عندما انتخب نيكولا ساركوزي رئيسا للجمهورية الفرنسية ظن الجميع، او الاكثرية الساحقة من المراقبين ان العالم العربي وقضاياه باتا من أيتام الديجولية مع خروج الرئيس جاك شيراك في قصر الاليزيه. فساركوزي المرشح حديث لاسرائيل، وحليف للولايات المتحدة الى درجة انه انتقد مواقف سلفه في الحرب الاميركية ضد العراق وأخذ على شيراك انه هدد باستخدام الفيتو الفرنسي ضد مشروع القرار الأميركي عام 2003 للحيلولة دون اعطاء شرعية للاحتلال الاميركي لبلاد الرافدين. وزادت المخاوف مع اختيار الرئيس الجديد برنار كوشنير وزيرا للخارجية فسمعة الأخير كصديق لاسرائيل لا غبار عليها ولم تمض اسابيع على تشكيل الحكومة الأولى في عهد ساركوزي حتى جاءت المواقف الفرنسية متتالية بالنسبة لقضايا الشرق الاوسط، لتجعل من باريس عاصمة عربية بحق خلال الأيام القليلة المقبلة. فقد وجه ساركوزي دعوة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس لزيارته. وكان يفترض ان تتم هذه الزيارة يوم الاثنين لكن التطورات الفلسطينية الداخلية حالت دونها وجاء الموقف الفرنسي من الاقتتال الداخلي الفلسطيني بين حركتي حماس وفتح يشير الى ان الغرب يتحمل جزءا من اضعاف عباس والانقسام الرهيب المحتكم للسلاح بسبب رفض الغرب التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. حل سياسي للفلسطينيين : وتدفع باريس باتجاه استئناف المساعدات المباشرة للسلطة الفلسطينية وتطالب بحل سياسي للأزمة الداخلية بين اخوة السلاح وبحل للمشكلة الاساسية التي ولدت الاقتتال الداخلي، اي بقيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة وبانهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية من خلال اعادة اطلاق المفاوضات علما بأن باريس تدعم الرئيس محمود عباس.. وستؤكد على موقفها هذا خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في لكسمبورغ، وايضا لدى استقبالها لوزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني في الرابع من الشهر المقبل. باريس قبل واشنطن : وكانت الدبلوماسية الفرنسية تود استقبال عباس قبلها وذلك في اشارة الى الأهمية التي توليها للقضية الفلسطينية، التي ستكون موضع بحث بين الرئيس الفرنسي والعاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز يوم الخميس المقبل فقد حرص الملك السعودي على لقاء الرئيس الجديد، علما بانه لم يقم بزيارة واشنطن منذ تسلمه لمهامه. وتشدد الأوساط الفرنسية على اهمية ونوعية الحوار الوثيق السعودي الفرنسي. وخاصة تجاه لبنان، ومن هنا كان توجه كلود كوسران الى المغرب للقاء وزير الخارجية السعودي لاطلاعه على التحضيرات الجارية للاجتماع غير الرسمي للقوى السياسية اللبنانية في باريس. نشاط فرنسي نحو المنطقة وتنشط الدبلوماسية الفرنسية باتجاه عواصم المنطقة بما فيها طهران وباستثناء دمشقوالعواصم العالمية لتسهيل الحوار اللبناني - اللبناني عله يكون بداية المخرج من الأزمة السياسية اللبنانية. وسيستقبل ساركوزي رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة في السادس والعشرين من الشهر الجاري ليؤكد تضامنه مع لبنان والحكومة اللبنانية بعد اغتيال النائب وليد عيدو. وفي الفترة ذاتها، ستحتضن العاصمة الفرنسية المؤتمر الوزاري الدولي حول دارفور. استمرار الديجولية : وكان وزير الخارجية الفرنسي قد زار تشاد والسودان في اطار المساعي الفرنسية لحل الأزمة الإنسانية للاجئي دارفور وشرق تشاد ولحل أزمة دارفور ويقول مصدر فرنسي ان الأسابيع الأولى للنشاط الدبلوماسي الفرنسي تبدد المخاوف من الا يكون ساركوزي استمرارية للسياسة الديغولية تجاه منطقة الشرق الاوسط، فإضافة الى كل ما ورد في الرزنامة المكثفة التي ستشهدها باريس حول المنطقة سيستقبل الرئيس الفرنسي في مطلع الشهر المقبل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح.