صور | الوادي الجديد تطرح مبادرة خفض الأسعار بمنافذ ثابتة ومتحركة    رئيس الوزراء يُتابع جهود تنفيذ إجراءات خفض الانبعاثات والتحول الأخضر المُستدام    إعلام عبري: جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء أصبحوا خارج قبضة حماس    بابا الفاتيكان يرحب بإنهاء الحرب فى غزة ويدعو للمضى قدما فى عملية السلام    «حسام زكي»: الموقف المصري كان له بالغ الأثر في تغيير دفة الحوار السياسي    هل يلحق عمر جابر بلقاء الزمالك أمام ديكيداها الصومالي ..مصدر يوضح    الداخلية تضبط 446 قضية مخدرات وتنفذ أكثر من 85 ألف حكما قضائيا    حملات تموينية تضبط 12 طن دقيق وتواجه التلاعب بأسعار الخبز    محافظ قنا يزور مصابي حادث أتوبيس عمال الألومنيوم    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    نائب محافظ الأقصر يشهد تدريبًا لتأهيل الشباب للعمل بقطاع السياحة والفندقة    اليوم.. بدء استيفاء نموذج الطلب الإلكتروني للمواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» (تفاصيل)    الغرف السياحية: قمة شرم الشيخ السلام رسالة قوية للعالم بالريادة المصرية    ارتفاع أسعار النفط مع بوادر تراجع حدة التوتر التجاري بين الصين وأمريكا    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    مصادر تكشف مصير 4 أعضاء ب«النواب» تم تعيينهم في «الشيوخ»    جامعة بنها: فحص 4705 شكاوى بالمنظومة الموحدة.. تفعيل نقطة اتصال جديدة لخدمة المواطنين    "هتفضل عايش في قلوبنا".. ريهام حجاج تنعى الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي    البيت الأبيض: ترامب يتابع إطلاق الرهائن من على متن الطائرة الرئاسية    عاجل- فتح: قمة شرم الشيخ خطوة مهمة لإرساء مسار سياسي لإنهاء الاحتلال وحل الدولتين    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    بتواجد أبو جريشة.. الكشف عن الجهاز الفني المساعد ل عماد النحاس في الزوراء العراقي    الدرندلي بعد فوز المنتخب: "أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي"    وزير الرياضة: دعم متكامل للمنتخب الوطني.. وما تحقق في الكرة المصرية إنجاز يستحق الفخر    وزيرا ري مصر والأردن يفتتحان الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    تباين أداء مؤشرات البورصة في بداية تداولات اليوم وسط مشتريات محلية وعربية    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    مازال البحث جاري.. مصرع تلميذة في حادث مصرف أسيوط و الحماية المدنية تكثف البحث عن المفقودين    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    إخماد ذاتي لحريق داخل محطة كهرباء ببولاق دون وقوع إصابات    تجارة السلاح كلمة السر.. تفاصيل جريمة غسل أموال ب 130 مليون جنيه    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية    أحمد فهمي الأعلى مشاهدة ب «ابن النادي»    بورسعيد أرض المواهب.. إطلاق مسابقة فنية لاكتشاف المبدعين    الليلة بمسرح السامر.. قصور الثقافة تطلق ملتقى شباب المخرجين في دورته الرابعة    آداب القاهرة تحتفل بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس قسم الدراسات اليونانية واللاتينية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    مباحثات مصرية - ألمانية لتعزيز التعاون وفرص الاستثمار في القطاع الصحي    مرور مكثف على 112 منشأة صحية ضمن خطة تطوير الرعاية الأولية بالفيوم    انتظام اللجان الخاصة بالكشف الطبي لمرشحي انتخابات مجلس النواب بالأقصر    وزارة الخارجية تهنئ السفراء المعينين في مجلس الشيوخ بقرار من فخامة رئيس الجمهورية    بعد استشهاده أمس.. ننشر نص وصية صالح الجعفراوي    مئات الإسرائيليين يتجمعون في تل أبيب ترقبا لإطلاق سراح الرهائن من غزة    موعد مباراة منتخب المغرب ضد فرنسا فى نصف نهائى كأس العالم للشباب    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    موجودة في كل بيت.. أهم الأطعمة لتقوية المناعة خلال تغير الفصول    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    فاروق جعفر: هدفنا الوصول إلى كأس العالم ونسعى لإعداد قوي للمرحلة المقبلة    صلاح وزوجته يحتفلان بالتأهل في أرضية ستاد القاهرة    البطاقة 21.. غانا تتأهل لكأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبعوث الوقت الضائع
نشر في الشعب يوم 07 - 03 - 2009


بقلم: د. أحمد مصطفى
أخيرا قام توني بلير ، مبعوث الرباعية الدولية ، بزيارة لقطاع غزة قبل توجهه الى مؤتمر اعادة اعمار غزة في شرم الشيخ بساعات. ومنذ تعيينه مبعوثا للرباعية (التي تضم اميركا وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة) قبل نحو عامين، لم يقم رئيس الوزراء البريطاني السابق بأي مهمة ذات معنى ولم ينجز شيئا على الاطلاق في منصبه الذي يكلف مئات الآلاف من الدولارات تنفق على زياراته للقدس واقامته مع مرافقيه وحراسه في أفخم الفنادق. ولان الرجل غير متفرغ للمهمة، وسط محاضراته التي يقبض في الواحدة منها ما يقارب ربع مليون دولار ومهامه كمستشار لواحد من اكبر بنوك الاستثمار العالمية، فلم يكن لديه الوقت ليخفف القيود على حاجز واحد في الضفة الغربية.
ولأن وقته الضائع الذي يعمل فيه مبعوثا للشرق الاوسط خسارة ، فقد أسس بلير شركة جديدة هي "توني بلير أسوشييتس" لتقديم المشورة والنصح للحكام. وحصل بلير على اول عقد لشركته من الكويت ليضيف الملايين الى نحو 20 مليون دولار جمعها بالفعل منذ تركه منصبه. المثير للسخرية ان شركة بلير الجديدة تنصح عملائها بشأن الحكم السليم وحسن الادارة، في الوقت الذي شهدت فيه فترة حكم بلير في بريطانيا أسوأ ممارسات في الحكم انتهت به لينفرد بالسلطة تقريبا مع مجموعة من المستشارين متجاهلا الحكومة والحزب حتى وصفه الاعلام "الرئيس بلير" لطريقته في الحكم المطلق.
وهكذا استنفد بلير معظم وقته الضائع، لكنه يظل مبعوث الرباعية لذا قرر في حركة مسرحية اعلامية ان يقوم بزيارة غزة قبل مشاركته في مؤتمر شرم الشيخ. وحظيت الزيارة بتغطية اعلامية واسعة، ونقلت وسائل الاعلام عن مبعوث الوقت الضائع تصريحات خطيرة اعرب فيها عن ان غزة عانت من دمار كبير وتحتاج الى دعم لاعادة الاعمار (أرأيتم حجم إبداع المبعوث والقيمة المضافة التي توفرها وظيفته!!!). وبالطبع كان الاعلام الغربي، والبريطاني تحديدا، اكثر توسعا في نشر اخبار المبعوث. ومن هنا اهتمامي به، ولانه ايضا ظل نحو عقد من الزمان رئيسا للحكومة ندمت على التصويت له مرة في انتخابات عامة.
القصد من تذكر توني بلير هو الاشارة الى ان ما يسمى "الرباعية" والجهود العالمية كافة لا تختلف كثيرا عن هذا الرجل وسلوكه خلال عامين من مهمته: انحياز كامل لاسرائيل وتصريحات لفظية "خيرية" تجاه الفلسطينيين والعرب. صحيح ان غزة بحاجة للمساعدات العاجلة للحد من آثار الدمار الذي خلفته المحرقة الصهيونية، وان اي جهد للمساهمة في ذلك محمود ومشكور. لكن المشكلة ان موقف اطراف الرباعية من هذا الجهد الانساني هو سياسي اولا واخيرا، وكل هدفه هو تأمين انصياع الفلسطينيين والعرب للمتطلبات السياسية والامنية الاسرائيلية في حال التفاوض على تسوية.
