تركيا على وشك فتح فصل جديد في عالم السفر والسياحة والنقل العالمي ، حيث كشفت حكومة أنقرة الثلاثاء النقاب عن مشروع عملاق بتكلفة ثلاثة مليارات دولار ، لإقامة نفق للسكك الحديدية تحت مضيق البوسفور الذي سيربط جانبي مدينة اسطنبول الأوروبي والآسيوي، ويربط بين قارتى آسيا وأوروبا .. ويُعوَّل عليه كثيرا في تنشيط التجارة الدولية بين القارتين دون عائق بحري وتخفيف الضغط على الجسريْن الحالييْن العابريْن لمضيق البوسفور و ينقلان نحو 1.5 مليون من البشر، إضافة إلى مختلف السلع القادمة عبْره من الصين إلى أوروبا مباشرة. النفق ستبلغ مسافته نحو 13.6 كم (8.5 ميلا)، و سيكون عبارة عن أنبوب ضخم بطول 1.4 كيلومتر تحت قاع البحر بنحو 60 مترا (حوالي 200 قدم) ليكون بذلك أعمق نفق من هذا النوع في العالم ، وسيمر النفق تحت مضيق البوسفور الرابط بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ويقسم إسطنبول إلى شقين آسيوي وأوروبي . ومشروع النفق هو جزء من مشروع اكبر لترقية السكك الحديدية الرئيسية بين اسطنبول - مرمرة والذى سيتضمن مد المزيد من خطوط شبكة قطارات الضواحي القائمة بمد الخط الذي يربط بين القارتين نحو 76 كيلومترا (47 ميلا). ويأتى تدشين هذا المشروع الطموح ليتزامن مع احتفالات الاتراك اليوم بالذكرى 90 لتأسيس الجمهورية التركية الحديثة.. و قد أعلن وزير النقل بينالي يلديريم ان مشروع النفق هو أيضا تحقيق لحلم عمره القرن ونصف القرن من الزمان حينما راودت فكرة ربط قارتى اسيا و أوربا السلطان العثماني عبد المجيد في عام 1860 ولكن التقنية و المعدات المتاحة في ذلك الوقت لم تكن جيدة بما يكفي لتنفيذ هذا المشروع.. و قد نمت الرغبة بقوة في بناء نفق تحت البحر خلال فترة الثمانينيات من القرن العشرين، بعد ان أثبتت الدراسات أن مثل هذا النفق سيكون مجديا وفعالا من حيث التكلفة و العائد الاقتصادى. وقد أقر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الرئيس السابق لبلدية اسطنبول، خطة حفر النفق في عام 2004 باعتباره واحدا من مشاريع البناء الضخمة التى وضعها ضمن مشروع تطوير المدينة ، والذى كان يضم كذلك بناء مطار ثالث، وجسر ثالث عبر البوسفور الممر المائي الدولي لتخفيف حركة المرور. وقد كانت طموحات اردوغان العمرانية الهائلة وراء الاحتجاجات المناهضة للحكومة والتي اجتاحت البلاد في يونيو الماضى مع سكان المدينة الصاخبة التى يقطنها نحو 16 مليون شخص ، و قد ثارت الاحتجاجات نتيجة السخط على خطط التنمية الحضرية لرئيس الوزراء و التى كان من بينها وتدمير مساحات خضراء بتحويل حديقة " جيزى" الشهيرة بوسط المدينة لمول تجارى ضخم . وكانت حكومة أردوغان التى وصفت اقامة النفق الحيوى بانه "مشروع القرن" قد خططت لبدء تنفيذه عام 2004 وكان من المقرر أن يستغرق أربع سنوات لكنه تأجل بعد سلسلة من الاكتشافات الأثرية الكبرى.. حيث تم انتشال اكثر من 40،000 قطعة اثرية من موقع الحفر، الذى كشف عن مقبرة لأسطول يضم نحو 30 سفينة بيزنطية من القرون الوسطى . و قد أدت الاكتشافات لتأجيل المشروع الضخم واصيب اردوغان بالاحباط حيث طغت اهمية الاثار على خططه للتطوير العمرانى في اسطنبول.. خاصة وان النقل هو المشكلة الرئيسية للمدينة ، نظرا لان كل يوم يعبر مليوني شخص مضيق البوسفور عبر اثنين من الجسور المزدحمة عادة. و الآن و بعد تسع سنوات أعطى أردوغان الضوء الأخضر لبدء المرحلة الأولى من مشروع نفق مرمرة المقرر ان يستغرق أربع سنوات و يضم ايضا حفر انفاق أرضية بطول 12.2كم لربط المحطات الثلاث التي تشكل المرحلة الأولى من المشروع الذى يعد بنك اليابان للتعاون الدولي هو الممول الرئيسي له حيث يساهم بنحو(35 في المائة) من نفقات المشروع و بما يقدر بنحو 735 مليون يورو (1 مليار دولار).