اكد مختصون في صناعة العوارض الكونكريتية ان مشروع بناء جدران اسمنتية حول أحياء بغداد يستهلك جزءاً كبيراً من الموازنة الوطنية. ويرى بعض أعضاء مجلس النواب ان «الاموال الطائلة التي تنفق في عملية بناء الاسوار الكونكريتية في بعض أحياء العاصمة يمكن ان تستغل بطريقة «اكثر نفعاً». الى ذلك، اكد مصدر في وزارة الداخلية رفض كشف اسمه ل «الحياة» ان «بناء الاسوار العازلة لبعض الاحياء في بغداد لن ينهي مسلسل العنف في العاصمة». وزاد ان «الموازنة التي رصدت لذلك وهي من اموال وزارة الدفاع تكفي لتجهيز سرية عسكرية متطورة»، موضحاً ان «غالبية القطاعات الامنية التابعة لوزارت الدفاع والداخلية تفتقر الى ابسط التجهيزات الفنية بسبب نقص المبالغ المخصصة للتسليح والتجهيز فيما تستنزف مثل هذه المشاريع موازنة الوزارة ووزارات اخرى»، لافتا الى ان «التركيز على بناء قوات عسكرية مسلحة أجدى بكثير من تبذير الاموال في مشاريع لا تغير شيئاً من الواقع الذي اعتاد عليه البغداديون». واضاف: «هناك أكثر من 10 أحياء ستعزل في بغداد بعوارض كونكريتية الى جانب 40 حياً في بقية محافظات البلاد». من جانبه اكد الخبير الاقتصادي برهم علي ان «كلفة سور الاعظيمة الذي يمتد لمسافة 5 آلاف متر يبلغ اكثر من 10 ملايين دولار بالإضافة الى أجور النصب والنقل. وقال ل «الحياة»: «اذا أخذنا في الاعتبار ان هناك أكثر من سور يتم تشييده يعني ان المبلغ سيتضاعف». موضحاً ان «عشرة أسوار، بحسب الخطة الجديدة بطول 50 ألف متر ستكلف 100 مليون دولار الى جانب كلفة الاسلاك الشائكة التي ستغطي تلك الحواجز». وزاد: «انه هدر للمال العام على اعتبار ان الحاجة للحواجز ستنتهي بمجرد انتهاء خطة فرض القانون، وهذا بحد ذاته خسارة مادية كبيرة ستؤثر في الاقتصاد العراقي المنهك». وقال علاء محمد كاظم، صاحب معمل لبناء الحواجز الاسمنتية في بغداد ل «الحياة» ان «كلفة العارضة الواحدة تصل ال 1500 دولار»، وان «بيع تلك الحواجز يحصل عبر المترجمين العاملين في شركات الاعمار الاميركية داخل المنطقة الخضراء لقاء عمولات كبيرة». وزاد ان «اصحاب معامل الحواجز والارصفة يتنافسون على دفع عمولات مغرية للمترجمين لقاء الحصول على عقد واحد». ويقول محمد ناصر (مقاول) ان «اسعار الاسمنت وحديد التسليح ومستلزمات البناء الاخرى تضاعفت منذ بداية الاحتلال وبروز الحاجة الى صناعة ملايين العوارض الكونكريتية بديلا لبناء المساكن». ويحيط المنطقة الخضراء، مقر القوات الاميركية والحكومة العراقية والشركات والسفارات العاملة، سور كونكريتي يصل ارتفاعه الى خمسة امتار تم تشييده خلال عامين، وانتهى العمل به اواخر عام 2005، بالتزامن مع تشييد السفارة الاميركية. وتنتشر في شوارع بغداد آلاف العوارض الكونكريتية التي تحيط منازل المسؤولين والوزارات ومراكز الاحزاب والمدارس والمستشفيات بما يشبه خريطة اسمنتية هائلة يمكن رؤيتها بوضوح عبر صور الاقمار الإصطناعية. وقال النائب فلاح شنيشل (الكتلة الصدرية) ان «قرار بناء الجدران العازلة حول مدن الاعظيمة ومدينة الصدر وغيرها خطوة اميركية لتعزيز النعرة الطائفية بين ابناء العاصمة». واضاف ان «الاحتلال لديه سبل كثيرة لاستنزاف موازنة البلاد وبينها مشروع الاسوار الكونكريتية». موضحا ان «تلك المشاريع تستنزف غالبية الموازنة المركزية وبذلك تقع المؤسسات الحكومية في مطبات الفشل التي يتم الاعداد لها بمكر ودهاء». واضاف: «كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أوعز بالغاء فكرة بناء سور الاعظمية خلال وجوده في القاهرة لكن لم يصغ إليه احد لأن الحكومة منقوصة السيادة».