بدأ توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق مهامه الجديدة مبعوثا للجنة الرباعية الدولية (الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة« لتحقيق السلام الفلسطيني - الاسرائيلي، بزيارة تمهيدية استكشافية يستمع خلالها الى مواقف الجانبين ووجهات نظرها بشأن استئناف العملية السلمية بعد ان تهيأت الاجواء لتحريك هذه العملية وخرجت الى حيز الوجود طروحات ومقترحات ايجابية في هذا الاتجاه سواء من خلال اجتماع الرباعية الاخير في لشبونة ام تصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش قبل ذلك لعقد مؤتمر دولي للسلام في الخريف المقبل. ولا تنقص بلير المؤهلات الشخصية والثقل السياسي والقدرة على الاقناع وهي من العوامل الاساسية لنجاح اي وسيط للسلام في اي نزاع على المستوى الدولي وليس ادل على ذلك من تمكنه من حل النزاع في ايرلندا الشمالية بكل تعقيداته ومضاعفاته غير ان الفارق بين ايرلندا الشمالية وفلسطين هو ان بلير كان يتمتع بكل الصلاحيات والنفوذ الواسع كرئيس لوزراء بريطانيا احد الاطراف الثلاثة الرئيسة في النزاع. هذا في الوقت الذي تمسكت فيه الولاياتالمتحدة باحتكار ملف المفاوضات الفلسطيني - الاسرائيلي وحدت بالتالي من صلاحية بلير وحصرت مهمته في الاشراف على اقامة البنية التحتية للدولة الفلسطينية المقبلة والتأكد من حدوث الاصلاحات السياسية والامنية استعدادا للتسوية النهائية المستندة الى المفاوضات المباشرة تحت الوساطة الاميركية. ومع ان التوقعات الفلسطينية والاسرائيلية ازاء النتائج التي ستسفر عنها زيارة بلير الاولى للمنطقة محدودة نسبيا فمن المؤكد ان اهمية الزيارة تأتي من الانطباعات التي ستخلفها في الجانبين وكونها الاساس الذي ستبني عليه جهوده اللاحقة وليس من شك في ان اصراره وتصميمه على النجاح في مهمته سيكرس هذه الزيارة كبداية يأمل الجميع ان تكون موفقة لمهمته مهما كانت هذه المهمة محدودة بالاحتكار الاميركي والاشتراطات الاسرائيلية الصعبة. ولعل انحصار مهمة المبعوث الجديد في الضفة الغربية في ضوء سيطرة حركة حماس على قطاع غزة هو احد المحاذير التي يتعين عليه مواجهتها: فهناك مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في ظروف حصار خانق واوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة في القطاع، وعلى الجانب المصري من معبر رفح يتكدس الاف الفلسطينيين العالقين الذين حالت اسرائيل دون دخولهم الى غزة لحكم سيطرتها الامنية العسكرية والاتفاقية التي تنظم فتح واغلاق المعبر. وليس من المعقول او المقبول ان يعاني مواطنو القطاع الامرين او يدفعوا ثمن اخطاء حماس . والسؤال هو: هل يثار موضوع العالقين عند معبر رفح في اتصالات بلير الحالية وامكانية انهاء معاناتهم ام ستتواصل هذه المعاناة دون اي انفراج قريب؟ بلير يباشر الان جهوده في اطار المهمة التي اختارها لنفسه وكرس لها وقته والمطلوب من القوى الدولية المشاركة في عملية السلام ان تهيىء له الفرصة وتعطيه التفويض والصلاحيات لانجاح مهمته الصعبة حتى لا يضاف اسمه الى قائمة الوسطاء الذين ادى احتكار عملية السلام الى اعتزالهم لمهامهم مضطرين، وكان آخرهم مبعوث الرباعية السابق جيمس ولفنسون.