات في كل هذه القضايا . ومن المقرر أن يصدر التقرير الكامل للجنة المؤلفة من اثنين من المحلفين وجنرالين سابقين وخبير في السياسة العامة خلال شهرين. بيد أن رئيس الوزراء قد يجد نفسه بعد أسبوعين في عين الإعصار مجددا بعد نشر إفادته وإفادتي بيريتس وحالوتس ومن ثم عند نشر التقرير النهائي للجنة فينوجراد.