وهنا يمكن اعتبار بلير نموذجا، فالرباعية التي تبنت "خريطة طريق" أميركية وتعهدت بالعمل على تخفيف معاناة الفلسطينيين لم تكلف نفسها حتى احصاء وعد انتهاكات الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية وقطاع غزة. فالاستيطان لم يتوقف وهدم منازل الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وعمليات القتل والاعتقال والطرد والتشريد لا تتوقف يوميا. وجدار الفصل العنصري يتواصل تمدده في اراضي الفلسطينيين، بل واحيانا في قلب بيوتهم بينما الرباعية ومبعوثها ومعها كافة الاطراف الاخرى مشغولون بتصريحات وبيانات قوية من قبيل "الصحراء بها كميات كبيرة من الرمال" كما تمخض بلير فقال في غزة.
واذا كان ذلك حال الرباعية في ظل حكومة اسرائيلية سابقة فلا توجد صعوبة في توقع مواقفها في ظل حكومة يمينية متطرفة اكثر عنصرية وارهابا في اسرائيل. بالطبع ستتخلى الرباعية عن الخمول وعدم الفعل لتقوم بدور نشط في الضغط على الفلسطينيين والعرب كي يزيدوا من تنازلاتهم حتى يمكن جمعهم مع المتشددين الجدد في اسرائيل ضمن مفاوضات تسوية. وقد بدا ذلك واضحا بعد ساعات من تمكن مصر من انجاح مفاوضات المصالحة الداخلية الفلسطينية، اذ بدأ الامريكيون والاوروبيون يقومون بمهام صهيونية لافشال المصالحة باشتراط ان يلبي اي توافق متطلبات اسرائيل من اعتراف بها وقبول بتلقي تعليماتها فيما تسمى المفاوضات معها ووقف اي تسليح او مقاومة او حتى اعتراض على القتل والحصار والتجويع والاذلال. وفي مقابل ماذا: لا شيء سوى المزيد من الارهاب الصهيوني المغلف بالموافقة على الجلوس مع الفلسطينيين في اجتماعات احتفالية لا تسهل مرور فلاح فلسطيني من بيته الى ارضه عابر حاجز للاحتلال.
وتجد شروط الرباعية استجابة عربية طوعية، اذ ان العرب اختاروا طريق السلام والتفاوض مع العدو مهما كان تشدده ومهما كانت شروطه. ومن هنا فهم يقبلون بإعفاء الاحتلال الصهيوني من جرمه في غزة وعدم تحميله اي اعباء تعويضات (عن الدمار المادي، وليس أرواح الشهداء التي لا تقدر بكل ما تملك اسرائيل وكل اطراف الرباعية) بل واعادة بناء ما يمكنه تدميره مستقبلا في محرقة اخرى لغزة اذا لم تركع. وسيقبل العرب بتقديم المزيد من التنازلات (لست ادري ماذا بقى لديهم للتنازل عنه) حتى تتمكن الرباعية من اقناع حكومة نتنياهو بتخفيف تشددها.
وهنا تبرز بركات الشيخ بلير، الذي امضى عامين مبعوثا لدى اسرائيل يتشاور معها وربما ينصح الرئيس عباس في رام الله احيانا. ونصحه هو على طريقة شركته الجديدة التي ستحصل على عملاء جدد من بعض الحكومات العربية التي ستدفع الملايين لتسمع من الناصح بلير كيف يمكنها ان تكسب ود اسرائيل وأميركا عن طريق "تنازلات بسيطة".
كاتب صحفي عربي مقيم ببريطانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.