ربما يكون قادة المملكة العربية السعودية وإيران تعهدوا في القمة الأخيرة بمحاربة الصراع الطائفيِ في المنطقة ولكن حجم التنافس فيما بينهما يعني أنه من المستبعد حل الأزمة في كل من العراق ولبنان. لاسيا أن العنف في العراق والأزمة في لبنان والأزمة التي سببها الطموح النووي الإيراني تصدرتجدول أعمال الاجتماع الذي عقد في الأسبوع الماضي بين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد فإن المحللين لا يرون دلالة تذكر على وجود تعاون. وقال دبلوماسي غربي «لا توجد مصالح قوية مشتركة من شأنها جعل الرياض راغبة في صورة كبيرة في مساعدة نظام هو في حد ذاته لا يتعاطف مع الأنظمة الملكية العربية». ومضى يقول «هذا يستحضر سؤالاً كيف يمكنهم مساعدة العراق ولبنان في التغلب على مسائل تمثل محور خلافاتهما. إنهم يضعون الحصان أمام العربة». وفي حين أن السعودية حليف رئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط فإن إيران من أعدى أعداء واشنطن في المنطقة. وترى دول الخليج العربية أن هذه الزيارة محاولة من إيران للحصول على دعم حليف رئيسي للولايات المتحدة في مواجهة الضغوط الدولية بسبب طموحها النووي. وقال المحلل مصطفى العاني من مركز بحوث الخليج ومقره دبي إنه لا يعتقد أن هذه الزيارة طمأنت الرياض بشأن نوايا طهران. ومضى يقول «لا أعتقد أن هذا سيحدث. على إيران أولاً أن تغير سلوكها في المنطقة، والتخلي عن سياسات التدخل في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية». وفي أولى تصريحات لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل بعد زيارة أحمدي نجاد قال لنظرائه في دول الخليج إن البرنامج النووي الإيراني يمثل عبئاً إضافياً على المنطقة. وفي دلالة على عدم وجود اتفاق بينهما فقد نفت الحكومة الإيرانية عقب مغادرة أحمدي نجاد للرياض تقارير من وسائل إعلام سعودية رسمية بأنه أبدى تأييده لمبادرة السلام العربية، ولم تنقل الصحف السعودية النفي الإيراني. وقالت الكاتبة السعودية والمحللة السياسية مي يماني المقيمة في لندن إن التأثير القوي للمؤسسات الدينية في كلا البلدين هو أكبر عائق يحول دون إحراز تقدم في التخفيف من التوترات بين السنة والشيعة. وقالت «على إيران والسعودية القيام بترتيب البيت من الداخل قبل السعي لمساعدة الآخرين، كان الاجتماع استعراضياً». وأدت الهجمات التي تشنها فرق الموت من قتل في العراق والأزمة السياسية في لبنان التي تقسم الأطراف إلى مخاوف من تفجر فتنة طائفية في الشرق الأوسط. وتخشى الرياض أن ينتقل العنف في العراق عبر الحدود ليصل إليها. وأصبح شيعة السعودية في الآونة الأخيرة أكثر صراحة نظراً لتشجعهم بعد زيادة سطوة الشيعة في العراق والمقاومة الشديدة التي لاقتها «إسرائيل» في مواجهة حزب الله خلال الحرب الأخيرة. وأدت الإطاحة بصدام حسين للحد من نفوذ إيران إلى وجود ائتلاف حاكم في العراق يهيمن عليه الشيعة. وقال الدبلوماسي الغربي إن السعودية غير قادرة على السيطرة على المسلحين السنة في العراق إذ إن بعضاً منهم يضم مقاتلين من «القاعدة»، كما أن نفوذها على الائتلاف الحكومي الفضفاض في لبنان هو مثار تساؤل أيضاً من دون دعم من فرنسا والولايات المتحدة. وعزز شيعة العراق من قوتهم وأدى القتال الذي اندلع بين المسلحين السنة وميليشيات عراقية إلى دفع البلاد إلى شفا الحرب الأهلية. ومضى الدبلوماسي الغربي يقول ان «السؤال لا يتعلق بما يمكن للسعودية أن تفعله للسيطرة على السنة الآن بقدر ما يتعلق بحجم الدعم الذي يمكن أن تقدمه لهم ما لم تتم السيطرة على المسألة الطائفية سريعاً».