ان السؤال الدارج اليوم بين المصريين..هل انت من مؤيدى الاخوان و الرئيس مرسى ؟ ام انت مؤيد لتمرد و ثورة 30 يونيو؟ بصرف النظر عن اجابتك عن هذا التساؤل الذى يحدده اتجاهك او ميولك السياسية او افكارك الثورية او افكارك المؤيدة للاستقرار..وبعيدا عن اداء الرئيس مرسى و حكومته ودون التطرق لنجاح الرئيس او فشله خلال العام الاول المنصرم من فترته الرئاسية .. يجب ان يكون السؤال الان الذى يشغل ذهن العقلاء بين المصريين هو..هل تحتاج مصر لثورة ثانية بعد نحو سنتين من ثورة شعبية اطاحت بالنظام السابق؟ بالطبع سيكون هناك انقسام بين مؤيد لثورة ثانية و اخر رافض لها و لكل منهم اسبابه ودوافعه و لكن سيكون هناك ايضا قسم من الشعب المصرى يؤيد الرئيس وحكومته بينما القسم الاعظم من الشعب لا يعنيه مايحدث و كل ما يهمه ثلاثة اشياء فقط و هى الامن و امان اسرته و العدالة و قوت يومه.. لكن بالعودة للمؤيد والرافض للثورة الثانية،فى المجمل و بدون قصد قد يكون هناك اتفاق مستتر بين الجانبين على امر واحد وهو رفض الرئيس و جماعة الاخوان ولكن لاسباب مختلفة فى الوقت الذى يمكن فيه تحقيق مايريدون دون الحاجة لمثل هذه الثورة التى قد تحمل معها مزيد من الفوضى والارباك للوطن . من يريدون القيام بهذه الثورة والداعين لها،يعلنون انهم يريدون تنحى او عزل الرئيس مرسى او رضوخه لاجراء انتخابات رئاسية مبكرة ويعللون هذا بانه ليس بالامر الغريب بالنسبة للديمقراطيات القائمة فى العالم و قد حدث هذا مرارا فى ايطاليا و بلجيكا بل يضربون المثل الاعظم بالارجنتين التى غيرت ثلاث رؤساء فى عامين. و الغريب ان هؤلاء حينما يبرزون تعليلهم هذا و يدللون عليه بامثله الانتخابات المبكرة فى مثل هذه الدول لا يدرون او لا يريدون الاعتراف بان هناك واقع سياسى مختلف يختلف من دولة لاخرى وفقا لنظامها السياسى و وفقا لظروفها السياسية و نظمها الحزبية و ليس مصطلح الانتخابات المبكرة كما يطلق عليه Snap election فى الديمقراطيات الحديثة ، مصطلح مفرغ يطلق على عوانيه و لكن هناك شروط و اسس يجب توافرها لتحقيقه و غالبا ما تتحق فى الدول ذات النظام السياسى البرلمانى و على راس الحالات التى يتم الدعوة فيها لانتخابات مبكرة ، فقدان رئيس الحكومة او الرئيس لثقة البرلمان او فشله فى تمرير قرار مصيرى بالبرلمان او فقدان الائتلاف الحاكم لقوته وتماسكه فينهار .. وهنا لا يوجد مفر من الدعوة لانتخابات مبكرة و عادة يكون غرضها الاساسى محاولة الحزب الحاكم اعادة السيطرة على البرلمان و الحكومة عبر نيل الاغلبية . و لايوجد انتخابات مبكرة بدون وجود برلمان ..فالبرلمانات تلجأ الى الانتخابات المبكرة كحل لتجاوز حالة الفشل الحكومي او الاختناق السياسي الذي قد يعاني منه النظام السياسي نتيجة لتعثر أداء الحكومة وتلكؤها في تحقيق برنامجها الانتخابي ، فتأتي الانتخابات المبكرة كعلاج لمعضلة الاداء السئ والمتعثر لمثل هذه الحكومات. و يجب ان يعلم هؤلاء انه لايوجد حاكم على هذه الارض منذ بدء الديمقراطيات الحديثة قام بالدعوة الى انتخابات مبكرة الا وكان مجبرا على هذا سواء بسب الاضطرابات الشعبية او بسب فقدان الثقة و الاغلبية البرلمانية ..كذلك لم يتم الدعوة لانتخابات مبكرة ابدا فى ظل حكم يفتقد وجود مجلس تشريعى منتخب يضغط على الحاكم للدعوة الى انتخابات مبكرة. وهنا يواجهه الداعين للانتخابات المبكرة حجر عثرة وهو انه لا يوجد برلمان منتخب الان فى مصر يمكنه ان يدعو الى انتخابات مبكرة، فيزعمون ان الشرعية تعود الى الشعب مرة اخرى وهو الذى يقرر..نقف قليلا هنا للحديث عن الشرعية، ولا يمكن الحديث عن الشرعية الا بتصنيفها شرعية دستورية واخرى ثورية... الثورية التى يزعم الكثيرون الان انهم يلجئون اليها فى حساب الدول الديمقراطية تكون منتهية الصلاحية طالما تم اعداد دستور للبلاد وتم الاستفتاء عليه وهنا تصبح الشرعية دستورية اى ان ادارة امور الدولة ومواطنيها تتم وفقا لاليات الدستور واحكامه. لذا نعود مرة اخرى لهؤلاء الذين يرفضون الثورة الثانية لكنهم ايضا يرفضون الرئيس وسياساته وسيطرة الاخوان،ولديهم مايبرر موقفهم الرافض و غير الداعم لاندلاع ثورة ثانية ،وهؤلاء هم من يرون ان الشعب ارتضى بالديمقراطية واحكامها لذا يجب ان يرضح لالياتها و سيناريوهات تبادل السلطة التى اقرها الدستور. ويرى هؤلاء ان الدستور الذى اقر الديمقراطية نظام سياسى للبلاد وضع اليات لتداول السلطة وعزل الرئيس ويجب اتباعها، ومن يريد ان يتخلص من الرئيس مرسى وحكم جماعة الاخوان ان ينخرط فى العملية السياسية لتحقيق هذا الامر عبر صندوق الانتخاب وهو الفيصل فى تحديد ارادة الشعب وتحديد هوية من يحكمه. لذا يرى هؤلاء ان الراغبين فى ان يحلوا محل الاخوان فى حكم الشعب المصرى يجب عليهم ان يكونوا جزء من الحل و ليس جزء من المشكلة..والحل هو حل واحد وحيد فى ظل الظروف القائمة الان فى مصر وليس امامهم سوى الانتخابات البرلمانية القادمة ليحصلوا على الاغلبية التى تمكنهم من تشكيل الحكومة و ادارة البلاد و ان ارادوا عزل االرئيس من منصبه وفقا للشروط التى حددها الدستور لهذا الاجراء. وبعيدا عن الرافضين للثورة الثانية و المؤيدين لها، هناك القسم الاعظم من الشعب الذى لا يعنيه هذا فى شىء ويرى ان الاستقرار هو العنصر الاهم لما يحمله من امن وضمان وهو الوسيلة لتحقيق النمو الاقتصادى والاجتماعى وتحقيق اهداف الثورة عيش–حرية– عدالة اجتماعية.