ويصالح شهر أكتوبر المصريين فبعد عشرة أيام فقط من حادث الواحات وبعد حالة الألم التي ملأت قلوب المصريين جميعا بعد إستشهاد 16 ضابطا وجنديا فى كمين على طريق الواحات .. لم يهدأ أبناء القوات المسلحة أو الشرطة لحظة واعرف ضباطا لم يعرف النوم إلى جفونهم طريقا .. وآخرين كانوا على إستعداد لبذل حياتهم ثمنا للثأر لزملائهم .. روح أكتوبر التي عادت إلى أبناء القوات المسلحة والشرطة هي التي أعطت لهم القوة والقدرة على الأخذ بالثأر مرتين متتاليين فى أسبوع واحد فشهد الكيلو 47 أسيوط الخارجة. بداية الثأر بقتل 12 إرهابيا فى أحد الأوكار بمزرعة بالصحراء .. مرت الواقعة وظن الهاربون فى صحراء الفيوم وخاطفوا النقيب محمد الحايس أنهم فى مأمن وأن الضباط والجنود قد إرتاحوا إلا أنهم أخذوا بالثأر ولكن هناك مجموعات أخرى كانت تسابق الزمن كي لا يستطيع الإرهابيون الهرب إلى ليبيا .. قوات جوية كانت تمسح كل الصحراء وكمائن ودوريات وقصاصي أثر يجوبون كل شبر ومدق وعشرات الضباط فى معسكر لجمع المعلومات ورصدها وتحليلها .. ظن الإرهابيون أن الليل سكن لهم وان الكهوف والدروب ستحميهم ولم يدركوا أن العيون الساهرة متابعة لحظة بلحظة .. حتى كانت لحظة الوثوب إلى الهدف فلم يستطيعوا الهرب وتمكن الأبطال من الصاعقة المصرية من العودة بإبن الشرطة النقيب الحايس ليتم نقله إلى مستشفى القوات المسلحة .. فى الأسبوع الماضي فى نفس المكان كتبت أن الدرس قاس .. نعم كان من أقسى الدروس التي تلقتها الشرطة على مر العام الماضي وخسرت فيه 16 وجنديا من جهاز الأمن الوطني وقوات العمليات الخاصة .. الخطأ كان معلوماتيا ، وأدركت ذلك القيادة السياسية وكان لابد من تغيير فى القيادات والسياسات وثم ذلك بعد تحقيق وكانت الرسالة أن من يخطئ سيعاقب وأن الخطأ ليس فقط خطأ مقصودا ولكن آيا كان الخطأ فلابد من العقاب وليس هناك مجال لحسن النية أو الرغبة فى تحقيق نجاح .. ثم الحساب سريعا وأيضا تم وضع خطط التحرك وكان الدرس مفيدا فلابد من توافر المعلومات أولا ثم التدقيق فيها ودراستها وبعدها يتم إصدار القرار .. والأهم قبل ذلك هو التعاون الكامل بين الجميع فالهدف واحد ، ولذا فلابد أن يكون فريق العمل واحد .. هناك من يجمع المعلومات وهناك من يدرس هذه المعلومات ويحللها وهناك من يأخذ القرار وهناك فريق متكامل أخر يعمل فى الجو وعلى الأرض لذلك تم النجاح .. كان الدرس قاس .. والثمن كان غال .. ولم يتأخر الثأر وجاء فى أخر أيام شهر أكتوبر شهر الإنتصارات الذي أبى قبل نهايته ألا يترك المصريون وقلوبهم بها لفتة .. وكانت صورة النقيب الحايس وهو وسط أفراد الصاعقة المصرية رسالة مهمة الى الجميع .. الأبطال لن يتركون زميلا لهم وسط الإرهابيين سيعودون به إلى أحضان أهله معافا سليما .. رسالة إلى أبناء الشرطة .. أخوتكم فى القوات المسلحة معكم فى كل لحظة .. انطلق .. دافع . لا تقلق لن يخذلك أخوة لك ولن يتخلى عنك شعب يحبك ويعرف ويقدر تضحياتكم .. وكانت صور جثث قتلى الإرهابيين فى أسيوط وفى غرب الفيوم رسالة لهؤلاء الذين يحاولون القدوم من ليبيا أو من أي مكان هذا هو مصيركم .. تذكروا ذلك وتأكدوا أمنه جيدا .. أبناء مصر لن يسمحوا لك بتدنيس ترابها ورمالها سواء كان منكم عاق لأمه وخائن لوطنه أو مأجور أتى من أي مكان ودفعوا له الملايين وغسلوا مخه وملأوا قلبه بالعداء لمصر .. كان الدرس قاس .. والثمن غال والثأر قدم وما تحقق