فى اعتراف مذهل من جانب إدارة الرئيس باراك أوباما اعلن البيت الابيض أنه لا يمكنه السيطرة على الأحداث في الشرق الأوسط و وفقا لصحيفة نيويورك تايمزاعترفت الادارة" بان بعض الأشياء في المنطقة " [تقع] خارج نطاق تناولها " وأنه تم اعتماد " استراتيجية أكثر تواضعا " بالنسبة للتحرك فى المنطقة و مازال هذا غيركافيا وهناك الكثيرمما يجب القيام به لانتشال الولاياتالمتحدة من الأزمة الإقليمية التي ساعدت على خلقها بنفسها من خلال غزو العراق ودعم حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل واختيار جانب المواجهة مع إيران وإثارة الحرب الأهلية في سوريا. كان الرئيس اوباما خلال كلمته في الأممالمتحدة الشهر الماضي، قد حدد مجموعة جديدة من ألاولويات التى ستتبناها واشنطن فى الفترة المقبلة ، حيث أعلن انه سيركز على التفاوض على اتفاق نووي مع إيران، وتشجيع مفاوضات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين والتخفيف من التدخل بالنزاع في سوريا.. و غير هذا من القضايا سيتراجع للصفوف الخلفية من قائمة الاهتمامات الامريكية . وبتاريخ 26 اكتوبر نشرت النيويورك تايمز خبر بانه كل صباح يوم السبت في شهري يوليو وأغسطس، كانت سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي الجديدة للرئيس أوباما، تجتمع بمساعديها في مكتبها بالبيت الأبيض فى محاولة لاستعراض السياسات المناسبة لرسم مستقبل أميركا في الشرق الأوسط. وهو نوع من تصحيح المسار، وايجاد عنوان جديد لسياسات الولاياتالمتحدة في المنطقة الأكثر اضطرابا في العالم. وفى مقابلة مع النيويورك تايمز الأسبوع الماضي ، قالت سوزان رايس، ان النقاشات الدائرة الان تقوم على كيفية تجنب ابتلاع الأحداث التى تندلع في الشرق الأوسط لأجنده السياسة الخارجية الامريكية ، كما حدث بالفعل فى عهود الرؤساء السابقين .. و قالت رايس " نحن لا يمكن أن نقضى 24 ساعة طوال ايام الاسبوع فى تناول قضايا منطقة واحدة فى العالم ، لذ اصبح يعتقد أنه يجب اتخاذ خطوة الى الوراء وإعادة تقييم الموقف الحالى ". وكانت هناك عدة اسئلة اساسية امام فريق السيدة رايس للاجابة عليها ، وهى : ما هي المصالح الأساسية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟ وكيف أثرت الاضطرابات في العالم العربي على موقف أميركا ؟ وما يمكن أن يامله أوباما و قابل للتحقق واقعيا ؟ وما يكمن خارج متناول يده وكان الجواب هو ضرورة اتباع نهجا و سياسات أكثر تواضعا لوقف نزيف الخسائرالامريكية الا ان انتهاج سياسات متواضعة يضع فى الوقت ذاته قيودا على المشاركة ويثير الشكوك حول ما إذا كان أوباما قادر على استخدام القوة العسكرية في المنطقة التى تعصف بها الصراعات. والأخبار الجيدة أنه يبدو أن البيت الأبيض قد قرر رسميا تجنب السياسات العدوانية والسعي على غرارجورج بوش لدعم الديمقراطية الإقليمية ووضع حد نهائى وإلى الأبد لسياسة صنع الحرب من جانب واحد التى هيمنت على سياسات عهد الرئيس بوش بالنسبة للشرق الأوسط. وعليه فان المخطط الذى يناقش الان فى اروقة البيت الابيض هو كيفية تجنب استخدام القوة، و قصر استخدامها إلا فى حالات الرد على أعمال العدوان ضد الولاياتالمتحدة أو حلفائها، او انقطاع إمدادات النفط، ومع شبكات إرهابية أو أسلحة الدمار الشامل. ويبدو انه لا يوجد سبب للتشكيك في صدق النوايا الامريكية ازاء هذا التراجع عن هذه السياسة خاصة مع قرارالرئيس أوباما الذى اتخذه بعدم الاقدام على ضرب سوريا بصواريخ كروز توماهوك وغيرها من الذخائرحيث كان هذا العمل العسكرى سيندرج بالتأكيد في فئة صنع الحرب من جانب واحد، وبدلا هذا قررت الادارة الامريكية بذل الكل الجهد فى مجال الدبلوماسية و المشاركة فى اعداد مؤتمر جنيف للسلام فى سوريا . و يقول شاس فريمان الذى كان اوباما قد عينه رئيسا لوحدة تحليل أجهزة الاستخبارات الأميركية في عام 2009 " يجب أن نعترف بحقيقة أن لم يعد لدينا أو يمكن أن نتوقع أن يكون لنا مثل ما كان لدينا من نفوذ فعلى في هذه المنطقة.. والمعنى الضمني العملي لهذا هو أننا يجب أن تتعاون مع الآخرين ومع المنافسين الاستراتيجين، فضلا عن البلدان التي لنا معها تحالفت في سياقات أخرى، ومن أجل خدمة مصالح شركائنا الإقليميين" ويؤكد فريمان ان الولاياتالمتحدة بحاجة الان إلى إعادة اكتشاف الدبلوماسية بعيدا وبشكل جذري عن النزعة العسكرية التي سبق انتهاجها و مايرتبط بها من مفاهيم ذات الصلة مثل "الدبلوماسية القسرية" من خلال فرض العقوبات ويجب ان تكون هذه الدبلوماسية مثل الإدارة الناجحة للعلاقات بين الأشخاص والتي تشجع على الاعتراف بالمصالح المشتركة والتى بالتالى تكون اكثر ايجابية فى مجالات تحفيز حسن السير والسلوك باقناع الاطراف الاخرى ان الاهداف يمكن تحقيقها عن طريق القيام بألاشياء على طريقنا، وأنه في مصلحتها تغيير سياساتها وممارساتها للقيام بذلك وهو ما بدا يحدث الان على ارض الواقع مع بدء المحادثات المباشرة مع ايران من اجل برنامجها النووى المثير للجدل كذلك مشاركة واشنطن فى التوصل إلى حل دبلوماسي في سوريا عن طريق مؤتمر جنيف. والجهود التى تبذل من اجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين إسرائيل وفلسطين.