ليس إلا جزء من ثأر سيستمر حتى القضاء على أخر ارهابى .. وحقق الوصول إلى الإرهابيين فى صحراء الفيوم هدفه الأول وهو الثأر وتحرير الضابط المفقود .. ثم تأتى ملامح أخرى لابد من دراستها وهى ليست بعيدة عن صانعي القرار .. الخطر القادم من ليبيا لن يكون الأخير فهناك آلاف آخرين تم إعدادهم وتدريبهم والدفع بهم الى ليبيا بعد هروبهم من العراقوسوريا .. وهناك مكمن الخطر هؤلاء ليسوا عصابات أو أفراد من حسم أو الأخوان ولكنهم مقاتلين مدربين تم إعدادهم بملايين الدولارات ومدهم بأحدث الأسلحة وأحد الأدلة لقد تم تدريب ما يفوق 1200 عربة دفع رباعي مجهزة ومحملة بأسلحة حديثة وثقيلة وهذا ما يعنى تكلفة توازى مليارات وليست ملايين فقط مما يؤكد أن وراء الإرهاب دول غنية تدفع بلا تردد .. دفعوا المليارات فى سوريا وفى العراق وفى النهاية تتحرر العراق وتلحق بها سوريا فانتقلوا إلى النقطة الأقرب لمصر وهى ليست ليبيا ولكنها أفريقيا خاصة تشادوالصومال والسودان ومهد لهم ذلك وجود جماعات شباب المجاهدين فى الصومال وبوكو حرام فى نيجيريا وجماعات متطرفة فى تشاد والمرابطين فى الشمال الأفريقى هذه الجماعات تتوحد حاليا لتحاول الوصول الى الصحراء المصرية الغربية عبر حدود تصل الى أكثر من الف و200 كيلو متر ولها طبيعة صحراوية واذا كانت القوات المسلحة تقوم بدورها وهو الأهم لحماية الحدود والدفاع عنها واذا كانت قد أخذت استعداداتها بتطوير الجيوش والقوات البحرية والجوية فان هناك أدوارا أخرى يجب أن تقوم بها الدولة وهى العودة وبقوة إلى أفريقيا ففي الصومال حيث تتواجد ميلشيات شباب المجاهدين أو شباب الصومال يجب أن ننتبه بقوة إلى التواجد القطري والتركي و الإيرانى .. فأي أجنبى هناك ينادوه بالتركي وقد نجحت تركيا فى بناء المستشفيات التي يعمل بها أطباء اتراك يكتبون أدوية تركية لإغلاق سوق الصومال أمام الأدوية المصرية .. والمطارات هناك يتم إدارتها بخبراء أتراك وكذا شركات الأمن وشركات الكهرباء وقطر تمول وإيران تخطط .. هذه الدولة يجب أن توجه اليها الرعاية فى كل المجالات وأيضا الإستثمار فيها عبر كل الطرق .. الصومال أحد المناطق التي تستهدفها قوى الإرهاب لتنطلق منها نحو مصر وهى دولة ذات موقع مهم مطلوب أن ننتبه اليه واذا كانت أجهزة سيادية مصرية قد بدأت بالفعل عملا مهما هناك فان الدولة ممثلة فى وزارات الثقافة والتعليم والصحة والإستثمار يجب أن تتواصل جميعا مع أبناء الصومال الذين يحبون مصر ويقدرونها وان تصل إليهم قبل أن تصل أليهم ايادى دول الإرهاب .. السودان أيضا وتشاد هم وجهة الإرهابيين للوصول إلى مصر ويجب علينا قطع كل الطرق على دول الإرهاب من التواجد هناك .. أما ليبيا فواثق ان الملف الليبي فى ايدى أمينة ستواصل الجهد وتبذل أكثر فى سبيل علاج هذا الملف الخطير والذى يمثل إغلاقه أهم طرق القضاء على الإرهاب الذي نواجهه والملف الليبي ملئ بالصعوبات وتضع أجهزة مخابرات تركيا وامريكا وإسرائيل وقطر ودول أخرى يدها عليه محاولين تقليص الدور المصري ولكن الثقة التي تعودنا أن نضعها فى صقورنا ستمنعهم وسنتمكن من السيطرة على الملف الأصعب وسنغلقه قريبا بالتعاون مع القوات الوطنية الليبية .. العمل الجاد والمتكامل وبطولات الرجال وبذل كل الجهد هذه سمات المرحلة فى التعامل مع الملفات الصعبة التي بإغلاقها سنتمكن من إغلاق ملف الإرهاب .. نستطيع نعم وسيفعلها الصقور كما عودونا دائما ..